في الإضافة اللفظية والمعنوية
لماذا لا يصحُّ أن يقال: إعداد المساري عالية السرعة؛ فوائد نُظُم التشغيل متعددة الاستخدامات؛ مزايا العمليات ثنائية النمط؛ جاء خالدٌ راجحُ العقلِ.
والصواب أن يقال: إعداد المساري العالية السرعة؛ فوائد نُظُم التشغيل المتعددة الاستخدامات؛ مزايا العمليات الثنائية النمط. جاء خالدٌ الراجح العقل؟
بعبارة أخرى: متى يكتسب (الوصفُ) التعريفَ بالإضافة، فيصحَّ أن يوصف به الموصوف المعرَّف؟ أي متى يتعرَّف الوصف بالإضافة؟
الإضافة نوعان:
أ- الإضافة اللفظية:
وهي إضافة الوصف [أي أحد المشتقات العاملة (اسم الفاعل، اسم المفعول، الصفة المشبهة)] إلى ما يعمل فيه (إضافة "عالية" مثلاً إلى "السرعة"). وهي لا تفيد تعريفاً [أي لا يكتسب المضاف تعريفاً من إضافته إلى المعرَّف بـ (ألْ)] ولذا يصحّ أن تقع مواقع النكرات (حين يكون المضاف مجرداً من أل)، نحو:
أعرف صديقاً راجحَ العقلِ، مرموقَ المكانةِ، كريمَ الطبعِ.
والأصل: أعرف صديقاً راجحاً عقلُه، مرموقةً مكانتُه، كريماً طبعُه.
ثم أضيفَ اسم الفاعل (راجحاً) إلى فاعله، واسم المفعول (مرموقة) إلى نائب فاعله، والصفة المشبهة (كريماً) إلى فاعلها، وذلك بغية التخفيف اللفظي بحذف التنوين.
فإذا أردنا أن نصف بهذه الأوصاف معرفةً، وجب إدخال أل على المضاف، لأن الصفة والموصوف يتطابقان في التعريف والتنكير، نحو:
جاء خالدٌ / الرجلُ الراجح العقل، المرموقُ المكانةِ، الكريمُ الطبع.
وقد شاع استعمال الإضافة اللفظية في الكتابات العلمية الحديثة، ولكن مع عدم مراعاة قاعدة تَطابُق الصفة والموصوف في التعريف، وهذا ما أشار إليه عنوان البحث.
ب – الإضافة المعنوية:
وهي تفيد المضاف تعريفاً يكتسبه من المضاف إليه المعرفة. ويمتنع فيها دخول (أل) على المضاف (لأن المعرَّف لا يعرَّف، كما يقولون!…).
وضابطها أن يكون المضاف فيها اسماً جامداً، نحو: نورُ الشمسِ (ولا يقال: النورُ الشمسِ!)،
§ أو وصفاً مضافاً إلى غير معموله، كقاضي الولاية، ومأكولِ الناس، ومعبودِ الجماهير، ومَلِكِ العصر…، تقول: جاء الشيخ قاضي الولاية؛ نَفِدَ الطعامُ مأكولُ الناسِ؛ سافر المغنّي معبودُ الجماهيرِ…
§ أو اسمَ فاعلٍ يدلّ على زمن ماضٍ فقط (بِقَرِينة، وللقرينة الاعتبار الأول)، نحو: كُرِّمَ الرجلُ مُنقذُ الطفلِ من الغرق.
§ أو اسمَ فاعلٍ خالياً من الدلالة الزمنية (مُطْلَقَ الزمن)، نحو: جاء الفتى قائدُ الطائرة.
وسنبحث فيما يلي أحوال إضافة المشتقات العاملة.
1- الصِّفة المشبَّهة (باسم الفاعل):
إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها لفظية أبداً. تقول:
أعرف رجلاً جميلَ الصورةِ، حَسَنَ الهيئةِ، طيِّبَ الأرومةِ، قويَّ العزيمةِ…
وأعرف رجلاً قبيحَ السيرةِ، سريعَ الغضبِ، كثيرَ الأولاد…
هذا صاروخٌ بعيد / قريب المدى…
والأصل: أعرف رجلاً جميلةً صورتُه، حسنةً هيئتُه إلخ…
فإذا عُرِّف الموصوف وجب إدخال (أل) على المضاف، لتُطابق الصفةُ الموصوف في التعريف، نحو:
لا تُجادِل إلا الرجلَ السّمْحَ الخُلُقِ، العَفَّ القولِ، الأمينَ الزللِ.
إنما يفوز برضا الناسِ الحلْوُ القولِ، الكريمُ الطبعِ، الشجاعُ القلبِ.
تحيةً للرجل الرفيعِ القدْرِ، المتواضعِ.
أُطْلقَ الصاروخُ البعيد / القريب المدى….
يعجبني الناظمُ الجيدُ الشِّعر…
§ ثمة صفات غلبتْ عليها الاسمية فصارت كالاسم الجامد، وإضافتها معنوية بدليل أننا نصفها بمعرفة. تقول:
جاء رئيسُ القسمِ (الجديدُ)؛ وصل زعيمُ الطائفةِ (الجديدُ)؛ جاء أمين المكتبة (الجديد)…
§ قد تشير القرينةُ إلى غلبة الاسمية على الصفة المشبهة، عند استعمالها أحياناً في تراكيب معينة، فتكون إضافتها معنوية أيضاً.
تقول: جاء الرجلُ عظيمُ القومِ / كبير الكهنة… (هنا يمتنع دخول أل على المضاف).
ولكن تقول: أحبُّ الكتابَ العظيمَ الفائدةَ (العظيمةَ فائدتُه) / الكبيرَ النفع (الكبيرَ نفعُه).
§ ملاحظة مهمة:
من المعلوم أن في النسبة معنى الصفة، كما قال صاحب (جامع الدروس العربية 2/71). لأنك إذا قلت (هذا رجلٌ بيروتيّ) فقد وصفْتَه بهذه النسبة. وهناك ألفاظ منسوبة تُستعمل – في الكتابات العلمية – صفاتٍ بعد إضافتها إلى معرفة، وتكون إضافتها لفظية، نحو:
طلاءٌ فحميُّ التركيب ¬ استعملتُ الطلاءَ الفحميَّ التركيب.
حاكمٌ عنصريُّ النَّزعة ¬ عُزل الحاكم العنصريُّ النَّزعة.
من مصطلحات المعلوماتية:
برنامجٌ غَرَضِيُّ التَّوَجُّه ¬ أُنجزَ البرنامجُ الغرضيُّ التوجُّه.
2- اسم المفعول:
إذا أُضيفَ اسم المفعول (من الفعل المتعدي لمفعول واحد) إلى مرفوعه، صار حُكْمُه حُكْمَ الصفة المشبهة، فتكون إضافته لفظية، نحو:
جاء رجلٌ مسموعُ الكلمةِ، مرموقُ المكانةِ، محمودُ السيرةِ.
والأصل: جاء رجلٌ مسموعةٌ كلمتُه، مرموقةٌ مكانتُه، محمودةٌ سيرتُه.
فإذا عُرِّف الموصوف، وجب إدخال (أل) على المضاف، تقول:
جاء الرجل المسموعُ الكلمةِ، المرموقُ المكانةِ، المحمودُ السيرةِ.
وفيما يلي أمثلة على اسم المفعول المضاف إلى مرفوعه:
مُثَبَّط المناعة، مسلوب الحرّية، مجهول القَدْر، مكتوف اليدين، مُرَوَّع القلب، مأمون القيادة…
3- اسم الفاعل:
3-1- إضافة اسم الفاعل (من الفعل اللازم) إلى فاعله تجعل حكمه حكم الصفة المشبهة، فتكون إضافته لفظية لا تفيد التعريف، نحو:
جاء رجلٌ راجحُ العقلِ، مستدير الوجه…
وصلتْ قواتٌ متعددة الجنسيات ومعها أسلحة متوسطة المدى…
والأصل: جاء رجلٌ راجحٌ عقلُه، صائبٌ رأيُه… معتدلةٌ قامته…
وصلت قوات متعددةٌ جنسياتها، ومعها أسلحةٌ متوسطٌ مداها.
فإذا عُرِّف الموصوف، وجب إدخال (أل) على المضاف، لتُطابق الصفةُ الموصوف في التعريف.
تقول: جاء الرجل الراجحُ العقلِ، الصائبُ الرأيِ… المعتدل القامة…
وصلت القوات المتعددة الجنسيات ومعها الأسلحة المتوسطة المدى.
