بقلم الأستاذ: محمد العربي الشايشي. و الذى أنا نقلته من منتدى متليلي للإستفادة
قد يتبادر إلى ذهن الإنسان في أول وهلة من خلال هذا العنوان أني أقصد به ما هو شائع لدى الناس في العبادات من أحكام السكوت، مثل وجوب الصمت عند صعود الخطيب المنبر يوم الجمعة، أو الإمساك عن الكلام الدنيوي أثناء الصلاة، أو السكوت عند سماع تلاوة القرآن …، فهذه الأحكام كادت تصير لدى الناس من المعلوم من الدين بالضرورة. ولكني أقصد به ما يتعلق بتعامل الناس فيما بينهم وما يدور من حوار ونقاش وجدال ومواقف مرضية أو مخزية.
فالله عز وجل ما خلق الإنسان بأذنين ولسان واحد إلا ليسمع أكثر مما يتكلّم، وقد كان أبو بكر الصديق لا يتكلم في اليوم إلا أربع كلمات أو خمس من كلام الدنيا ولا يزيد عليها، والربيع بن خَيْثَم عشرون سنة لم يتكلّم بكلام الدنيا، وكان كلما أصبح الصباح وضع أمامه ورقة وقلماً وكتب كل كلمة تفوّه بها، فإذا جاء الليل قرأ تلك الورقة، وحاسب نفسه على كل كلمة، فإن وجدها ترضي الله حَمِدَ الله عز وجل، وإن وجدها تسخطه استغفر وندم وتاب وأناب وبكى، وكان الإمام أحمد بن حنبل لا يتكلم بشيء من كلام الدنيا فإذا ذُكِرَ عنده العِلم تكلَّمَ.
.. كل ذلك لأنهم عرفوا غوائل هذا اللسان ومخاطره، ذلك لأن الكلمة الواحدة قد تردي الإنسان وتهوي به في قعر جهنّم، وفي الحديث: ﴿ إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنَّم سبعين خريفاً﴾.
.. ومن هنا وجب على الإنسان أن يضبط لسانه فهو أخطر الجوارح، ويتعلّم فن السكوت امتثالاً لتعاليم المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل: ﴿ من كان يؤمن بالله ويوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت﴾، وكان عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما يخاطب لسانه ويقول: «أيها اللسان قل خيرا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم»، فالسكوت في بعض الأحوال يكون عبادة وطاعة وقربة يؤجر عليها الإنسان، وينال بها ثواباً عظيماً، ومن هذه الأحوال:
۱. إذا كان الموضوع المتكلَّم حوله لا يرجع بمصلحة على الإنسان في دينه ولا دنياه، فالسكوت هنا طاعة وقربة، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه﴾، وقال زيد بن أسلم- رضي الله عنه-: دخلت على أبي دجانة وهو مريض وكان وجهه يتهلل (يعني فيه نور)، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: «ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين، كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، أما الأخرى فكان قلبي سليماً».
۲. إذا حدثته نفسه بأن يتكلّم بكلام سوء، يغضب الله عز وجل، فالواجب عليه أن يتحكم في نفسه، ويكبح جماحها، ويكظم غيظه، ويصمت، فإذا فعل هذا خوفاً من الله عز وجل فهو مأجور، قال تعالى في شأن الكاظمين الغيظ ﴿ سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿ من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه خيَّره الله على رؤوس الأشهاد من الحور العين ما شاء﴾.
٣. إذا كان الكلام يجعل الفتنة تتفاقم أكثر وتتضاعف، فيجب السكوت إرتكاباً لأخفّ الضررين؛ لأن الفتنة أشدّ من القتل، والله تعالى يقول: ﴿ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم﴾، فنهانا عن سبّ آلهة الكفار إذا كان سَُبنا لآلهتهم يؤدي بهم إلى سبّ إلهنا.
٤. إذا كان الذي تريد أن تردّ عليه معاند ومكابر يعرف الحق ولكن يجحده وينكره، فالردّ عليه مضيعة للوقت، والأولى لك أن تشتغل بما يرجع عليك بالفائدة الدنيوية أو الأخروية.
