الحمد لله والصلاة والسلام على نينا
اما بعد :
فهذا شرح كتاب بلوغ المرام من ادلة الاحكام للامام الحافظ ابن حجر العسقلاني نشرحه بنقولات اهل العلم من كتبهم المتناثرة من فوائد وملح وتنبيهات واسال الله البركة والتوفيق
الشرح:
كتاب الطهار: نعرفه باعتبار مفرده ثم باعتبار الاضافة
(كتاب) :كتب يكتب كتابا، وهو مصدر بمعنى جمع
فنرجوا التفاعل لنستفيد ونفيد وتعليقاتكم المفيدة لنتباحث في خدمة السنة
قال ابن فارس في مقاييس اللغة (5/ 128)
"(كتب): الكاف والتاء والباء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على جمع شيءٍ إلى شيءٍ. من ذلك الكِتَابُ والكتابة. يقال: كتبت الكتابَ أكْتبه كَتْباً. ويقولون: كتبتُ البَغلَة، إذا جمعتُ شُفرَي رَحِمها بحَلْقة. قال:على قَلُوصِك واكتُبْهَا بأسيار"
واذا اطلق الكتاب المقصود به القرآن الكريم واستعمله الفقهاء لإنه يجمع فيه الابواب والفصول
ونتواصل معكم مجددا أخواني القرَّاء
ويكون بمعنى مجموع ومكتوب فيه الاحاديث الواردة في الطهارة
قال الامام الملا القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 119) "الكتاب إما مأخوذ من الكتب بمعنى الجمع أو الكتابة والمعنى هذا مجموع أو مكتوب في الأحاديث الواردة في الإيمان"
قال الامام الجوهري في صحاح العربية (8/ 93)
"ومنه قولنا " الله " وأصله إلاه علىفعال، بمعنى مفعول، لانه مألوه أي معبود، كقولنا: إمام فعالبمعنى مفعول، لانه مؤتم به،"
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/ 20)
"قوله: «كتاب» ، فِعال بمعنى مفعول: أي مكتوب. يعني: هذا مكتوب في الطَّهارة".
(الطهارة ):مصدر يطلق فعله على اللازم والمتعدي فمن اللزوم يكون بضم الهاء ،َطهُرفيكتفي بفاعله فتقول طهُرالمكانُ
واذا كان متعدي نشدّد العين فنقول طهّر الماءُ المكانَ؛ فتعدى فعله الى المفعول ؛لان كل فعل لازم إذا شدّد ت عينه يكون متعديا مثل طهُر
ويكون اسم مصدر والفرق بين المصدر واسمه كما ذكر مصطفي الغلاييني في جامع الدروس العربية (29/ 5)
"اسمُ المصدر هو ما ساوى المصدر في الدّلالة على الحدَث، ولم يُساوِه في اشتماله على جميع أَحرف فعله، بل خلتْ هيئَتُهُ من بعض أحرف فعله لفظاً وتقديراً من غير عِوضٍ، وذلك مثلُ "توْضأ وضُوءًا، وتكلَّمَ كلاماً، وأيسرَ يُسراً".
يتبع إن شاء الله
ونتواصل معكم مجددا
فطهارة مصدر واسم مصدره تطهيرا والاسم المصدر يطلق عليه النحويون على المفعول المطلق قال تعالى "ويطهركم تطهيرا " تطهيرا مفعول مطلق؛وتعريفه: ثالث تصريف الفعل
والطَّهور ـبضم الطاءـ فعل الطهارة وبضم الطاء الماء المستعمل للطهارة
قال ابن الاثير في النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 147)
"الطُّهُور بالضم: التَطَهُّر، وبالفَتح الماءُ الذي يُتَطهَّر به، كالوَضُوء والوضوء، والسُّحُور والسَّحور. وقال سيبويه: الطَّهور بالفتح يقَع على الماء والمصْدَر مَعاً، فَعَلى هذا يجوز أن يكونَ الحديث بفتح الطاء وضمها، والمرادُ بهما التطهُّر".
