1) المقـدمـة
تسببت المتغيرات الاقتصادية الدولية والتطورات العلمية والتكنولوجية التي مر بها العالم في العقدين الأخيرين من القرن العشرين في انقلاب موازين القوى بين الدول، وأحدثت تغيرات في المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتغيرات سريعة في أساليب الإنتاج والعمل دون تمكين أي مجتمع من التعايش في عزلة عن الكيان العالمي أو بما يسمى بالعولمة ومظاهرها المختلفة. كما انه لم يقتصر التغير في العلاقات الاقتصادية على التغير في الاقتصاد العيني، بل أن التغير شمل أيضا العلاقات المالية وأدوارها.
لذلك ابرز ما يمكن التكلم عليه في ظل العولمة هو الانفتاح المالي أو بما يسمى بالعولمة المالية، خاصة بعد تصاعد حجم التدفقات المالية في العالم النامي والمتقدم بمعدلات كبيرة، هذا مما قد يخلق فرصا جديدة للمنفعة الاقتصادية على الدول النامية، إلا انه في المقابل قد يحدث مخاطر وتحديات وأثار سلبية على أوضاع اقتصاديات الدول النامية
2)المقصود بالعولمة المالية
تعرف العولمة المالية بمصطلح الاستثمار المالي، و هي ظاهرة مرتبطة بالنمو و التطور الرأسمالي و التراكم المضطرد في رأس المال، و تعني أيضا زيادة حركية أو حرية انتقال رؤوس الأموال و بدون قيود بين الدول أو على الصعيد العالمي، فأصبحت مؤشرا مهما لعولمة الاقتصاد العالمي.
ترتكز العولمة المالية على عملية التحويل المالي، لبنود حساب رأس المال"أحد المكونات الرئيسية لميزان المدفوعات "، و تعتمد هذه العملية بدورها على إلغاء الخطر على المعاملات في حساب رأس المال و السياسات المالية لميزان المدفوعات، و تتكون هذه المعاملات من مختلف أشكال رأس المال مثل الديون، و أسهم المحافظ المالية، و الاستثمار المباشر و العقاري و الثروات الشخصية.
و تتمثل العولمة المالية في مجموعة من المعاملات هي:
• المعاملات المتعلقة بالاستثمار في الأسواق العالمية كالأسهم و السندات.
• المعاملات المتعلقة بالائتمان التجاري و المالي و الضمانات…
• المعاملات المتعلقة بالبنوك كالودائع و الاقتراض و الودائع الأجنبية.
• المعاملات المتعلقة بحركات رؤوس الأموال الشخصية كالقروض و المنح.
• المعاملات المتعلقة بالاستثمار الأجنبي و تحويلات الأرباح.
3) أسباب توسع العولمة في العشرية الأخيرة
-حرية حركة السلع والخدمات والأفكار وتبادلها الفوري دون حواجز أو حدود بين الدول.
– تحول العالم على قرية كونية بفعل تيار المعلوماتية، أي يصبح كل سكانه في حالة معرفة وإحاطة فورية بما يحدث لدى الآخرين.
– ظهور آليات جديدة مستقلة عن الدولة آليات تقوم بوظائف كانت في يوم ما قاصرة على الدول وأصبحت اليوم بحكم العولمة بعيدة عنها.
– ظهور نفوذ الشركات المتعددة الجنسية كقوة عالمية فائقة النفوذ والقوة تسعى من أجل الهيمنة وليس لها ولاء أو انتماء لدولة بعينها
– تحرير التجارة الدولية تحت لواء المنظمة العالمية للتجارة.
– التحالفات الإستراتيجية للشركات العالمية وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
– التزايد المستمر لانتشار التكتلات الاقتصادية الإقليمية.
– التطور المذهل والسريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
كما نذكر أهم ظواهر العولمة :
– تعاظم دور رأس المال: حيث أن صناعة الخدمات المالية بعناصرها المصرفية و غير المصرفية أصبح الاقتصاد العالمي تديره و تتحكم فيه أهم البورصات العالمية مثل: داو جونز، ناس داك، نيكاي، داكس و غيرها و التي بواسطتها تنقل رؤوس الأموال من مستثمر إلى آخر داخل الدولة أو بين الدول دون أي عوائق أو صعوبات.
– ازدياد فوائض رؤوس الأموال الباحثة عن استثمارات بمعدلات أرباح عالية و هي بطبيعة الأمر مدخرات غير مستثمرة في دولة المنشأ لرأس المال الأمر الذي يدفعها للبحث عن استثمارات خارجية على المستوى الدولي أفضل مما لو بقيت في الداخل أو مستثمرة بمعدلات ربحية متدنية في الدول المصدرة لهذه الأموال.
– ظهور وسائل جديدة استقطبت أصحاب رؤوس الأموال، مثل المبادلات و الخيارات و المستقبليات، إلى جانب الوسائل التقليدية في الأسواق المالية كالسندات و غيرها.
– التقدم التكنولوجي الهائل بحيث يسمح للمستثمر من المتابعة الدقيقة لأمواله و تحركاتها الاستثمارية لحظة بلحظة، حيث جميع الأسواق المالية مرتبطة بعضها ببعض، مما ييسر عملية الفعل و رد الفعل على أية عملية مالية مرغوب بها.
4) تكيف دول النامية مع العولمة
يجب على الدول النامية:
– التعامل مع العولمة المالية بمرونة وذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة و المناسبة حتى تستطيع
تحقيق مصالحها وتعظيم مكاسبها
– إنشاء أنظمة مالية قوية وعميقة وزيادة كفاءتها وإتباع سياسات اقتصادية سليمة مع إدارة
الأعمال والمخاطر المالية بشكل جيد
– إدخال التقنيات الحديثة المساعدة في النشاطات المالية
– وضع تشريعات وقوانين صارمة تحكم نشاط الأسواق المالية
5) مجالات الاستفادة من العولمة
– تستطيع الدول النامية من خلال الانفتاح المالي الوصول إلى الأسواق المالية الأولية بهدف الحصول على ما تحتاجه من أموال لسد العجز في الموارد المحلية، أي قصور المدخرات عن تمويل الاستثمارات المحلية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمار المحلي وبالتالي معدل النمو الاقتصادي، كما يفسح المجال في تحقيق تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين.
– تحرير و تحديث النظم المصرفية و المالية و خلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص و كذلك لحد من ظاهرة رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، كما تساهم الاستثمارات الأجنبية على تحويل التكنولوجيا إلى الدول المستثمر فيها.
-تحقيق تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الاقتصاديين.
– تفسح حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة و استثمارات المحافظة المالية بالابتعاد عن القروض المصرفية التجارية و بالتالي الحد من زيادة حجم الديون الخارجية
– الرخاء الاقتصادي و الفرص الاقتصادية
– انخفاض السعر و رفع مستوي المعيشة
– انخفاض مستوي البطالة
– توسع الاستثمار
5- الخاتمة
أصبحت العولمة حتمية يفرضها الوضع الاقتصادي العالمي الراهن وهذا بمختلف أنواعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، وهذه الأخيرة ونتيجة التقدم التكنولوجي الذي مكن من تحريك الأموال من داخل الدول والى خارجها بسرعة اكبر لها منافع أساسية للدول النامية ، وذلك عن طريق توجيه الأموال إلى الاستثمار في هذه الدول مما قد ساعد على تحقيق مستويات نمو ومعيشة أعلى وخلق فرص جديدة للتمويل والتشغيل دون زيادة الديون الخارجية، إلا انه في المقابل أن الانعكاسات المفاجئة في اتجاه الأموال قد يهدد الاستقرار المالي الوطني لتلك الدول، وهذا ما حدث للدول النامية من أزمات وصدمات مالية مكلفة
هل هذه الأجوبة نموذجية أم هو اجتهاد شخصي
الله يستر يا رب