وهذا التفريق مهم من أجل إنزال الناس منازلهم ، ومن أجل الرجوع إلى العلماء عند الفتن ، ومن يتشبه بالعلماء قد يسعى لقطع الطريق الموصل إلى العلماء ، ولا تجد عصرا من العصور إلا وهم يشتكون من الصنف المتعالم ، وإليك بعض النقولات عن بعض أهل العلم:
قال الإمام الذهبي رحمه الله في "سير أعلام النبلاء" 7/152-153: (كان السلف يطلبون العلم فنبلوا وصاروا أئمة يُقتدى بهم وطلبه قوم منهم لا لله وحصلوه ثم استفاقوا وحاسبوا أنفسهم فجرهم العلم إلى الإخلاص في أثناء الطريق… وقوم طلبوه بنية فاسدة لأجل الدنيا وليثنى عليهم فلهم ما نووا… وقوم نالوا العلم وولوا به المناصب، فظلموا وتركوا التقيد بالعلم وركبوا الكبائر والفواحش فتبا لهم فما هؤلاء بعلماء وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل وأفتى بالرخص وروى الشاذ من الأخبار، وبعضهم اجترأ على الله ووضع الأحاديث، فهتكه الله وذهب علمه وصار زاده إلى النار, وهؤلاء الأقزام كلهم رووا من العلم شيئا كبيرا وتضلعوا منه في الجملة، فخلف من بعدهم خلف بان نقصهم في العلم والعمل وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير أوهموا به أنهم علماء فضلاء ولم يدر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله، لأنهم ما رأوا شيخا يقتدى به في العلم فصاروا همجا رعاعا غاية المدرس منهم أن يحصل كتبا مثمَّنة يخزنها وينظر فيها يوما ما فيصحف ما يورده ولا يقرره فنسأل الله النجاة والعفو).
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في "البدر الطالع" (1/472) في ترجمة علي بن قاسم حنش : (ومن محاسن كلامه الذي سمعته منه : الناس على طبقات ثلاث:
فالطبقة العليا ، العلماء الأكابر وهم يعرفون الحق والباطل وإن اختلفوا لم ينشأ عن اختلافهم الفتن ، لعلمهم بما عند بعضهم بعضا.
والطبقة السافلة : عاملة على الفطرة لا ينفرون عن الحق وهم أتباع من يقتدون به إن كان محقا كانوا مثله ، وإن كان مبطلا كانوا كذلك.
والطبقة المتوسطة: هي منشأ الشر وأصل الفتن الناشئة في الدين ، وهم الذين لم يمعنوا في العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة الأولى ، ولا تركوه حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة ، فإنهم إذا رأوا أحدا من أهل الطبقة العليا يقول ما لا يعرفونه مما يخالف عقائدهم التي أوقعهم فيها القصور فَـوّقُـوا إليه سهام التقريع ونسبوه إلى كل قول شنيع وغيروا فطر أهل الطبقة السفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة ، فعند ذلك تقوم الفتن الدينية على ساق ، هذا معنى كلامه الذي سمعناه منه. وقد صدق فإن من تأمل ذلك وجده كذلك) اهـ
وقال ابن حزم ـ رحمه الله ـ في كتابه "السير والأخلاق" (ص91) : (لا آفة أضر على العلوم وأهلها من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ، ويفسدون ويقَدِّرون أنهم يصلحون).
وقال بعض العلماء : (العلم ثلاثة أشبار، من دخل في الشبر الأول تكبر ، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع ، ومن دخل في الشبر الثالث علم أنه ما يعلم ) اهـ من"حلية طالب العلم" (ص198) ضمن "المجموعة العلمية" .
وقال بعض العلماء : (لو سكت من لا يعلم حتى يتكلم من يعلم لانتهى الخلاف) وراجع الرسالة النافعة "التعالم" للشيخ الفاضل / بكر بن عبد الله أبو زيد .
1-المفكرون والمثقفون ، ابتليت الأمة الإسلامية في هذا العصر بالمفكرين والمثقفين ، ونحن لا نوافق على التسمية فضلا عن الموافقة على مضمونها ، والمفكرون الغالب عليهم أنهم عاطلون من علوم الشريعة الإسلامية ، فليرجعوا إلى علماء الإسلام ، والمثقفون يحملون غالبا معلومات عن الإسلام مجملة ، وقد غشيتها أفكار ونظريات دخيلة على الإسلام ، فالحذر من الاغترار بهم ، فإن أحسن أحدهم في شيء فيكون قد أساء في أشياء.
2-الخطباء والوعاظ ، والخطباء والوعاظ قد يؤَثِّرون على الناس تأثيرا بالغا ويشكرون على ذلك ، فهم على ثغرة من ثغور الإسلام لو اقتصروا على ما يحسنون لكن الكثير منهم ينصب نفسه منصب العلماء ، أفما آن الأوان أن يعرفوا قدر أنفسهم.
3-الكُتّاب: لقد ابتليت أمة الإسلام بكُتَّاب كثير في عصرنا يكتبون في الجرائد والمجلات ، ويكتبون مؤلفات ، ويناطحون الجبال في نظرهم ، وكلما جاءت قضية ولو كانت من القضايا العويصة تجدهم قد سبقوا إلى التحرير والتنظير في نظرهم ، وقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول : ((إن بين يدي الساعة سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخوَّن فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الفويسق يتكلم في أمر العامة)) أخرجه أحمد في مسنده 3/220 واللفظ له والبزار – كما في كشف الأستار 4/230 رقم (3373) – وأبو يعلى6/378 رقم (3715) ورجاله ثقات وفيه عنعنة ابن إسحاق, وقد صرح بالسماع من عبد الله بن دينار عند البزار، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/284: (رواه البزار وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من عبد الله بن دينار وبقية رجاله ثقات. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد وابن ماجة والحاكم ومن حديث عوف بن مالك عند الطبراني في "الكبير" والبزار كما في "كشف الأستار".
فهذه الأصناف التي ذكرتها يوجد فيهم من يسابق العلماء بل يحتقرهم ويرى أنهم لا شيء بجانبه مع أننا نحب لهم أن يأتوا البيوت من أبوابها، وصدق من قال:
تصدر للتدريس كل مهوس بليد تسمى بالفقيه المدرِّسِ
فحُق لأهل العلم أن يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلسِ
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كُلاها وحتى سامها كل مفلسِ
والله المستعان.
نقلا من كتاب التنبيه الحسن في موقف المسلم من الفتن للشيخ عبد الله الإمام.
نقلا من شبكة الربانيون العلمية
موضوع مهم جدّا
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم…
فالطبقة العليا ، العلماء الأكابر وهم يعرفون الحق والباطل وإن اختلفوا لم ينشأ عن اختلافهم الفتن ، لعلمهم بما عند بعضهم بعضا.
|
والحمد لله على الهدايه
جزاك الله خيرا
حفظ الله شيخنا ابو اسحاق الحويني اسد السنة.
آمين وجزكم الله بالمثل وأكثر
شكرآ وجزيت خيرآ
آمين و جزاك الرحمن بالمثل واكثر