فجمهور اهل اللغة يرون بالتفريق بين الطهور بضم الهاء وفتحه ؛فالطهور بضم الطاء عندهم فعل التطهر ،وبفتح الطاء الماء المُعَدُّ للطهارة خلافا للخليل والأصمعي وحكى قول الجمهور الامام الشوكل في نيل الاوطار
اما باعتبار الاضافة (كتاب الطهار) فهو كتاب جمع لذكر أحاديث الطهارة المرتبة على الأبواب
قال الامام الصنعاني في سبل السلام (1/ 18)
"الْكِتَابُ وَالطَّهَارَةُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرَانِ أُضِيفَا وَجُعِلَا اسْمًا لِمَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ تَشْتَمِلُ عَلَى مَسَائِلَ خَاصَّةٍ"
قال الامام ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع (1/ 20)
"قوله: «كتاب» ، فِعال بمعنى مفعول: أي مكتوب. يعني: هذا مكتوب في الطَّهارة."
(باب المياه ):
(باب) :مايتخذ للدخول والخروج واصل الفه واوا وانقلبت الفا ،
قال ابن فارس في مقاييس اللغة (1/ 292)
"(بوب) الباء والواو والباء أصلٌ واحد، وهو قولك تَبَوَّبْتُ بَوَّاباً، أي اتَّخَذْتَ بَوَّاباً والباب أصلُ ألفهِ واوٌ، فانقلبت ألفاً"
والماء اسم جنس إفرادي يطلق على القليل والكثير
قال عباس حسن في النحو الوافي (1/ 24) :ـ اسم الجنس الإفرادي؛ وهو الذى يصدق على القليل والكثير من الماهية "أي: من الحقيقة الذهنية" من غير اعتبار للقلة أوالكثرة. "مثل: هواء، ضوء، دم، ماء" فكل واحد من هذه وأشباهها يسمى بهذا الاسم؛ سواء أكان قليلًا أم كثيرًا.
قال الامام الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 27)
"وَالْأَبْوَابُ: جَمْعُ بَابٍ وَهُوَ حَقِيقَةٌ لِمَا كَانَ حِسِّيًّا يُدْخَلُ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَمَجَازٌ لِعِنْوَانِ جُمْلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَنَاسِبَةِ."
قال الامام الصنعاني في سبل السلام (1/ 18)
"الْبَابُ لُغَةً: مَا يُدْخَلُ وَيُخْرَجُ مِنْهُ، قَالَ تَعَالَى {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} [المائدة: 23] {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ، شَبَّهَ الدُّخُولَ إلَى الْخَوْضِ فِي مَسَائِلَ مَخْصُوصَةٍ بِالدُّخُولِ فِي الْأَمَاكِنِ الْمَحْسُوسَةِ، ثُمَّ أَثْبَتَ لَهَا الْبَابَ."
(مياه ) جمع ماء واصله موه
قال ابن فارس في مقاييس اللغة (5/ 230)
"(موه) الميم والواو والهاء أصلٌ صحيح واحد، ومنه يتفرّع كَلِمُه، وهي المَوَه أصل بناء الماء، وتصغيرهُ مُوَيْه، قالوا: وهذا دليلٌ على أنّ الهمزة في الماء بدل من هاء. يقال: مَوَّهْتُ الشّيء، كأنّك سقيته الماء. ومَوَّهت الشّيء: طَلَيْتُه بفِضَّةٍ أو ذهب، كأنَّهم يجعلون ذلك بمنزلةِ ما يُسقَاه. وقالوا: ما أحسَنَ مُوهَةَ وجهِه، أي تَرقرُقَ ماءِ الشَّباب فيه."
