كتبه: أيرنست ملبي ..
ترجمة: عمر خليفة
يقول أحد المعلمين: "إنني أستطيع أن أتقبل الطلاب الجيدين الذين يؤدون واجباتهم المدرسية والذين يتصرفون بشكل لائق ومهذب، غير أنني لا أستطيع أن أتقبل أولئك الذين لا يعملون ويسببون المشاكل في حجرة الصف".
مثل هؤلاء المعلمين ينسون أن تقبل المعلم لجميع طلبته هو الذي يمنحه القوة، وأن جودة المعلم وفعاليته تتضح في كيفية تعامله مع جميع الطلاب. إننا نجد أن من السهل علينا أن نتقبل أولئك الذين يتقبلون توجيهاتنا، ولكن تبقى مقدرتنا الحقيقية مع أولئك الذين يسببون لنا المشاكل ويفشلون في تحقيق ما نريده نحن منهم.
إن التدريس مهنة تتطلب حرصاً كبيراً على اكتساب المهارات وهي بذلك لأنها ليست مهنة هامشية لأنها تعتمد على مجهود المعلم مع نفسه. إن المجهود الذي يبذله المعلم على نفسه هو الذي يجعله في أفضل حال.
إننا حينما نطلب من المعلم أن يعطي نفسه بسخاء لطلابه ولزملائه ولمجتمعه ولإنسانيته، فإننا بذلك نطلب منه أن يكون معلماً فاعلاً إلى أقصى حد. علاوة على ذلك فإنه وبإعطاء نفسه لمهنته فهو يمارس الرضا والمتعة بالكامل لكونه معلماً. وهو في هذه الحالة يكون مثل الفنان. إن الفنانين المحبطين في الغالب هم أولئك الذين يكونون غير قادرين وغير راغبين – لسبب أو آخر – في إعطاء أنفسهم ووقتهم بالكامل لفنهم. وبالمثل، نجد أن المعلمين البؤساء هم الذين يتحسرون على نقاط الضعف لدى طلابهم ويشكون من الظروف التي يعملون فيها دون أن يقوموا بأدنى مجهود للبحث عن سبب ذلك. إنهم يفشلون في الإحساس بأن جهودهم غير المتحمسة هي سبب أزمتهم.
إن أحد المعايير الهامة لقياس لقدرة المعلم في بذل نفسه طواعية هو مقدرته في الوصول إلى طلابه واستعداده في قضاء بعض الوقت معهم. وإن أحد المشكلات في هذا السياق هو المفهوم الضيق الذي يسود في بعض الأحيان لدى بعض المعلمين حول ما يعنيه التدريس. أن تدرس يعني أكثر من مجرد أن تلقي محاضرة أو توضح أمراً ما أمام مجموعة من الطلاب. إن أفضل المعلمين هم الذين يؤثرون في طلابهم من خلال اتصالهم الشخصي الفردي معهم أكثر من مجرد تواجدهم معهم داخل حجرة الصف. إذا كان التدريس والتعلم هي عمليات متكاملة وإذا كان المعلم يدرس من خلال التعلم وإذا كان تدريسه يوجه إلى فرد واحد فعليه أن يعرف ذلك الفرد جيداً. ولكن أنى له أن يعرف ذلك الفرد الواحد إذا كان يقضي معه وقتاً قليلاً أو لا يقضي معه أي وقت على انفراد؟؟
وهناك وهم آخر يشل حركتنا، وهو اعتقادنا أن هناك شيء من السحر في مجرد الإلقاء وسماع الخطب. إننا نريد أكبر قدر ممكن من الوقت لهذا الإلقاء وهذه الخطب، لكننا نبخل بأقل من هذا الوقت لنعمل مع فرادى التلاميذ.. إننا بذلك نعرف أقل القليل حول الفعالية الفعلية لما نقوم به ونفعله. أليس من الممكن – على الأقل – أن يزداد تحصيل طلابنا وفعالية أدائهم داخل غرفة الصف فقط إذا أنفقنا المزيد من الوقت معهم كأفراد؟ .. يبدو أننا مهووسين بالتدريس، فنحن نعلم أنه ليس في إمكان أحد أن يقوم بتدريس شخص آخر إذ علينا جميعاً أن نعلم أنفسنا. إن دور المعلم هو دور المعاون والمساعد في هذه العملية. ولكن يبقى السؤال هو كيف يمكننا المساعدة بشكل أفضل؟
djazak allah khayr