هل يمكن الاستغناء عن الفلسفة..؟؟؟
1-حجتهم
من هذه الزاوية المتعصبة للعلم وحده، لم يجد دافيد هيوم من العلوم المشروعة غير صنفي: الرياضيات الصورية التحليلية وصنف العلوم التجريبية الطبيعية التركيبية ولا صنف ثالث هما، ومن هنا ينصحنا هيوم إذا دخلنا مكتبة وأردنا اقتناء كتاب، فإما أن نجده في الرياضيات أو الطبيعيات فنأخذه ونحتفظ به، أما إذا كان في غير هما فلنقذف به في النار فهو لا يتضمن غير الخرافات والأوهام.
ويتبعه في هذه النزعة العلموية المتعصبة مؤسس الوضعية أوغست كونت، حادا الفلسفة في التنسيق بين العلوم الجزئية، وجاعلا الفلاسفة وراء العلماء، تاركا لهم مهمة هذا التنسيق،الذي لا يتسع له وقت العلماء، والعلماء أجدر بها وأفضل في أدائها، لو توفر لهم الوقت.
ومن أهم الحجج التي يستند إليها القائلون بإلغاء الفلسفة بالعلم:
إن العلم وحده المعرفة الصحيحة والمشروعة، فما نعرفه نعرفه بالعلم وما لا يعرفه العلم ليس قابلا للمعرفة على الإطلاق، فهو محض وهم لا أكثر، ومن هنا لا يمكن أن تقوم معرفة أخرى إلى جانب العلم لا الفلسفة ولا غيرها. ذلك أن العلم وحده يملك شروط المعرفة الصحيحة والمشروعة: موضوعا ومنهجا وهدفا.
ويسوق المُعادُون للفلسفة بالعلم حجة أخرى، تاريخية، خلاصتها أن ما يُثبت لنا قرب أجل الفلسفة استقلال العلوم عنها. فحتى العلوم الإنسانية انفصلت عنها، وستزول الفلسفة بزوال مواضيعها.
فمضمون الفلسفة اعتقادات ذاتية لا موضوعية،متناقضة، لا يتفق عليها فيلسوفان.
كما يرى العلمويون أن النظر في المنجزات، يؤكد حاجتنا إلى العلم لا الفلسفة، ونتائج كل منهما تكشف هذه الحقيقة، فالعلم حقق الأهداف التي رسمها لنفسه، بينما لم تقدم الفلسفة شيئا. فأهداف العلم الأساسية ثلاثة هي: القانون أولا، والتنبؤ ثانيا، والتحكم ثالثا، وكلها أوفاها العلم حقها.
2-حجتنا
نستمد من الفيلسوف جورج باسكال: حجتين في دفاعنا عن الفلسفة ضد الخصوم:
أولاهما أن هؤلاء العلمويين يتناسون أن العلم ذاته ولد من رحم الفلسفة، فكيف له أن ينقضها.
أما الحجة الثانية، فتنبه إلى أن الفلسفة هي التي تمهد للعلم وتعبيد له الطريق، ولم يكن دونها ليخطو خطواته العملاقة. فالفيلسوف رينيه ديكارت مثلا، فصل النفس والجسد فهما ثنائية متمايزة، وهذا الفصل الديكارتي الجذري للجسد كعضوية مادية آلية مكن من تغيير النظرة إلى الجسم، وأصبح موضوعا علميا يدرس كأية عضوية دراسة وضعية، فنشأ علم البيولوجيا ويتطور على أساس صلب.
ومن الحجج التي نوردها أيضا: إن العلم يعجز عن القضايا الأكثر جوهرية ، فالعلم لا ينشغل بأخطر القضايا التي تشغلنا كالألوهية والخير والعدل والجمال والحق والحرية.
كذلك نطعن في إمكانية زوال الفلسفة بالعلم، بحجة: حاجة العلم ذاته إلى الفلسفة.فالعلم يدرس الطبيعة بمنهجه ويصوغ قوانينه معتقدا بسلامة منهجه، وواثقا من صدق قوانينه، ولا يعرضها للنقد. لكن الفلسفة تخضع كل شيء للنقد والتمحيص، فتعيد للعلم تواضعه، وتكشف نقائصه.