٥. إذا كان الذي تريد أن تردّ عليه لديه سَفَهٌ في عقله، وتفكيره قاصرٌ، لا يفهم كلامك ولا يدرك مراميه وأبعاده، وربما يحدث له كلامُك فتنةً في عقله، فهذا لا ترد عليه، وسيفهم كلامَك ومواقفَك عندما يكتمل نضج عقله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في أمثال هؤلاء: ﴿ حدثوا الناس بما يطيقون أتريدون أن يٌكذَّب الله ورسوله﴾. وفي الأثر: ﴿ إنّك إن تحدث الناس بحديثٍ لا تدركه عقولهم إلا كان لبعضِهم فتنة﴾، ورحم الله الإمام الشافعي إذْ يقول:
قالوا سَكَتَّ و قد خُوصِمْتَ قلتُ لهُم
إن الجـوابَ لِبَابِ الشَرِّ مفتـاحُ
و الصمتٌ عن جاهلٍ أو أحمقٍ شَرَفٌ
و فيه أيضاً لِصَوْنِ الِعرْضِ إصْلاَحُ
أما تَـرىَ الأُسْدَ تُخْشَى وهي صامتَةٌ
والكلبُ يُخْسىَ لَعَمْرِي وهو نَبَّاحُ
(يُخْسىَ) : أي يُرمى بالحصى.
٦. إذا كان الإنسان صاحب ثقافة أو علم أو دينٍ أو ذو مكانة، وكان المعترِض لا يرقى إلى مستواه، فهذا النوع يُتقرَّبُ إلى الله عز وجل بعدم الردّ عليه؛ فالرد عليه إنزال للمستوى، وإهتمام بمن لا يستحق الإهتمام، وعبث، وجريمة في حق العلم والدين، يقول الإمام الشافعي – رحمه الله –
أَعرِض عن الجاهل السفيه
فكـلُّ مـا قـال فهو فيه
ما ضَرّ بحَْرُ الفـراتِ يوماًَ
إن خَاضَ بعضُ الكِلاَبِ فيهِ
وأخيراً أقول ، ونحن على مشارف شهر رمضان ، شهر التوبة والغفران، شهر يتصالح فيه العباد مع خالقهم.. أقول اجلس مع نفسك لحظات وانظر – مثلا – خلال هذا الشهر المنصرم، كم تكلمت بكلمة تغضب الله ، كم كلمة اغتبت بها الناس ، كم كلمة قذفت بها أعراض الناس ، كم كلمة أشعتها ففكّكت بها أُسَراً، وفرّقت بها بين الأحبَّة، كم كلمة أسأت بها الظن، كم كلمة نقلتها بين الأحباب والأصحاب نميمةً زرعت بينهم الشحناء والبغضاء .. كل هذا قد سجّل في صحيفتك، وقد أزعجت مَلَك الشمال المكلف بكتابة السيئات وأتعبته بكتابتها، ولو آثرت السكوت لكانت حسنات سجلت في صحيفتك ولا ستراح منك ملَك الشمال ﴿ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾.
احفظ لسانك أيها الإنسانُ
لا يلدغـنَّك إنه ثُعــبانُ
كم في المقابر من قتيلِ لِسَانِهِ
كانت تهابُ لقاءَهُ الشجعانُ
شكرا جزيلا لك
مشكوووور ة على المرور
روعة اخي شكرا
شكرا جزاك الله خيرا
شكراااااااااااا على المرور
جزاك الله خيرا
مشكوووووووور
قال النووي: ينبغي على كل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً يظهرفيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتَرْكَهُ في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه لأنه قدينجر الكلام المباح إلا حرام أو مكروه، بل هذا كثير وغالب في العادة، والسلامة لايعد لها شيء.
*وروى البيهقي في الشعب موقوفا على عمر بن الخطاب أنه قال: من كثر كلامه كثر سقطه،ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به .
*قال عبد اللّه بن مسعود: ما من شيء أحقُّ بالسجن من اللسان .
*قال مالك بن أنس: كل شيء ينتفع بفضله إلا الكلام فإن فضله ( أي زيادته) يضرّ.
*وقال الفضيل بن عياض: شيئان يقسّيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الاكل.
*قال علي رضي الله عنه : بكثرة الصمت تكون الهيبة
*وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه : الكلام كالدواء إن أقللت منه نفع ، وإن أكثرت منه قتل
*وقال لقمان لولده : يا بني إذا افتخرت الناس بحسن كلامهم ، فافتخر أنت بحسن صمتك ، يقول اللسان كل صباح وكل مساء للجوارح : كيف أنتن ؟ ، فيقلن بخير إن تركتنا
جزاك الله خيرا
السلام عليكم وبارك الله فيك على الموضوع القيم وجزاك كل خير نسال الله الهداية ادا سكت والتزمت السكوت لم تغتب يقولوا عنك انك متكبر والله غريبة وهدا يحدث معي كثيرا واسمعه لكني لا اعيرهم بالا لا اله الا الله محمد رسول الله
جزاك الله خيرا كثيرا
مشكورين إخواني بارك الله فيكم