قال الامام الصنعاني في سبل السلام (1/ 18)
"وَالْمِيَاهُ: جَمْعُ مَاءٍ وَأَصْلُهُ مَوَهَ، وَلِذَا ظَهَرَتْ الْهَاءُ فِي جَمْعِهِ،
وَهُوَ: جِنْسٌ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا أَنَّهُ جَمْعٌ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ بِاعْتِبَارِ حُكْمِ الشَّرْعِ، فَإِنَّ فِيهِ مَا يُنْهَى عَنْهُ وَفِيهِ مَا يُكْرَهُ، وَبِاعْتِبَارِ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي بَعْضِ الْمِيَاه".
قال الامام الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 27)
"وَالْمِيَاهُ جَمْعُ الْمَاءِ وَجَمْعُهُ مَعَ كَوْنِهِ جِنْسًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ".
وقول الشوكاني مع أنه جنس يطلق على القليل والكثير
جزاكم الله خيرا
واصل فوائدك .
وإياك نسأل الله أن يفقهنا في الدين
ونتواصل معكم أحبابي القراء الكرام في شرح بلوغ المرام
1 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي الْبَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ». أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ, وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
الشرح
هذا الحديث صحيح :صححه جمهرة من ائمة الحديث ،قال الحافظ في تهذيب التهذيب (10/ 257)
"وصحح حديثه عن أبي هريرة في البحر بن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والخطابي والطحاوي وابن مندة والحاكم وابن حزم والبيهقي وعبد الحق وآخرون". وانتقد الالبانيالحافظ في ذكر ابن حزم من جملة المصححين لهفقال في صحيح أبي داود (1/ 146)"ابن حزم قد صرح بضعفه في "المحلّى" فقال (1/221) :" الخبر: " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته " لا يصح؛ ولذلك لم نحتج به "!فلعله صح عنده بعد ذلك؛ فأورده في بعض كتبه الأخرى؛ وإلا فهو من أوهامالحافظ رحمه الله تعالى!"
وعلل الحافظ ابن عبد البرالحديث بعلل إلا انه صححه بتلقي العلماء الامة له بالقبول قال ابن عبد البر في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (16/ 218): " لا أدري ما هذا من البخاري رحمه الله ولو كان عنده صحيحا لأخرجه في مصنفه الصحيح عنده ولم يفعل لأنه لا يعول في الصحيح إلا على الإسناد وهذا الحديث لا يحتج أهل الحديث بمثل إسناده وهو عندي صحيح لأنالعلماء تلقوه بالقبول له والعمل به ولا يخالف في جملته أحد من الفقهاء
وانتقد ابن الملقن قول ابن عبد البر فقال في البدر المنير (1/ 350): "وَهَذَا الْكَلَام من الْحَافِظ أبي عمر فِيهِ نظر كَبِير، لَا جرم أَن الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين تعقَّبه، فَقَالَ فِي «شرح الإِلمام» : قَوْله : لَو كَانَ صَحِيحا لأخرجه (فِي كِتَابه) ، غير لَازم؛ لِأَنَّهُلم يلْتَزم إِخْرَاج كل حَدِيثصَحِيح .
وذكر الحافظ ابن الملقن في البدر المنير لهذا الحديث تسع طرق وجمع العلل التي عللوا بها وتعقب عليها الحافظ ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير ولخصها الامام الشوكاني في نيل الاوطار وذكر هؤلاء الائمة أن فيه أربع علل :
1ــ الجهالة في (سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ)، وَ(الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) الْمَذْكُورَيْنِ فِي إسْنَادِهِ
2ــ الِاخْتِلَافُ فِي اسْمِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ
3ــ التعليل بالإرسال :أرسله يحى بن سعيد
4ــ التَّعْلِيلُ بِالِاضْطِرَابِ
وأجيب عن هذه العلل الاربعة برفع الجهالة وبترجيح الاختلاف والاضطراب برواية مالك وبرفعه لأن الرفع زيادة مقبولة عند المحقيقين من أهل الحديث
وللحديث سبب سنذكره ،ولكني اريد ان انبه ان الحديث الذي يأتي من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على نوعين ابتدائي وسببي ؛ فالابتدائي لا يختص بسبب والسببي مايتعلق بسبب ،ومعرفة سبب الحديث له فوائد من بينها "يورث العلم بالمسبب" كما ذكر ذالك شيخ الاسلام في اسباب نزول القرآن فينطبق تماما على اسباب ذكر الحديث ونذكر رواية بن ابي شيبة لأن روايته هي المروية باللفظ كما قال الحافظ عقب الحديث واللفظ له ، قال الامام ابن ابي شيبة في مصنفه (1/ 121)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ بَعْضِ بَنِي مُدْلِجٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْإِرْمَاثَ فِي الْبَحْرِ لِلصَّيْدِ فَنَحْمِلُ مَعَنَا الْمَاءَ لِلشَّفَةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَإِنْ تَوَضَّأَ أَحَدُنَا بِمَائِهِ عَطِشَ وَإِنْ تَوَضَّأَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ".
