الحقيقة العلمية و الحقيقةالفلسفية
الحقيقة تعريفها أصنافها ومقاييسها.
أولا: تعريفها :ليس منالسهل تعريف الحقيقة و ذلك لاختلا معناها من تصور فلسفي إلى تصور فلسفي آخر،و منمجال إلى مجال،و من ثقافة إلى ثقافة أخرى ،و هذا يؤدي إلى تنوع المعارف وتعددهانقتصر فيها على ما يلي :
1-عند اللغويين:تطلق على الماهية أوالذات ،نحققه الشيء ماهية أي ما به الشيء هو هو,
2الواقعيين :مطابقة التصور (الحكم) للواقع ,كما نقول بأن الحقيقة مطابقة التصور لعالمالأشياء.
3)عند المناطقة والرياضيين:هو الأمر الممكن في العقلالذي لا يتخلله تناقض،و بتعبير آخر هي مطابقة النتائج للمنطلقات كما يمكن أن تكونالمنطلقات ذاتها التي تجبر العقل على الالتزام بها قال"لايبنتز":{{ متى كانتالحقيقة مسرورة ،أمكنك أن تعرف أسبابها بإرجاعها إلى معان وحقائق أبسط منها حتى تصلإلى الحقائق الأولى.}}و الحقائق الأولى هي الأوليات و المبادىء العقلية .
4)في إصطلاح الفلاسفة:هي الكائن الموصوف بالثباتوالمطلقية(كالله و الخير)مع قطع النظر عمن سواه .
ثانيا:أصنافها:تقسم الحقيقة إلى ثلاثةأصناف.
الحقيقة المطلقة:هي أقصى ما يطمح إليهالفيلسوف أو الحكيم ،و ابعد ما يستطيع بلوغه عن طريق العقل أو الحدس .فعند أفلاطونيعتبران الحقيقة تتمثل في عالم المثل الذي يمثل عالم الخلود و عالم الحق .و الفضيلةالأخلاقية تستوجب التخلص من عالم الفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالمالفوقي.
أما عند أرسطو فالحقيقة المطلقة تتمثل في "المحرك"الذي لا يتحرك،الذي يمثل "الله".
2)حقائق نسبيةهنا تقتصر علىالحقائق العلمية ،لأن هذه الأخيرة تعبر عن علاقات ثابتة بين الظواهر تصاغ صياغاتقانونية ،و هذه الأخيرة قابلة للرفض و التغير مما يطغي عليها طابعالنسبية.
و النسبي لغة "هو المتعلق بغيره، أي أن النسبي ما يتوقف وجودهعلى غيره،ومما جعل الحقائق العلمية هو كون الاستقراء للموضوعيات العلمية مزالمفتوحا ،ثبت أن العلماء يسعون وراء الحقيقة النسبية ،و لهذا قال "كلود برنا رد" يجب أن نكون مقتنعينبأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجود تقريبي كثيرا أوقليلا ، وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد من أن تمثل حقائق ثابتة ). 3) حقائقذوقية : وهي الشعور الذي يستولى على المتصوف عند بلوغه الحقيقة الربانية المطلقة،فهو يستقي علمه من الله رأسا ويتم ذلك عن طريق الفناء .أو عن طريق التقاء وجودالخالق،و يتم بواسطة الكشف أو"الذوق" كما يعرف بالحدس ،من أجل بلوغ السعادة القسوة .
4الحقائق بين المطلق والنسبي :وهي حقائق فلسفية ،إلى أنها تنهلمصداقيتها من الواقع الاجتماعي.و النفسي و ألتأملي
ثالثا مقياسها:" نقدتمقاييس الحقيقة على حسب مجالاتها وفلسفة أصحابها ،فكان تارة مطابقة العقل للتجربة،وكما اعتبروا الوضوح والبداهة ، و هناك من أعتبرها هو الكائن المطلق ،لذلك فإنمقياس الحقيقة لدى البراغماتيين هو النفع ولدى الوجوديون هو الذات البشرية، والوضوحلدى العقلانيين .
أ)مقياس الوضوحالحقيقة المخلقة) ذهببعض الفلاسفة أمثال ‘ديكارت.سبينوزا’ إلي أن الحكم الصادق يعمل في حياته معيار صدقه،و الوضوح .فاعتبر’ديكارت’ أن البداهة هي معيارالمطلقية والتي لا يكتنفها الشك .وأنتهي إلى قضيته المشهورة :"أنا أفكر إذن،أنا موجود."كما أعتبر أن الأشياء التينتصورها تصورًا بالغًا الوضوح و التميز هي الصحيحة حيث يقول :"إني أشك،ولكن لاأستطيع الشك فيه هو أنني أشك وأن الشك التفكير "،وفي هذا المعني يضيف"سبينوزا"أنهليس هناك معيار للحقيقة خارج الحقيقة ،بحيث لايمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوحويقينا من الفكرة الصادقة ،يصلح أن يكون معيار الفكرة الصادق .
ب)- مقياس النفع:ذهب بعض البرغماتين أمثال :"بيرس ،جيمس،ديوي" بحيث أعتبروا أن الحكم يكون صادقا إلا إذا أدى إلي منفعة عملية ،لذلك فالمنفعة هيالمقياس الوحيد للصدق ،بحيث يقول "بيرس":"أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج،أيأن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في حد ذاتها"،كما اعتبروا أنه لمعرفةالحقيقة من غير الحقيقة يجب ملاحظة النتائج ،لأنه ما يؤدى إلى النجاح فهوحقيقي.
