الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
وبدأت العشر وبدأ السباق
نعم.. لقد بدأت العشر الأواخر من رمضان لكي تحكي لنا قصة " قرب الوداع " لهذا الشهر الكريم ولكي تحكي لنا " ليلة القدر"
لعل النفوس أن تنافس ولكي تروي لنا " حلاوة الاعتكاف " فأين المتنافسون؟!.
لقد بدأت العشر وبدأ السباق، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، وهو القدوة في علو
الهمة فأين المقتدون المهتدون؟!.
إن ليالي العشر قد آذنت بالرحيل ولسان حالها: " أدركني فإنما أنا ساعات " وقد لا تدركني في أعوام قادمة.
إنها ليالي العابدين وقرة عيون القانتين، وملتقى الخاشعين، ومحط المخبتين ومأوى الصابرين فيها يحلو الدعاء ويكثر البكاء.
إنها ليال معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجداً فيها.
إنها ليال يسيرة والعاقل يبادر الدقائق فيها لعله يفوز بالدرجات العلى في الجنان " وإنها ليست بجنة بل جنان " .
فيا نائماً متى تستيقظ؟ ويا غافلاً متى تنتبه؟! ويا مجتهداً اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية (( وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ))[التوبة:105] .
فماذا سيرى الله منك في هذه العشر؟!.
الشيخ سلطان العمري