وهذا وللحديث فضل عظيم ويعتبر من جوامع الكلم وهو اصل من أصول الطهارة قال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 374)
فَإِنَّهُ حَدِيث عَظِيم، أصل من أصُول الطَّهَارَة، مُشْتَمل عَلَى أَحْكَام كَثِيرَة، وقواعد مهمة. قَالَ المارودي – من أَصْحَابنَا – فِي «الْحَاوِي» : قَالَ الْحميدِي: قَالَ الشَّافِعِي: هَذَا الحَدِيث نصف علم الطَّهَارَة. فَنَقُول:
أَولهَا: «الْبَحْر» : هُوَ المَاء الْكثير، ملحًا كَانَ أَو عذبًا. مِمَّن نَص
وهذه فوائد أكتبها من توضيح الأحكام من بلوغ المرام للشيخ عبد الله البسام رحمه الله
ما يؤخذ من الحديث :
قال الشافعي : هذا الحديث نصف علم الطهرة
وقال ابن الملقن : هذا الحديث حديث عظيم وأصل من أصول الطهارة مشتمل على أحكام كثيرة وقواعد مهمة .
في الحديث طهورية ماء البحر وبه قال جميع العلماء
أن ماء البحر يرفع الحدث الأكبر والأصغر ويزيل النجاسة الطارئة على محل طاهر من بدن أو ثوب أو بقعة أو غيرذلك
– أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه او ريحه بشيىء طاهر فهو باق على طهوريته ما دام ماء باقيا على حقيقته ولو اشتدت ملوحته أو حرارته أو برودته ونحوها
يتبع بحول الله
وهذه فوائد أكتبها من توضيح الأحكام من بلوغ المرام للشيخ عبد الله البسام رحمه الله
ما يؤخذ من الحديث : قال الشافعي : هذا الحديث نصف علم الطهرة وقال ابن الملقن : هذا الحديث حديث عظيم وأصل من أصول الطهارة مشتمل على أحكام كثيرة وقواعد مهمة . في الحديث طهورية ماء البحر وبه قال جميع العلماء أن ماء البحر يرفع الحدث الأكبر والأصغر ويزيل النجاسة الطارئة على محل طاهر من بدن أو ثوب أو بقعة أو غيرذلك – أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه او ريحه بشيىء طاهر فهو باق على طهوريته ما دام ماء باقيا على حقيقته ولو اشتدت ملوحته أو حرارته أو برودته ونحوها يتبع بحول الله |
جزاك خيرا وسيأتي إيضاح ذالك في الفوائد الفقهية
وفوائد جمة حتى اصبح يضرب به المثل في جود العلم وتتميم الفائدة فيقال في المجالسة والمذاكرة من باب "هو الطهور ماؤه الحل ميتته "
كما أنه يدل على بلاغة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفصاحته وحسن بيانه قال ابن الأثير في "الشافي في شرح مسند الشافعي" (1/ 64)
"وفي جواب النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا السائل بقوله: "هو الطهور ماؤه، الحل … " بلاغة معروفة من كلامه، وفصاحةٍ خاصةٍ بألفاظه، "
و"هو" أي البحر ،"الطهور" أي طاهرفي نفسه مطهّرلغيره "ماؤه" فاعل لمصدر الطهور لأن المصدر يعمل عمل اسم الفاعل ،"الحل " ضد حرم وفي لفظ الدارمي والدارقطني الحلالى"ميتته" بفتح الميم وهو الموت أما بالكسر مِيتة فهي هيئة الموت وحالته كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم "مات مِيتة جاهلية ،
وهذا للحديث فوائد كثيرة متناثرة في كتب أهل العلم وقد عدها ابن الملقن في البدر المنير (1/ 380)، خمسة عشرة فائدة فقال:" وَالْكَلَام عَلَى هَذَا الحَدِيث منتشر جدا، لَا يسعنا هُنَا استيعابه، وَقد نبَّهنا بِمَا ذكرنَا عَلَى كثير (مِمَّا تركنَا) ، ولعلنا نفرده بالتصنيف – إِن شَاءَ الله وقَدَّر.وَقد فعل ذَلِك – وَله الْحَمد – فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ، فِي جُزْء لطيف.