ج)-مقياس الوجود لذاته:ترى الوجودية مع "ساتر" أن مجال الحقيقة هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي،و حقيقة الإنسان هي فيإنجاز ماهيته ،وتحديد مصيره ،و الحقيقة هي ممارسة التجربة، التي تجمع بين الحياة والموت وما ينتج عنها من قلق ، وآلم .
تعقيب: إن إرجاع الحقيقة للوضوحيجعلها تلجأ إلي معيار ذاتي ،لأنها تصبح خاضعة في وضوحها إلي تربية الإنسان وميولهوإتجاهاته الفكرية ,
–أما إذا أرجعناها إلى مقياس النفع فإنه يؤدي إلىعدم وضوح الحقيقة بل إلى تضاربها و تناقضها ،و تسخر الحقيقة لمصالحالفرد.
– كما أن الحقيقة أوسع مما ذهب إليه الوجوديون لأنه يجب مراعاةالبعد الاجتماعي للإنسان بوصفه كائن إجتماعي ,يعيش مع ذوات أخرى يجبمراعاتها.
2) :إذا كانت النسبية تلاحق الحقيقة المطلقة فهل الحقيقةالمطلقة "نسبية " هي الأخرى؟:
ماهي الحقيقة المطلقة بالنظر إلي ذاتها؟وهل طبيعتها تتغير إذا قبلناها بحقائق نسبية ؟ وهل تحافظ على خصوصياتها الأصليةإذا ما توصل إدراكنا إلى حملها ؟
أولا :خصائص الحقيقة المطلقة :المطلقلغة ’هو المعتري عن كل قيد،وهو ،التام والكامل كذا ما يراد ف القبلي ،ويقابل النسبي ,
أما إصطلاحا :علم ما بعد الطبيعة ،وهو إسم للشيء الذي لا يتوقف تصورهووجوده على شيء آخر لأنه علة وجود نفسه ،ومن أهم خصائصه :أي من أهم خصائص التيتمتاز بها الحقيقة المطلقة هي أنها :
مجردة من كل قيد وعلائق ،أنهامستقلة لا تحتاج إلى علل من أجل وجودها ولا إلي أي حدود زمانية ومكانية ،كما أنهالا ترتبط بأحكام الإنسان وتصوراته ،وموقعها الحقيقي ما وراء عالم الشهادة ،كما أنهاتعتبر المبدأ والغاية في آن واحد ،كما تعتبر الخير الأسمى الذي يتوق إليه الحكماءوأهل الفضول والذوق،كما أنها الموجود بما هو موجود ،أي أنها الحقيقة المطلقة التيتقوم مستقلة عن الذات.
ثانيا :النسبية وملاحقتها للمطلق:إذا كان المطلقيشير إلي الموجود في ذاته،ولذاته ، وبذاته ،فإن النسبي يشير إلي ما يتوقف وجوده عليغيره ، إلا أن التحديد المبدأى للمطلق يتم بالتجريد ،لأن إدراكه من طرف الإنسان هوإدراك من طرف كائن مقيد بحدود زمانية مكانية ومفاهيم ثقافية ،والمعرفة الإنسانيةبين الذات العارفة والموضوع المعروف كما أن محاولة العقل الإنساني لإدراك المطلقيجعلنا نضع احتمالين إما أن تكون الحقيقة مطلقة ولا أمل في إدراكها من طرف المدرك،وإما أن يدركها المدرك فتنتقل من المطلقية إلي النسبية . كما أن الحقيقة التييتكلم عنها الفلاسفة تندرج تحت أنساق فلسفية معينة ، وهذا ما يجعلها حقائق تتماشيمع مذهبهم وما تقتضيه الضرورة المنطقية مما يجعلها تتغير من نسق فلسفي إلى نسقآخر،ومنها فالحقيقة لا يدركها عقل ولا علم ولا حدس ولاذ وق لأنها أمور ذاتية،ونسبية و النسبي لا يمكنه أن يدرك المطلق .
3)-في هذه الحالة ،ألا تلتبسالحقيقة مع الواقع ؟ وأي واقع هذا؟:
ما هو الواقع وما مجالته المتنوعة ؟وهل يقابل الحقيقة أم يلتبس بها ؟ وما دور الإنسان في تحديد طبيعة كل واحد منالطرفين ؟
أولا : تعريف الواقع القصد منه إبراز التنوع في الطبيعةوالمجال:تتنوع كلمة الواقع علي حسب التأويلات التي نأخذها إما في المعني العام أوفي المعني الفلسفي : في المعني العام -:يقرن بوجود الإنسان فنقول أن هذا الشيءواقعي لأنه موجود .
– :وقد يقرن الواقع بنا لا يختلف في حقيقته إثنان،وهو ما يمكن أن يثبت وجوده حسيا أو تجريبيا.
في المعني الفلسفي :وهوالعالم الخارجي كما يتقدم لعقولنا وحواسنا ،ويتصف إدراكنا له بأنه حقيقي إذا ما تمفعلا .
ويستنتج من هذا ،أن الواقع هو مصدر تقدير أحكامنا ،أي أن تكونالصور المدركة تعكس تماما ما في الواقع
أن الواقع هو وجود الأشياءالعيني وجودا مستقلا عن الذات العارفة أي لا دخل للذات في تصوره ،ويمتاز بخصائصوموصفات منها :
–أنه مجال مستقل عن الذات المدركة ويمكنها من بلوغالموضوعية
–أنه يعتبر المصدر الأول والأخير لإختيبار الفروض وتبريرأحكامنا العقلية
–أنه المنبه والدافع إلى إكتشاف الحقيقة ،وهي انطباقالفكر مع العالم الحسي والتجريبي .
ثانيا:إرتباط الحقيقة بالواقع :ويظهرهذا الإرتباط على شكلين: