تخطى إلى المحتوى

فصول ومحطات تجربة الخيانة 2024.

فصول ومحطات تجربة الخيانة

ما إن لاح الفجر حتى تبين بأنه يوجد إلى جانب هؤلاء المقتولين الحسين حجيجي مسؤول الاتصالات لدى بلونيس، أما عبد القادر لطرش فقد عثر عليه فيما بعد مقتولا ومقطوع الأنف والأذنين، وبالنسبة للجنود المقتولين فقد كان عددهم بالمئات، وفيما يخص الجنود الأسرى فقد تم قتلهم يومي 20 و21 جوان وتعدادهم 300 منهم 86 كانوا معتقلين قبل الحادثة عند بلونيس.

وحسب تصريح لأحد الذين استسلموا للجيش الفرنسي وكان حاضرا أثناء هاته الحادثة، فإن 160 من المعتقلين قتلهم العربي قبايلي وحده.

لما قتل لطرش تولى قيادة جيشه حمه، وتوجه نحو جبل بوكحيل للالتحاق بمفتاح، وبينما كان هذا الجيش في طريقه هاجمته القوات الفرنسية بتاريخ 30 جوان في جبل طفارة على بعد 20 كلم من الجلفة، ودامت المعركة 45 دقيقة بعدها تلقى قائدها الضابط الفرنسي جان نوس Jean Nos أوامر بالانسحاب، وأعد تقريرا حول هاته المعركة جاء فيه "إن هاته المواجهة مع أتباع بلونيس كشفت بأنهم لا يستسلمون دون قتال، وجنودنا لا يمكن أن يشاركوا في معارك في ظل هاته الظروف".

بعدها أشاع العقيد جيرارد GIRARD بواسطة مناشير بأن مفتاح انضم إلى الجيش الفرنسي، داعيا أتباع بلونيس إلى انتهاج نفس المنهج، لكن هاته الحملة لم تثمر في البداية، إذ لم ينضم إلى الجيش الفرنسي إلا 150 وبتاريخ 25 جوان.

في هاته الأثناء كان بلونيس قد غادر مقر قيادته بدار الشيوخ مع حراسه القبائل وحمل معه الأموال، وقد شوهد مع العربي قبايلي وزوجته في شمال جبل زمرة وتشتت فلول أتباعه.

وبالنسبة لموقف القيادة العسكرية في هاته الأثناء وقبل هاته الحوادث كانت قد أصدرت في 16 جوان 1958 تعليمات من الجزائر تأمر GIRARD، بالعمل على استرجاع الأسلحة الموجودة لدى عناصر بلونيس، وبالنسبة للجنود العمل على ضمهم إلى الجيش الفرنسي بصفة حركى أو مخازنية، أو تسريحهم والسماح لهم بالعودة إلى بلدانهم الأصلية، أما في حالة رفض تسليم أسلحتهم سيعتبرون متمردين.

استمرت الحملة مدة 15 يوما ابتداء من 18 جوان بعدها بدأت السلطات مرحلة المواجهة المسلحة مع الرافضين للانضمام للجيش الفرنسي.

انطلقت عملية DAMIER التي تهدف إلى تصفية مجموعات ANPA وجيش التحرير في آن واحد. ففي تقرير صادر عن قيادة العمليات المشتركة يقدر تعداد أفراد هذه العملية 8000 جندي بقيادة العقيد ترانكي المشكلة من فيلق الكوموندو للطيران وفيلق المظليين، وتستهدف القبض على بلونيس، لكن القيادة العامة لهاته العملية كشفت بأنها لا تستهدف مجموعات مفتاح المرابطة بجبل بوكحيل، وتنحصر مهمتها مبدئيا في تصفية 4 مجموعات موالية لبلونيس وأهمها مقدرة بحوالي 500 إلى 800 قبائلي في منطقة جبل الصحاري، وتستهدف كذلك مجموعتين إحداهما ب500 جندي وأخرى من 200 اللتان يبدوان بأنهما لم يتخذا موقفا حاليا، حسب ما جاء في التقرير.

كما كشف ذات التقرير بأن هناك مفاوضات بين مفتاح وعمر إدريس الذي يقود كتيبتين في ضواحي بوكحيل. بعد القضاء على بلونيس في جويلية 1958 بدأت آخر وحدات بلونيس في التراجع والتقهقر.

وفي المقابل كانت الولاية السادسة بقيادة الحواس قد استرجعت قواتها ومنها المنطقة التاسعة للولاية الخامسة التي كان يقودها عمر إدريس، وبدأت وحدات جبهة التحرير في التموقع في أماكن عدة ضواحي الجلفة خاصة منها الأماكن التي كانت تحت قيادة بلونيس، وللعلم بأن تفكك وحدات بلونيس لم يكن تحت ضربات جيش التحرير أو الجيش الفرنسي فحسب، بل وقع اقتتال بين بعضهم البعض يضاف إليها التصفيات التي وقعت غداة هجوم لطرش على دار الشيوخ، وراح ضحيته المئات من الجنود الذين تمت تصفيتهم على يد بلونيس وأتباعه.

مصالي الحاج الذي التزم الصمت حول تصرفات بلونيس خاصة بعد أن أعلن بلونيس موقفه العلني الذي يبتعد عن خطة الحركة الوطنية، ونطق بعد القضاء على بلونيس، فقد صدر بيان غريب عن الحركة الوطنية جاء فيه "بأن الجنرال بلونيس قد استشهد ببطولة والسلاح بيده لأنه رفض الاندماج ويقود حربا من أجل استقلال الجزائر وتقرير مصيرها".

مفتاح في ركب الحركة الوطنية المسلحة

بدأ مصالي في استرجاع مفتاح إلى صفوف الحركة الوطنية وتأطيره بعد أن سبق أن أعلن عداءه لجيش الوطني للشعب الجزائري ءذخء. وولائه لمصالي والحركة الوطنية.

في المدة بين 21 و22 جويلية 1958 اشتبكت القوات الفرنسية مع مجموعة الميلود وجيش بن دقمان في ضواحي زنينه، وهي المجموعة التابعة لمفتاح، في شهر أوت أحصت القيادة العامة بالجلفة انضمام 200 من أنصار بلونيس إلى صفوفها وبصفة حركي، ومنهم العربي قبايلي والعربي الباريزي سعد مع جنود تعداده 37 فرد والعربي عين الريش وسي الحسين (يجب عدم الخلط بين الحسين حجيج) وعبد القادر دحماني.

مفتاح في مواجهة القوات الفرنسية

وانطلقت حملة فرنسية ضد مجموعة مفتاح الذي أعلن نفسه وريث زيان عاشور وليس بلونيس، إذا توجه العقيد LEVET قائد قطاع بوسعادة بتاريخ 27 جويلية نحو جبل بوكحيل وقام بعملية واسعة النطاق استهدفت جيش مفتاح، دامت يومين استعمل فيها النابالم، وتتضارب نتائجها، فالبعض يقول بأن هناك 103 جندي من الحركة الوطنية قتلوا و12 فرنسيا من بينهم ضابط، وتقارير أخرى تشير إلى مقتل 90 من أتباع مفتاح و24 جريحا و15 أسيرا من بينهم قائد كتيبة من جيش مفتاح و90 من الجانب الفرنسي.

نفس الهجوم قام به العقيد جيرار في جبل الصحاري يومي 1و12 أوت ضد جيش التحرير بقيادة عمر إدريس، استشهد فيه 34 جنديا وسجن 1 وقتل 3 فرنسين من بينهم قائد طائرة و21 جريحا وأغلب شهداء جيش التحرير قتلوا بالنابالم.

وفي 7 و11 أوت تم القضاء على مجموعة المبخوت على مرحلتين جنوب وشرق طاقين وتم أسر 50 من جنوده وهم كذلك من أتباع مفتاح.

في الفترة بين 31 و2 سبتمبر 1958 جرت اتصالات بين ممثلي مفتاح وممثلي جبهة التحرير في جبل محرق جنوب شرق الشارف، قاد المفاوضات من جانب مفتاح جقلاف وبن دقمان، أما عن الجبهة فقد كان مراد الذي طلب من موفدي مفتاح إبلاغه بضرورة تحديد مناطق تواجد ورسم حدود جغرافية لمنطقة كل منهما، وحسب ذات التقرير فإن هاته المحادثات لم تفض إلى أي اتفاق.

وفي 9 أكتوبر أرسل مفتاح رسالة إلى قائد جيش التحرير بالمنطقة جاء فيها "أرجو منك التحكم في عناصر جيشك وفي التنظيم الذي تشرفون عليه لتفادي أي اشتباك مسلح بيننا، وفي حالة العكس تتحملون مسؤوليتكم"، وأضاف بأنه من المؤلم الاقتتال بيننا في حين يقوم الاستعمار بمحاربتنا معا، وأضاف أن المدنيين مندهشون وهم يرون المجاهدين يتقاتلون فيما بينهم..

عكس هاته الرسالة التي أرسلها مفتاح المتميزة بنوع من الحس الوطني، فقد كتب بن دقمان رسالة إلى قادة كتائبه جاء فيها "تحدثونني عن اتفاقكم مع الجبهة، إنها تعد لكم كمينا… الاتفاق بينكم وبين الجبهة لن يكون إلا بلغة الرصاص كما سبق أن أمرتكم".

في أواخر ديسمبر 1958 تعززت قوات مفتاح، حسب تقرير المكتب الثاني، الذي كشف وجود 1200 مقاتل تحت قيادته مقسمين إلى 3 كتائب كالتالي:

مفتاح في بوكحيل بن دقمان في جبل مساعد وجقلاف في الشارف، وبالنسبة للتسليح فلدى هاته الكتائب ما بين 1500 و2500 قطعة سلاح حربية وكمية كبيرة من الذخيرة تم غنمها من بلونيس. موقف الضباط الفرنسيين من جيش مفتاح

استراتيجية الموقع الذي يشرف عليه مفتاح جعل القيادة العامة للجيش الفرنسي بالجزائر تراجع حساباتها، حيث رأت بأنه في حالة القضاء على مفتاح وجيشه أو تشتيته، يتحتم عليها تكثيف تواجدها في المنطقة بسرعة ودعمه بطريقة غير مباشرة بعدم مهاجمته لتمكينه من صد زحف جيش التحرير في منطقة الجلفة.

بالنسبة لجبهة التحرير وموقفها من مفتاح وبقايا الحركة الميصالية فقد تقرر في اجتماع العقداء بالطاهير من 6 إلى 12 ديسمبر تصفية مفتاح وأتباعه، لهذا الغرض تم تدعيم الولاية السادسة بكتيبة من الولاية الرابعة للقضاء على بقايا الحركة الوطنية. من جهته الجنرال روي ٌُّز الذي استخلف الجنرال دوبوي ٌٌٌّىُِِّْم على رأس منطقة جنوب العاصمة ذهب إلى أبعد حد، إذ أصدر تعليمة بتاريخ 20 فيفري 1959 جاء فيها "عدم القيام بأي عمل عسكري ضد بقايا الحركة الوطنية (CSA) ومساعدتهم بالذخيرة والدعم الجوي".. لكن رغم موافقة الجنرال ماسو MASSU على هذا القرار، فإن الجنرال

ALLARD قائد الناحية العسكرية العاشرة رفض ذلك (بدعوى أن هذا التصرف يعطي الاعتراف بالحركة الوطنية وبالتالي العودة إلى تجربة بلونيس ويحبذ تركهم على حالهم، لكن يمنع اتصال بهم وعدم منحهم الذخيرة والسلاح خاصة). أما العقيد قودار ومن خلال تقرير صادر بتاريخ 20 أفريل 1959 يرى أن هاته المجموعات تشكل قوة فوضوية، وبالتالي فإن الأسلحة التي بين يديها تعتبر غنيمة ثمينة بالنسبة لجيش التحرير بالولاية السادسة، والأفضل هو تحطيمها أو تشتيتها بعد استسلام أفرادها.

العقيد جيرار لازال من جهته يأمل في انضمام جماعي لبقايا الحركة الوطنية إلى صفوف فرنسا.

ففي شهر نوفمبر 1958 راسل بن دقمان ومفتاح في هذا الشأن لكن هذا الأخير أجابه بأنه لن يمتثل إلا لتعليمات مصالي، في حين كانت إجابة بن دقمان برسالة مهينة للفرنسيين.

وفي هاته الأثناء بدأ بن دقمان وجقلاف يتآمران على مفتاح بدعوى عدم تمكنه من لملمة شتات الحركة الوطنية. نهاية مفتاح مع بداية الفصل الأول 1959 بدأت مجموعات مفتاح تذوب ذوبان الثلج في قمم الأطلس أثناء الربيع، حسب تعبير الكاتب، إذ بدأت تتناقص أعدادها ليس بسبب خسائر القتال، لأن الجيش الفرنسي كان يحافظ على هذه البقايا، وليس بسبب المواجهات بين مفتاح وجبهة التحرير لأنها كانت ضئيلة، فقد دب اليأس في صفوف الجنود وأغلبهم فضل الفرار والعودة إلى الحياة المدنية.

ومن أسباب تهلهل جيش مفتاح مقتل العديد من معاونيه الأساسيين ثلاثة منهم هم بن دقمان قتل يوم 26 مارس بزمرة، وعمر الوهراني يوم 10 ماي في اشتباك مع الفرنسيين، وبن جدو انضم إلى الفرنسيين يوم 4 ماي مع 14 من أتباعه بأسلحتهم، وأصبح مسؤول الحركى، حسب التقرير الشهري للمخابرات قطاع الجلفة صادر في جويلية .1959

في سبتمبر 1959 اتصل أوروبي وافدا من بون مَر إلى بوكحيل، مبعوثا من طرف مصالي الحاج والتقى بمفتاح، ثم بعدها في 23 نوفمبر 1959، جاء ثلاثة آخرون باسم الحركة الوطنية من باريس من بينهم جزائريان وفرنسي لم يذكر الكاتب أسماءهم وعقدوا سلسلة من الاجتماعات مع مفتاح ومع عبد الله السلمي من جهة أخرى وممثل الحركة الوطنية بمنطقة وهران كل على حدة، وتمت خلال هاته اللقاءات استشارتهم في حالة ما إذا دخل مصالي في محادثات مع ديغول، فالإجابة كانت بإتباع تعليمات الحاج مصالي.

في سبتمبر 1959 أصبحت مجموعة مفتاح منقسمة إلى ثلاثة قطاعات:

مبارك مسؤول منطقة الشارف، ساعد حيواز منطقة بوكحيل وعمر عاشور في منطقة أولاد جلال.

نهاية سنة 1959 وفي ظل العد التنازلي لجيش مفتاح، وتراجع نفوذه، ارتكب أحد الأخطاء الجسيمة، حيث قيام بتصفة اثنين من أقرب مساعديه بتاريخ 8 نوفمبر وهما أحمد بولحية وعامر قويري، اللذان أعلنا نيتهما بالانضمام إلى جيش وجبهة التحرير، ونتيجة لهذا التصرف وبحكم مكانتهما داخل الجنود وقع تمرد في صفوف قيادة أركانه أدى إلى طرده من بوكحيل وتعويضه بالمدعو محمد بلعلمي وهو محمد طاهة بن العلمي، فذهب مفتاح مع 50 جنديا وأحد مساعديه يدعى لمبارك الذي سرعان ما انشق عنه فيما بعد، ولم يبق مع مفتاح سوى 5 من جنوده يتنقل بين الشارف والجلفة إلى غاية فيفري 1960، حيث تمكن الملازم عمر لكحل أحد مساعدي سالم بن خليفة قائد مجموعة الحركة الوطنية بالمنطقة من القضاء على مفتاح وكان سعيدا بالانتقام لمسؤوله السابق أحمد بولحية.

تلك النهاية المؤلمة لمفتاح الذي كان سببا في انهيار حركة بلونيس رغم صغر سنه، حيث كان عمره 30 سنة لما قتل وظل وفيّا لمصالي حتى آخر يوم من حياته.

كيف وصلت حركة مفتاح إلى هاته النهاية؟

في تقرير أعده ضابط المخابرات للقطاع العسكري بالجلفة ومؤرخ بتاريخ 3 فيفري 1960 جاء فيه: "منذ انهيار بلونيس، أراد مفتاح بسط نفوذه على ولاية الصحراء كقائد للحركة الوطنية المسلحة، لكن لم يتمكن من ذلك بحكم عدم تمكنه من فرض سلطته على بن دقمان وجقلاف وعمر الوهراني داخل الجيش.

وكانت هناك حالة من الحقد والتكتل تسري بين قادة الحركة المنحدرين من منطقة أولاد نائل (ساعد حيواز، محمد بلعلمي، عمر عاشوري، عبد القادر بن دقمان، عامر قويري، أحمد بولحية، سالم بن خليفة، عبد الرحمان الرافال وأحمد بلقاضي) ومن جهة أخرى (مفتاح واسمه الحقيقي موزي أو ماوزي عليوات المولود حوالي 1929 بمنطقة ألما ALMA) أحمد حواش من الأغواط وامبارك من طاقين خةصاءش.

الانكسارات المتتالية لجيش مفتاح جراء ضربات القوات النظامية، وجيش جبهة التحرير قلل من مصداقيته.

في أكتوبر 1959 عقد مفتاح اجتماعا لقادة الحركة في بوكحيل وبالتحديد في الشمال الغربي لمنطقة أولاد جلال، وخلال هذا اللقاء تعرض مفتاح لانتقادات وبسبب عدم تمكنه من تحقيق الوحدة بين أفراد جيش الحركة المنتشرين في الصحراء.

بعدها قام مفتاح بتصفية أحمد بولحية وعامر قويري بواسطة المدعو بتقة الكاتب الخاص لمبارك وبطريقة سرية لما أزيح مفتاح عن قيادة الجيش.

بعدها ذهب مفتاح مع مبارك الذي بقي وفيا له مع 60 جندي ومسلح بقطعتين من سلاح ح.ئ إلى منطقة سنلبا بهدف ضم مجموعات الشارف إلى صفه، لكن قائد الحركة الوطنية في هاته المنطقة لما علم بمقتل بولحية وقويري تخلى أنصار مفتاح عنه وانسحب مبارك ومجموعته إلى طاقين، في حين بقي مفتاح مع 5 معاونيه قرب باب بني مسعود (معد هذا التقرير لم يعلم بقتل مفتاح).

ما بعد مفتاح ومصير بعض أتباعه

بعد تصفية مفتاح، تراجع الجنرال روي عدز الذي كان يدعو إلى التريث في محاربة مفتاح، بتاريخ 5 أفريل أمضى تعليمة خاصة جاء فيها (عدم التفرقة بين أفراد الحركة الوطنية دون استثناء، شأنهم في ذلك شأن عناصر جيش وجبهة التحرير ومحاربتهم دون هوادة باستثناء الذين يستسلمون وينضمون بدون شروط، إذ يتم إرسالهم إلى مقر إقامتهم، ومهما كانوا لا يقبل انضمامهم للقوات النظامية، لكن شال اعترض على هذا القرار بقبولهم إن أرادوا الانضمام إلى الجيش الفرنسي بصفة فردية).

في هاته الأثناء تولى بلعلمي قيادة مجموعة الشرق وانضم إليه سالم بن خليفة و70 جنديا وفضلا عن مجموعته المسلحة ب70 بندقية ورشاشين 2 وقام بالهجوم مرتين على المجموعات الفرنسية في جوان 1960 وقتل ثلاثة فرنسيين، وفي نفس الشهر تلقى حيواز ضربات موجعة إذ كان متمركزا بمنطقة سنلبا وخسر 31 جنديا وأسر الفرنسيون 10 جنود من أتباعه من بين ال70 التي كانت تحت قيادته.

وفي شهر جويلية جاء دور بن خليفة الذي خسر 13 جنديا و12 بندقية وسلاح رشاش واحد وتم مفكيك خلية الحركة الوطنية بالجلفة. وحسب ما أفاد به مراسل يومية "كريتيان ديمقراط" الصحفي أندري لويس Andr Louis الذي زار هاته المجموعات جاء في موضوعه "فإن الحركة الوطنية بالصحراء ضعفت بسبب سوء هيكلتها فبقيادة العلمي ونائبه العسكري عبد الرحمان النوي المدعو الرفال كانت مقسمة إلى 4 قطاعات، وهي جبل زمرة ومناعة بقيادة عبد الله السلمي، بوكحيل عمر عاشور فيض البطمة ساعد حيواز، الشارف سالم بن خليفة وبكل قطاع يوجد من 60 إلى 80 مقاتلا.

شهرا أوت وسبتمبر 1960 سادهما هدوء، وفي التقرير الشهري للاستعلامات الصادر في شهر اكتوبر عن قطاع الجلفة جاء فيه "انهيار الحركة الوطنية كان كاملا في المنطقة الثالثة (مجموعة حيواز) وجزئيا في المنطقة الثانية (مجموعة عاشور) حيث تم القضاء على 50 جنديا واسترجاع 59 قطعة سلاح.
حيواز فقد منذ جوان نائبه وقائد كتيبة و3 من قادة مجموعاته، وقل عدد جنوده من 103 في ديسمبر 59 إلى 20 جنديا حاليا، وبالنسبة لعبد الله السلمي لديه 53 جنديا في المنطقة. وفي المنطقة الرابعة بن خليفة 70 جنديا وعمر عاشور هو الآخر معه 125 جندي. وأضاف التقرير أن جميع هاته المجموعات تلقت تعليمات بالحفاظ على تواجدها، ظانين بأن الوقت يعمل لصالحهم. في نهاية السنة وفي الوقت الذي صدرت فيه أوامر للجيش الفرنسي بعدم التعرض لمجموعات الحركة الوطنية، على خلفية العمل على تشكيل القوة الثالثة، لكن هاته التعليمات لم تتبع، ففي 20 أفريل 1961 قام الفيلق الثاني للفيف الأجنبي للخيالة بالهجوم بثنية الحصباية بمنطقة سنلبا على بلعلمي وحيواز وبن خليفة الذين كانوا في اجتماع وقتلوا جميعا مع 14 جنديا بعد اشتباك عنيف.

الجنرال بلونيس يخدم جبهة التحرير؟؟
أدلى الجنرال بلونيس بتصريح لإحدى القنوات الإذاعية الفرنسية في 03 ديسمبر 1957 مفاده بأن الجزائر لا يمكنها الانفصال عن فرنسا، و هو الذي كان ينصب العلم الجزائري موازاة مع العلم الفرنسي على بوابة مقر قيادته بحاسي العش ثم بدار الشيوخ بالجلفة طامعا في حكم ذاتي و متشبثا بمبدأ المفاوضات التي كان يديرها مثله الأعلى "مصالي الحاج" مع الحكومات الفرنسية المتساقطة بفضل ضربات الجبهة.. و هو ما اعتقدته فرنسا التزاما لا يمكن للجنرال التراجع عنه، متوهمة أنها ضمنت عدم تنصله من هذا الإلتزام و عدم تفطنه لمحاولتها الاستغناء عن خدماته و استبداله بالعقيد " بن سعيدي" الذي غرسته شوكة في حلقه ، و لم تنطل على الجنرال هذه الحيلة و لم يكن بتلك السذاجة التي تفوت عليه إدراك مثل هذه المكائد، كما يفترض أن فرنسا تدرك جيدا إمكانيات الجنرال في المناورة و فك الألغاز. فدون تردد دخل في صراع معها فاتحا على نفسه جبهتين جديدتين تمثلتا في فرنسا و بن سعيدي بالإضافة إلى العدوين التقليديين "جبهة التحرير الوطني" و "الزيانيين". و على ذكر اسم بن سعيدي المعروف بالمؤامرات و الدسائس و حرب العصابات التي تمرن عليها في حرب الهند الصينية كمجند في الجيش الفرنسي، نذكر بأنه قدم سابقا خدمة جليلة لفرنسا بإقدامه على الغدر بالعقيد "علي ملاح" قائد الولاية السادسة بإعدامه في 28 ماي 57 بعد ان تمكن من القضاء على الفوج الذي اصطحبه من الولاية الثالثة و هي الحادثة التي شلت من تحرك الجبهة و عطلت هيكلة الولاية السادسة، و أصبحت جبهة التحرير الوطني و جيشها موجودة بالمنطقة من خلال المنطقة الثالثة للولاية الأولى عبر نشاط أفواج موفدة من الأوراس بقيادة "الحسين بن عبد الباقي" و المنطقة الخامسة للولاية الرابعة التي كانت تتحرك أفواجها بقيادة الشهيد "سي الطيب الجغلالي" -الذي أصبح فيما بعد قائدا للولاية السادسة من بداية شهر أفريل إلى نهاية جويلية 1959- و المنطقة التاسعة من الولاية الخامسة بقيادة الشهيد "سي اعمر ادريس"، و بقيت على هذه الحال دون هيكلة و دون قيادة إلى غاية أواخر سنة 1958 حينما تقلد "سي الحواس" منصب قائد عام لهذه الولاية و هو الذي لم يعمر على رأسها أكثر من ثلاثة أشهر إذ استشهد في 29 مارس 1959 بجبل ثامر بنواحي بوسعادة رفقة العقيد "عميروش"، في طريق تنفيذ المهمة التي كلفا بها من طرف "لقاء العقداء" الذي تم بالطاهير بولاية جيجل و هي المتمثلة في الإتصال بلجنة التنسيق و التنفيذ في تونس قصد تأكيد رتبة "عقيد" لسي الحواس و ترسيم حدود الولاية السادسة التي عرفت تداخلا بين ثلاث ولايات الرابعة من الجهة الشمالية و الاولى من الجهة الشرقية و الجنوب الشرقية و الخامسة من الجهة الغربية .
أما الجنرال بلونيس فقد كتب عليه "التيهان" السياسي و العسكري فلم يعد يميز بين العدو و الصديق، و أضحت صديقته و صانعته فرنسا تلاحقه بشتى الوسائل فدبرت له انقلابا لم يؤت أكله كما تشتهي، ثم لجأت إلى أساليبها في التآمر و الخديعة باستعمال أذنابها من داخل معسكر الجنرال أمام أعين جبهة التحرير الوطني التي لا تنام و التي كانت ترصد كل كبيرة و صغيرة و تبتهج للخدمات الجليلة التي قدمها لها الجنرال من حيث لا يحتسب..
تعددت الروايات و الاغتيال واحد..
روايات عدة انتشرت حول مقتل الجنرال دوخت أبناء الولاية السادسة، و لأنه-الجنرال-فتح عدة جبهات ضده، كان الكل يبحث عن رأسه بداية من فرنسا التي صنعته إلى الجبهة التي ضايقها إلى الزيانيين الذين جمعتهم به المصالية سابقا.
و كانت أولى محاولات الاغتيال دبرت له من داخل معسكره و مقر قيادته بدار الشيوخ، فشهد محاولة لاقتحام مقره ليلا بإيعاز من قيادات داخل جيشه و تحديدا من "سي مفتاح" باءت بالفشل ليقظة الحرس الذين تبادلوا إطلاق النار مع 5 مقتحمين تمكنوا من الفرار دون تحديد هويتهم في ذلك الوقت، و التساؤل الذي يطرح نفسه بشدة هو لماذا تحالف "سي مفتاح" مع بلونيس حينما كانت فرنسا تساند هذا الأخير و تدعمه ثم انقلب عليه و حاول قتله بعد الجفاء و القطيعة التي وقعت بين الجنرال و فرنسا؟؟..فهل هذا يعتبر ولاء من "مفتاح" لفرنسا ؟ -على اعتبار أن نهايته كانت على يد جبهة التحرير بأحد المنازل بقرية عامرة جنوب الجلفة-.
و بعد أيام من فشل هذه العملية لجأ مناوؤوا الجنرال إلى عملية ثانية أكثر دهاء حينما دخل و بكل برودة أعصاب القيادي "عبد القادر بلطرش" و "بلقاسم نويجم سواق البل" ذات مساء مكتبه بمركز القيادة بدار الشيوخ و حاولا اغتياله ، فكانت لهما ابنة الجنرال بالمرصاد و هي الحاضرة بصفتها احد حرسه الشخصي فتمكنت من القضاء على "عبدالقادر بلطرش" و لاذ الجنرال بالفرار جريحا، فيما تمكن أيضا "سواق البل" من الإفلات سالما سيما و ان الواقعة حدثت ليلا.
أدرك الجنرال أنه أصبح غير مرغوب فيه داخل معسكره الذي فاحت منه الخيانة فلجأ هاربا إلى منطقة "راس الضبع" سيدي عامر حاليا، و تقول إحدى الروايات أن الجنرال فر متنكرا في زي إمرأة و لما وصل إلى منطفة سيدي عامر اكتشف أمره أحد الرعاة فاستنكر منه تشبهه بالنساء فقتله بعد ان ظنه "حرايمي" فيما تسرد رواية أخرى أن "بلقاسم سواق البل" تتبع خطوات الجنرال و تمكن منه بمنطقة سيدي عامر و هو متنكر في زي راعي غنم فقتله..
أما الرواية الثالثة فتقول بأن فرنسا هي من قتلته في معركة دامت أيام حشدت خلالها قوات من مناطق مجاورة بوسعادة-الجلفة- استعملت فيها المدفعية و الطائرات لمحاصرة و ضرب الجنرال و جنوده دائما بمنطقة سيدي عامر، حيث تمكنت من القضاء عليه رفقة بعض جنوده، و عمدت بعدها إلى عملية استعراض لجثمان الجنرال و صلبه على باب على متن شاحنة و عرضه بوسط مدينة الجلفة قرب نافورة الماء بعد ان جابت به شوارع المدينة.. و لكن كل الروايات تؤكد ان الجنرال قتل بسيدي عامر في 14/07/1958 .
و بذلك يكون دم الجنرال قد تفرق بين عدة جبهات ما يبين أن الجميع كان يطارده و هو يطارد الجميع.
مات الجنرال و بقي البلونيسيون..
اعتقدت فرنسا كما اعتقدت جبهة التحرير الوطني و الزيانيون أن بموت "محمد بلونيس" تنتهي حركته و يتفرق أتباعه، لكن ما حدث كان عكس ذلك فقد مات الجنرال و بقيت حركته،و اشتدت القبضة الحديدية من جديد بين البولنسيون و فرنسا، و كان أنصار بلونيس تحت قيادة جماعية تتكون من عبد القادر بن دقمان-بشير لغواطي-عبد الله السلمي- محاد بلعلمي – عبدالرحمان نوي..و كان عليهم مواصلة المواجهة ضد أربع جبهات فرنسا-الجبهة-الزيانيون- بن سعيدي،كما كان عليهم الوقوف ضد عمليات الاستنزاف التي كانت تستهدفهم عبر نداءات أطلقتها مجموعة من قياديين مصاليين على رأسهم "نصبة احمد بن عاشور" المدعو "القلاوي لكحل " في جانفي 1959 مغزاها الانضمام لجبهة التحرير الوطني و الانسحاب من حركة بلونيس، و هي نفس النداءات التي أطلقتها قيادة الجبهة بالولاية السادسة بأمر من العقيد "محمد شعباني" تدعوا للإنضمام مع تقلد مسؤوليات دون مشاكل شريطة أن يحمل كل من يرغب في الانضمام استمارات النداء معه.
و لقيت هذه النداءات استجابات محدودة في صفوف أفراد جيش بلونيس الذين استمروا في معاركهم ضد الجبهات الأربع..فقد وصل قتلى الجيش الفرنسي بإحدى المعارك "زمرة" أكثر من 1000 قتيل في 26 من شهر مارس 1959 أي 8 أشهر بعد مقتل الجنرال..و كذا الاشتباكات المتعددة التي خاضها أتباعه ضد الجبهة كالاشتباك الذي حدث في جبل مناعة في سبتمبر 58 .
و في هذه الفترة ملأت فرنسا المعتقلات و السجون بانصار الجنرال "الغادر المغدور" و نالهم من العذاب و التنكيل و القتل ما نال معتقلي جبهة التحرير على يد غلاة المستعمر.
الجبهة المستفيد الأول و فرنسا الخاسر الدائم..
و في هذه الأجواء المشحونة تكون فرنسا قد خسرت كل الولاءات التي راهنت عليها فلم تحافظ على الزيانيين لتحطيم جبهة التحرير الوطني و لم تحافظ على البلونيسيين لتحطيم الزيانيين، و من ثم فتحت جبهتين جديدتين ضد نفسها " بلونيس-الزيانيون" فانقلب السحر على الساحر.. و هذا ما يصفه الكثير من المجاهدين بالأمر "الرباني" بحيث لم يتوحد الجميع في جبهة واحدة و في نفس الوقت توحد الجميع في محاربة فرنسا..
و نشير هنا إلى أن هذا الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد لم يقتصر على أفراد الولاية السادسة، فمنطقة الاوراس مهد الثورة كانت تشهد اقتتالا بين الأخوة الأعداء الذين تفرقوا فيما بينهم و اتفقوا على محاربة فرنسا..فيد فرنسا نجحت في تفريق الأخوة و إرادة الله أبت إلا ان توحدهم في قتالها.
و كان المستفيد الأول هو جبهة التحرير الوطني التي و رغم أن الجميع كان يناصبها العداء إلا أن الجميع خدمها بطريقة أو بأخرى و بمواجهتم لفرنسا. و برغم الفراغ الذي تركه كل من سي الحواس و سي اعمر إدريس و من بعدهما سي الطيب الجغلالي إلا أنها لم تتعثر و بزغ نجم العقيد "محمد شعباني" الذي بسط نفوذه على كامل تراب الولاية السادسة.

في ذكرى انعقاد مؤتمر الصلح والانضمام (أسرارومؤامرات)
تمر في شهر
ماي الذكرى الثالثة والخمسون لانعقاد مؤتمر "الصلح والانضمام"، الذي احتضنته الولاية التاريخية السادسة
بداية من 7 ماي إلى غاية منتصف نفس الشهر سنة 1957، بمنطقة الجلفة دون وجود
أية أرشفة لهذا المؤتمر ولا معلومات تاريخية تحدد المعالم السياسية
لانعقاد هذا المؤتمر الذي شارك فيه الرائد "سي لطفي"، قبل أن يترقى
عقيدا عن الولاية الخامسة والرائد "أعمر إدريس" عن الولاية السادسة
وحسب بعض المصادر التاريخية،
فتعود خلفية انعقاد هذا المؤتمر إثر سقوط
كتيبة من المصاليين تابعة
للولاية السادسة ـ كان يقودها "عبد الرحمان بلهادي" وشاركت في معركة ريشة السبعين ـ
شهر أفريل 1957 في الأسر بالولاية الخامسة من طرف قيادات وجنود بهذه الولاية، وتم حجز هذه
الكتيبة بناء على شكاوى من مواطنين اتهموا الكتيبة بالتحريض ضد جبهة
التحرير الوطني وإلصاق تهمة الخيانة بها، بالإضافة إلى تهمة تأليب المواطنين ضد
الجبهة.. وكانت تضم الكتيبة 72 جنديا بعد سقوط العديد كشهداء، وأسر
الباقون من طرف الجيش الفرنسي.وكان من بين المحتجزين بالولاية الخامسة،
القيادي بالحركة الوطنية "محمد بلهادي" ـ شقيق "عبد الرحمان
بلهادي" ـ الذي قدم من معركة عين الملح جريحا لخلافة أخيه الذي وقع في الأسر لدى
المستعمر، وكان يرى "محمد بلهادي" نفسه خليفة "زيان عاشور"
زعيم المصاليين بالصحراء.. وحتى لا تتفاقم وتتطور الأحداث، تدخلت أطراف لتقويض النزاع
بين أتباع الحركة الوطنية والجبهويين، وسعت لفك أسر الكتيبة، لكن المساعي
التي قادها "سي شوقي" ـ المجاهد "الطيب فرحات" سيناتور
حاليا ـ باءت بالفشل، وتم توظيف شخصية "اعمر إدريس" في مفاوضات جديدة نظرا
لعلاقاته الواسعة وسمعته في صفوف الثوريين من جبهة التحرير أو الحركة الوطنية، برغم
أنه (جبهاوي)، وتم التوصل إلى اتفاق إثر لقاء بجبال "قعدة
القمامتة" بحضور الرائد "سي لطفي"،
ممثلا عن قيادة الولاية الخامسة
التي كان يقودها "عبد الحفيظ بوصوف". ورافق "سي اعمر" في هذا اللقاء عدة
مجاهدين، منهم (مڤلاتي، بوعزة، فرحات وبلقاسم قرادة). كما حضر اللقاء أعيان من
منطقة العمور والإدريسية والشارف، وهي مناطق تابعة للولاية الخامسة وحدودية ما
بين الولايتين السادسة والخامسة، وهذا ما لمحت له (مذكرات المجاهد
مصطفى قليشة "شاهد على جهاد الجزائر" التي صدرت سنة 2024)، وأشار في
مذكراته في الصفحة 23 دون أن يحدد مصطلح "مؤتمر الصلح والإنضمام" للقاء
الذي جمع سي لطفي وسي اعمر ادريس فيقول: "ذات صباح، قام بزيارتنا سي لطفي
مسؤول المنطقة الثامنة، وكانت زيارته مخصصة من أجل إدماج الجنود التابعين لعمر
إدريس.. ولحق بنا أيضا المجاهد الطيب فرحات، موفدا من طرف اعمر إدريس
للتفاوض بشأن الكتيبة المحتجزة لدينا، ودارت بينه وبين مسؤولي الكتائب محادثات
توجت بمقابلة أجراها مع مسؤول المنطقة سي لطفي، تطرقا خلالها لعدة
نقاط تطلبت حضور مسؤول المنطقة سي اعمر إدريس". وتضيف نفس المذكرات
"في جوي أخوي وثوري، تم التفاهم على عدة نقاط، كما تم تأجيل بعض المواضيع التي
كانت تتطلب بأن تفصل فيها القيادة العليا، ولعل هذا ما جعل القائد سي
لطفي يطلب من سي اعمر إدريس ضرورة الذهاب إلى المغرب لمقابلة
بوصوف.."، ما يؤكد أن زيارة سي اعمر إدريس للمغرب لم تكن بداعي جلب السلاح، كما أشيع
وسط المجاهدين في تلك الفترة، بل كانت من أجل وضع آخر الرتوشات على
الإتفاق الذي حصل بينه وبين سي لطفي.كما تؤكد مذكرات الملازم مصطفى بن اعمر
"الطريق الشاق إلى الحرية"، أن قضية السلاح كانت ضمن مهام الكتيبة
التي يقودها، إذ يقول إنه هو ومجموعة من المجاهدين (لزهاري بن شهرة، نائل علي..)
تكفلوا بجلب السلاح من الجهة الغربية بتكليف من العقيد علي ملاح. وانتقل وفد
مشترك من الطرفين إلى جبل "ڤعيڤع" بدار الشيوخ بالجلفة، لإتمام
جوانب الإتفاقية، وتم شرح بنود الإتفاقية لأنصار الحركة الوطنية وإقناعهم بضرورة
الانضمام إلى جبهة التحرير الوطني، وهو ما بدأ يتغلغل في صفوف الوطنيين وتم
إطلاق سراح الكتيبة المحتجزة بالولاية الخامسة، إثر بوادر الإنصهار
التي أسس لها مؤتمر الصلح والإنضمام.. لكن أبت ظروف طارئة إلا أن تنسف
بقرارات المؤتمر وتضع الولاية السادسة على كف عفريت، الأمر الذي دفع بسي
اعمر إدريس إلى التنقل للمغرب لمقابلة عبد الحفيظ بوصوف، كما نصحه بذلك
سي لطفي سابقا، لمناقشة بعض حيثيات المؤتمر وبعض المسائل العالقة،
واستخلف وراءه المجاهد "عبد الرحمان حاشي" كمسؤول سياسي، في حين كان
"العربي قبايلي" مسؤولا عسكريا.. وفي فترة غياب سي اعمر إدريس، حدثت تغييرات
كبرى عصفت بكل المجهودات التي كان يبذلها هذا المجاهد الوفي، الذي
استشهد لاحقا بعد أسره.ومن بين أهم التغييرات التي وقعت، حادثة إغتيال
العقيد "علي ملاح" ـ قائد الولاية السادسة ـ في الثامن والعشرين من شهر ماي
1957.. وإثر تقلب الأحداث في غياب "سي اعمر إدريس"، قام
"العربي قبايلي" المسؤول العسكري بتحرير استدعاءات وجهها للمصاليين ـ
المناوئين لقدوم الجنرال "بلونيس" لقيادة المصاليين ـ مستخدما دهاءه ومستغلا
طيبة المجاهد "عبد الرحمان حاشي"، باستخدام خاتمه في إمضاء الإستدعاءات التي
استدرجت مئات المصاليين المعارضين لبلونيس وأعدم ما يقارب من 100 مجاهد بين
مسؤول عسكري وسياسي بجبل تقرسان، ولم ينج من الإعدام إلا الضابط "محمد
بلهادي" الذي تمكن من الفرار مقيدا، فيما اعتقل الباقون بمن فيهم "عبد
الرحمان حاشي"، المسؤول السياسي، وأطلق "العربي قبايلي" إشاعات بأن
الجبهة أعدمت كلا من "اعمر إدريس" ومساعده "الطيب فرحات"، ما أثار
بلبلة وسط المجاهدين، كما يؤكد ذلك كتاب لمحمد العيد مطمر عنوانه "العقيد محمد شعباني
وجوانب من الثورة التحريرية الكبرى" في ص 100/101. وبتسارع الأحداث
وسقوط الكثير من قيادات الولاية السادسة، تم بذلك تمهيد الطريق أمام الجنرال
"بلونيس" لدخول الولاية السادسة..

هل هنا معلومات عن المجاهد خزار احمد وحيثيات وفاته

شكرا جزيلا جزاك الله خيراا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.