ثم إن حجة العلمويين التي تدعي زوال الفلسفة بانفصال العلوم عنها، حجة مردودة، فانفصال العلوم يخدم بقاء الفلسفة لا زوالها.ذلك أن انفصال العلوم عن الفلسفة لا يضعف الفلسفة بل يقويها، لأن ما ينفصل عن الفلسفة هو ما ليس منها، وبانفصاله تبقى للفلسفة مواضيعها الحقيقية.
والتطور العلمي بكل ما يجلبه يعمق الحاجة إلى الفلسفة بدل محوها، فتطور العلم يخلق مشكلات جديدة تخرج عن نطاق العلم ذاته. إن العلم مثلا أحدث ثورة في مجال البيولوجيا، ونجح في الإستنساخ، ولكن هذا التطور في المقابل خلق مشكلات خطيرة. كمشكلة أخلاقية الإستنساخ البشري.
ثم إن العلم والفلسفة مختلفان كلياموضوعا ومنهجا وهدفا، فلا يمكن لأحدهما أن ينوب عن الآخر.
ومما يثبت أيضا حاجتنا إلى تكامل الفلسفة والعلم، أن العلم يمنح الوسائل والفلسفة ترسم الغايات، وأي إخلال بهذا التكامل يضر بالبشرية. فالقوة غير الموجهة إلى غاية سامية خطر، وهذا واقعنا.
فالواقع الإنساني اللامتوازن اليوم يهدد للبشرية كلها. فالبشرية: تعيش هوة رهيبة بين التقدم العلمي والتكنولوجي المذهل وبين التخلف الأخلاقي. مما جعل الإنسان المعاصر الشخص ((الذكي الشرير)) وهو أعلم إنسان في التاريخ، وهو في الوقت ذاته هو أشقى إنسان عرفه التاريخ ، لهذا لا نستغرب قول برتراند راسل: ((إني أشعر أحيانا وأنا أعيش في مدينة لندن، أن القرد في غابات الأمازون أسعد مني حالا)).*
————————————————-
*المرجع
هل تصمد الفلسفة في عصر العلم-
الأخضر ﭭـريسي
[IMG]https://i.**********/iaCD3.gif[/IMG]
[IMG]https://i.**********/wbTsB.gif[/IMG]
[IMG]https://i.**********/iaCD3.gif[/IMG]
مشكور علي المرور اخي..hasnihasni نورت الموضوع
[IMG]https://i.**********/whGHH.gif[/IMG]
سلام استاد انا طالب متحصل على شهادة البكالوريا وان مشكلتي الفلسفة ما الحل انا امل من قراءة
استاذ انتظر الرد
مساعدةةةةةةةةةةةةةة
[IMG]https://i.**********/whGHH.gif[/IMG]
يا اخي..19MOSTAFA
…لا املك شيئا لك غير ان اقول
——————-
لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات. -جون تشارلز سالاك ـ
——————-
يقول" muglioni": إذا حضرنا درسا في الرياضيات يمكننا في نهايته أن ننجز
تمارين وأن نحل مسائل, ولكن إذا حضرنا درسا في الفلسفة, يمكننا في النهايــــــة
أن نقرأ ونفسر نصوصا ونعالج قضايا. ففي الكتابة الفلسفية لا يقف المصحح علــــى
ما يجب أن يفكر فيه التلميذ بالذات, ولكنه يقف فقط على ما إذا كان التلميذ قد تعلــــم
وأصبح قادرا على التفكير. فدرس الفلسفة يؤسس ويقيم علاقة بين التلميذ و الفلسفة,
وبما أن كبار الفلاسفة يقدمون أنفسهم كتلاميذ يبحثون عن الحقيقة, فكيف ينتظـــــر
أستاذ الفلسفة بالثانوي – وهو ليس فيلسوفا- من الآخرين أن يدلوه ويرشــــــــــــــدوه
إلى ما يجب أن يفعل ويقوم به." Leçon philosophique