يا قوم- إن الحق فوق الأشخاص وإن السنّة لا تسمىّ باسم من أحياها، وإن الوهّابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة وهي أنهم لا يقرون البدعة، وما ذنبهم إذا أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله وتيسّر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر؟
أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم- والمنكر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان- تنسجوننا إليهم تحقيرًا لنا ولهم وازدراء بنا وبهم، وإن فرّقت بيننا وبينهم الاعتبارات، فنحن مالكيون برغم أنوفكم، وهم حنبليون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة. ونحن نعمل في طريق الإصلاح الأقلام، وهم يعملون فيها الأقدام. وهم يعملون في الأضرحة المعاول ونحن نعمل في بانيها المقاول.
وما رأيكم في أوروباوي لم يفارق أورباه إلا مرة واحدة طار فيها بطيارة فوقعت به في الهند، فرأى هنديًا يصلّي، ثم طار بها أو طارتْ به فوقعتْ به في مراكش فرأى مراكشيًا يصلّي فقال له: أنت هندي لأنك تصلي، ألا تعدون هذا القياس منه سخيفًا؟ إلّا لا تعدوه كذلك فقد جئتم بأسخف منه في نسبتنا إلى الوهابية.
الكتاب: " آثَارُ الإِمَام مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي ".
المؤلف: محمّد بن بشير بن عمر الإبراهيمي (المتوفى: 1385هـ)