فوائد والاحكام المستنبطة من الحديث
أـــ فوائد لغوية
1ــ "الطهور" من الطهارة وهي التنظف والتنزه عن الدنس قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (3/ 428)
(طهر) الطاء والهاء والراء أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على نقاءٍ وزوالِ دَنَسٍ. ومن ذلك الطُّهْر: خلاف الدَّنَس. والتطهُّرُ: التنزُّه عن الذمِّ وكلِّ قبيح. وفلانٌ طاهر الثِّياب، إذا لم يدنَّس.
2ــ الطهور مصدر بالضم فعل الطهارة وبالفتح الماء المستعمل وقد تم ضبطه
3ــ الطهور يأتي منه الفعل اللازم مثل طهر والفعل المتعدي مثل طهّر قال الشوكاني في نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار (1/ 29)
والطهارة يجوز أن تكون مصدر طهر اللازم فتكون للوصف القائم بالفاعل وأن تكون مصدر طهر المتعدي فتكون للأثر القائم بالمفعول وأن تكون اسم مصدر طهر تطهيرًا ككلم تكليمًا .
يتبع إن شاء الله
الأخ – عبد الكريم – هل تأخذ بشرح معيّن ؟ فربما أفسِد طريقتك في الموضوع فأسحب ردودي وبارك الله فيك ونفع بفوائدك .
بارك الله فيك حفظك الله
شكرااااا جزيلااااا
الأخ – عبد الكريم – هل تأخذ بشرح معيّن ؟ فربما أفسِد طريقتك في الموضوع فأسحب ردودي وبارك الله فيك ونفع بفوائدك .
|
لا ما تسحبين ردودك ولكن تعقبي بزيادة فائدة على الموضوع ليكتمل الموضوع فطريقتي أن ارجع الى كتب أهل العلم فانقل من فوائدهم مايتعلق بشرح الحديث مع تنسيق كلامهم وتوجيهه وجوزيت شكرا وبارك الله فيك
4 ــ الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره فلفظة طهور فيها معنى زائد على لفظة طاهر فطهور على وزن "فعول "
وهي صيغة مبالغة فطهورفيها مبالغة في الطهارة أي طهارتها ليست لازمة وإنها متعدية وهذا أليق للسائل فالسائل سأله عن الطهارة المتعدية ولم يسأله عن الطهارة اللازمة فقال له هو الطهور ولم يقل له هو الطاهر ماؤه ولو قال له هو الطاهر لكان وصف لاسم فاعل أي طهارته لازمة في نفسه ،قال الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (5/ 445):
"قَالَ ابْنُ فَارِسٍ قَالَ ثَعْلَبٌ الطَّهُورُ هُوَ الطَّاهِرُ فِي نَفْسِهِ الْمُطَهِّرُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ أَيْضًا الطَّهُورُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الطَّاهِرُ الْمُطَهِّرُ قَالَ وَفَعُولٌ فِي كلى لَلَامِ الْعَرَبِ لِمَعَانٍ مِنْهَا فَعُولٌ لِمَا يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ الطَّهُورِ لِمَا يَتَطَهَّرُ بِهِ وَالْوَضُوءُ لِمَا يُتَوَضَّأُ بِهِ وَالْفَطُورُ لِمَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ وَالْغَسُولُ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ وَيُغْسلمَلُ بِهِ الشَّيْءُ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ } أَيْ هُوَ الطَّاهِرُ الْمُطَهِّرَ قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ قَالَ وَمَا لَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا فَلَيْسَ بِطَهُورٍ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الطَّهُورُ الْبَلِيغُ فِي الطَّهَارَة قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ { وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا } أَنَّهُ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ مُطَهِّرٌ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَاءً يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَيَكُونُ طَاهِرًا فِي نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ طَهُورًا يُفْهَمُ مِنْهُ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ وَهِيَ الطَّهُورِيَّةُ"
5ــ لفظ ميتته تضبط بفتح الميم وغلط عوام المحدثين من يكرها فكسرها تدل على هيئة الموت قال الإمام الخطابي في إصلاح غلط المحدثين (ص: 20) :" قوله ، صلى الله عليه وسلم ، في البحر : ( هو الطّهُورُ ماؤهُ ، الحِلُّ مَيْتَتُهُ . عوامُّ الرواةِ يُولعونَ . بكسرِ الميمِ من المَيْتَةِ . يقولونَ : ميِتَتُهُ وإنَّما هي مَيْتَتُهُ ، مفتوحة الميم ، يريدون حيوان البحر إذا ماتَ فيه . وسمعتُ أبا عُمَر يقولُ : سمعتُ المُبَرّدَ يقولُ في هذا : المِيتةُ : الموتُ ، وهو أمرٌ من اللهِ [ عزَّ وجَلَّ يقعُ في البَرِّ والبحرِ ] لا يُقالُ فيه حلالٌ ولا حرامٌ . – قالَ أبو سُليمان : فأمّا قولُهُ ـ عليه السلامُ ـ مَنْ خرجَ من الطاعة فماتَ فميِتَتُهُ جاهِلِيّةٌ ) . فهي مكسورةُ الميم ، يعني الحال التي ماتَ عليها
6ـ "هوالطهور ماؤه الحل ميتته " استخرج من هذا الحديث عشرين وجها من الإعراب ذكرها ابن دقيق العيد في شرح الإلمام واختصر منها اربعة اوجه قال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 377)
أنهَى بَعضهم إِعْرَاب قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ: «الطهورُ ماؤهُ، الحِلُّ ميتتهُ» إِلَى قريب من عشْرين وَجها، كَمَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «شرح الإِلمام» ، فِي كثير مِنْهَا تكلّف وإضمار لَا يظْهر الدّلَالَة عَلَيْهَا، قَالَ: فتركنا أَكْثَرهَا، (واقتصرنا) عَلَى أَرْبَعَة أوجه:
الأول: أَن يكون «هُوَ» : مُبْتَدأ، و «الطّهُور» : مُبْتَدأ ثَانِيًا، وَخَبره: مَاؤُهُ، وَالْجُمْلَة من هَذَا الْمُبْتَدَأ الثَّانِي وَخَبره، خبر الْمُبْتَدَأ الأول.
الثَّانِي: أَن يكون «هُوَ» مُبْتَدأ، «الطّهُور» خَبره، وماؤه من بدل الاشتمال.
الثَّالِث: أَن يكون «هُوَ» ضمير الشَّأْن، و «الطّهُور مَاؤُهُ» : مُبْتَدأ وخبرًا.
الرَّابِع: أَن يكون «هُوَ» مُبْتَدأ، و «الطّهُور» خَبره، و «مَاؤُهُ» فَاعل؛ لِأَنَّهُ قد (اعْتمد) عَامله بِكَوْنِهِ خَبرا.
تابع ……