3- 2- وتكون إضافة اسم الفاعل (المشتق من فعلٍ مُتعدٍّ) إلى مفعوله:
§ لفظيةً إذا دلّت على الحال أو الاستقبال، نحو:
]كلُّ نفْسٍ ذائقةُ الموتِ[.
]هذا عارضٌ مُمْطِرُنا[.
عرفتُ رجلاً مخْلصَ المودّةِ، منْصِفَ الناسِ، حافظَ الودِّ…
هذا رجلٌ عابرُ النهرِ الآن / غداً.
أرى ضوءاً فائقَ الشدة. (فائق هنا ليس اسم فاعل من فعل فاق المتعدي، بل صفة بمعنى الممتاز).
فإذا عُرِّف الموصوف، وجب إدخال (أل) على المضاف. تقول:
على النفسِ الذائقةِ الموتِ أن تهتمَّ بأُخراها.
انظر الرجلَ العابرَ النهرِ الآنَ / غداً. [ولنا أن نقول، بإعمال اسم الفاعل المحلّى بأل: انظر الرجلَ العابرَ النهرَ أمسِ / الآن / غداً (بنصْبِ النهرَ، لا بإضافته إلى العابر!).]
جاء الرجلُ المخلصُ المودةِ، المنْصفُ الناسِ، الحافظ الودِّ…
أرى الضوءَ الفائقَ الشدة.
§ لفظيةً إذا أفادت الاستمرار المتجدد (تجدُّدَ الحَدَثِ مستمراً)، نحو:
عرفت رجلاً صادقَ الوعدِ، مكْرِمَ الضيفِ، صانعَ المعروفِ، مُقيمَ الصلاةِ، مُخْرجَ الزكاة…
فإذا عُرِّف الموصوف، وجب إدخال (أل) على المضاف:
جاء الرجلُ الصادق الوعدِ، المكرم الضيفِ، … المقيمُ الصلاةِ…
]… والصابرين على ما أصابهم والمُقيمي الصلاةِ…[ (الحج / 35)
3-3- وتكون إضافة اسم الفاعل (من الفعل المتعدي) إلى مفعوله معنوية فتقع مواقع المعارف، ويمتنع إدخال (أل) على المضاف في الحالات الآتية:
§ إذا دلَّت على المُضِيّ (بِقَريْنة، وللقرينة الاعتبار الأول)، نحو:
]الحمد لله فاطرِ السموات والأرض[.
جاء الرجلُ عابرُ النهرِ أمسِ.
جاء الرجلُ مُنقِذ الطفلِ من الغرق.
اعتُقل الرجلُ قاطعُ الطريقِ.
سُجن الرجلُ سارق المصْرِفِ.
§ إذا دلّت على الدوام والاستمرار، نحو:
]حم، تَنْزِيل الكتاب من الله العزيز العليم، غافرِ الذنبْ وقابلِ التَّوْب[.
تُبْ إلى الله واسعِ الرحمة والمغفرة.
انتصرَ الحقّ قاهرُ الباطل.
§ إذا كانت خالية من الدلالة الزمنية، أي لا دليل معها على نوع الزمن الذي تحقق فيه معناها. بعبارة أخرى إذا كان المضاف والمضاف إليه معاً يعبِّران عن صفةٍ مطْلقةِ الزمن، تشير إلى أن الموصوف معروف بأنه كذا.
فمثلاً: (مدير المدرسة) معرفة، بدليل أننا نصِفه بمعرفة فنقول: وصل مدير المدرسة الجديد. لذا نقول: وصل الأستاذ مدير المدرسة: يمتنع هنا دخول أل على المضاف (مدير).
– تأخرت الفتاة بائعة الحليب.
– قرأت قصة الصحابي كاتب الوحي.
– انقرضت الدينصورات آكلة اللحم.
– جُهِّزت الصواريخُ عابرةُ القارات.
– أبْحَرت الغواصة قاذفة الصواريخ.
مراجع في هذا البحث:
– عباس حسن، (النحو الوافي) الجزء الثالث – دار المعارف بمصر.
– صلاح الدين الزعبلاوي، (اسم الفاعل)، مجلة التراث العربي، العدد 58، اتحاد الكتّاب العرب بدمشق.
هذه الجملة صحيحة لأن متعددة ليست صفة ها هنا لنظم التشغيل
بخلاف
فوائد نُظُم التشغيل المتعددة الاستخدامات فالمتعددة صفة لنظم التشغيل