لمن سأل عن دواء تقوية الذاكرة وأسباب زيادة الحفظ أقول :
هذه بعض الأسباب المعينة على الحفظ التي ذكرها أهل التجربة ، وليس ذكرها هنا على سبيل الحصر، لكن لعل هذه هي أهم أسباب الحفظ التي يمكن الإستفادة منها فيما يخص أبنائنا وتلاميذنا .
الأول: الدعاء:
الدعاء سبب لكل خير، ومفتاح لكل باب، به تجلب المنافع، وتدفع المكروهات، ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )[غافر: 60]
وماسعة حفظ الصحابي الجليل راوية الأحاديث – أبو هريرة – إلاّ ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، فعليكم بالدعاء لكم ولأولادكم .
الثاني : شرب ماء زمزم :
عملا بما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ماء زمزم لما شرب له» أخرجه ابن ماجه.
فيمكن شرب زمزم بنية الحفظ ، وقد كان أهل العلم يحرصون على الشرب منه، وسؤال الله تعالى ما ينفعهم من خيري الدنيا والآخرة ، ومن ذلك الحفظ.
قال ابن حجر- صاحب فتح الباري في شرح صحيح البخاري -: وأنا شربته مرة – يعني ماء زمزم – وسألت الله – وأنا حينئذ في بداية طلب الحديث، ثم حججت بعد مدة تقرب من عشرين سنة، وأنا أجد من نفسي المزيد على تلك المرتبة، فسألته أعلى منها، فأرجو الله أن أنال ذلك.
الثالث : الحجامة :
لقوله صلى الله عليه وسلم " الحجامة تزيد في الحفظ "
غير أنه ينبغي التقيد بالشروط والنصائح الطبية في هذا الباب ، ومنها عدم الحجامة دون سن البلوغ .
الرابع: ترك المعاصي:
من أهم الأسباب المعينة على حفظ العلم اجتناب المعاصي، وقد اكثر السلف الأولون من التنبيه على هذا الأمر، فمن ذلك:
قال عبد الله بن مسعود : إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه للخطيئة كان يعملها..
قال على بن خشرم: ما رأيت بيد وكيع كتابا قط، إنما هو حفظ، فسألته عن أدوية الحفظ؟ فقال: إن علمتك الدواء استعملته؟ قلت: أي والله! قال: ترك المعاصي ما جربت مثله للحفظ.
قال بعضهم:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأومأ لي إلى ترك المعاصي
وقال بأن حفظ الشيء فضل
وفضل الله لا يدركه عاصي
قال بشر بن الحارث: إن أردت أن تلقن العلم فلا تعص.
قال يحيى بن يحيى: سأل رجل مالك بن أنس: يا أبا عبد الله هل يصلح لهذا الحفظ شيء؟ قال: إن كان يصلح له شيء فترك المعاصي.
قال الضحاك بن مزاحم: ما من أحد تعلم القرآن فنسيه إلا بذنب يحدثه، لأن الله تعالى يقول: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) [الشورى: 30]
الخامس: الاهتمام:
إن الاهتمام بالشيء، والحرص عليه، واشتغال الفكر به، ييسر حفظه، وهذا أمر ظاهر حتى في حاجات المرء الشخصية، فما كان منها محل اهتمامه، فإنه قل أن ينساه.
قال البخاري: لا أعلم شيئًا أنفع للحفظ من نهمة الرجل، ومداومة النظر.
النهمة: بلوغ الهمة في الشيء، ومنه (النهم من الجوع)، ومنه الحديث: «منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا».
قال العسكري: والحفظ لا يكون إلا مع شدة العناية، وكثرة الدرس، وطول المذاكرة .
السادس: التعود:
قد يجد الإنسان صعوبة في الحفظ أول أمره، لكن مع تمرين النفس عليه يسهل، فكثرة التمرين على الحفظ، تزيد الحافظة قوة وسرعة.
قال الزهري: إن الرجل ليطلب وقلبه شعب من الشعاب، ثم لا يلبث أن يصير واديا، لا يوضع فيه شيء إلا التهمه..
كان العلماء يقولون: كل وعاء أفرغت فيه شيئًا فإنه يضيق، إلا القلب فإنه كلما أفرغ فيه أتسع.
قال العسكري: وكان الحفظ يتعذر علي حين ابتدأت ثم عودته نفسي إلي أن حفظت قصيدة قريبًا من مائتي بيت في ليلة .
وقد ذكر ابن القيم في كتاب الطب النبوي أن مثل الذاكرة مثل أي عضلة يمكن تقويتها بالتمارين .
السابع: اختيار الوقت المناسب:
من الأسباب المعينة على الحفظ، أن يختار وقتًا مناسبًا للحفظ، وقد ذكر العلماء أي الساعات أفضل، فمما قالوه في ذلك:
قال الخطيب: اعلم أن للحفظ ساعات ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها، فأجود الأوقات الأسحار، ثم بعدها وقت انتصاف النهار، وبعدها الغدوات دون العشيات، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار
قال أحمد بن الفرات: لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في الحفظ، فأجمعوا أنه ليس شيء أبلغ فيه إلا كثرة النظر. وحفظ الليل غالب على حفظ النهار. قال: وسمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول: إذا هممت أن تحفظ شيئًا فنم، وقم عند السحر، فأسرج وانظر فيه، فإنك لا تنساه بعد إن شاء الله.
قال الخطيب البغدادي: إنما اختاروا المطالعة بالليل لخلو القلب، فإن خلوه يسرع إليه الحفظ. ولهذا قال حماد بن زيد – لما قيل له -: ما أعون الأشياء على الحفظ؟ قال: قلة الغم. وليس يكون قلة الغم إلا مع خلو السر وفراغ القلب، والليل أقرب الأوقات من ذلك.
الثامن: الحفظ في الصغر:
إن من أسباب ثبات المحفوظ، أن يكون الحفظ في أيام الصغر، وقد أشار أهل العلم إلى ذلك، فمن كلامهم عنه:
قال قتادة: الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر.
قال الحسن: طلب الحديث في الصغر كالنقش في الحجر.
فهذه الأقوال فيها تنبيه للآباء والأولياء والمربين أن يعتنوا بأبنائهم ومن تحت ولايتهم ومن يقومون بتربيتهم عناية خاصة في وقت الصغر، ويجتهدوا في تحفيظهم ما ينفعهم، لأن الحفظ في هذا أثبت، وهذه ساعة متى فرط فيها لا يمكن استدراكها.
التاسع: المراجعة.
من أسباب ثبات المحفوظ ودوامه بعد حفظه، مراجعته مرة بعد أخرى، ولأهمية هذا الأمر فقد أوصى به السلف وحثوا عليها، فمن أقوالهم:
قال الزهري: إنما يذهب العلم النسيان، وترك المذاكرة.
قال الخليل بن أحمد: ذاكر بعلمك تذكر ما عندك، وتستفد ما ليس عندك .
العاشر: العمل به:
مما يثبت العلم العمل به، فإذا عمل بما علمه ازداد ذلك العلم رسوخًا، وإلى هذا نبه أهل العلم.
الحادي عشر : حضور القلب والذهن :
لعل من أكبر عوائق الحفظ في زمننا هذا هو كثرة الشواغل والمشاكل – لنا ولأبنائنا -التي تشتت الذهن وتمنع حضور القلب ، خاصة هذا التلفاز والكمبيوتر – النت – والهاتف النقال ، وغيرها من الوسائل الحديثة .
الثاني عشر: الأغذية :
هناك بعض الأغذية ينصح بها تزيد في الحفظ يحضرني منها السمك والزبيب والتمر …..كما هناك بعض الأعشاب أيضا .
وهناك بعض الأغذية لا ينصح بها تضر بالحفظ منها الإدمان على الحامض .
الثالث عشر : أشياء وعادات تضر بالحفظ:
منها الإكثار من النوم والأكل والضحك – مفسدات القلب- خاصة النوم طرفي النهار وطرفي الليل ، وخاصة النوم على القفا.
هذا مايسر الله جمعه وذكره ولنا عودة إلى هذا الموضوع المهم لأنقل لكم بعض العجائب في هذا الباب – إن شاء الله تعالى – .
معذرة على الإطالة .
شكرا فعلا هي نصائح مفيدة
أعاننا الله على اتباع هذه النصائح القيمة
لقد أبليت وما أبقيت
دمت ودام بأمثالك المنتدى
انها فعلا نصائح قيمة بارك الله فيك