مساهمة
المؤرخ الفرنسي الكبير شارل أندري جوليان يقول : إن الجزائري مشهور بصفة اعترافه بالجميل، وابتعاده عن نكران الجميل
حول دور الأساتذة والمعلمين المشارقة
بقلم الدكتور عثمان سعدي
قصة الثورة الجزائرية أنها أجهضت، كانت صافية في سنواتها الثلاث الأولى عندما أسس جيش التحرير الوطني عنصران الشبان الفلاحون كجنود مؤطرين بطلاب العربية، من يحفظ حزب عمّ يجند الجماهير للثورة أفضل من حامل الدكتوراه من جامعة السربون أو من جامعة الجزائر. بعد عشرين شهرا من قيام الثورة أوقف طلاب المدارس الفرنسية تعليمهم والتحقوا بالجهاز الخارجي للثورة فأسسوا الحكومة المؤقتة وكونوا نواة لإدارة الدولة الجزائرية في القاهرة باللغة الفرنسية، وكانت حصيلة جهودهم أن وقعوا اتفاقيات إيفيان بنص واحد مثل الوفدين الفرنسي والجزائري. بينما نجد الفييتناميين وقعوا اتفاقية جنيف سنة 1954 التي أنهت الاستعمار الفرنسي بنصين الفييتنامي ومثل الوفد الفيييتنامي والفرنسي ومثل الوفد الفرنسي. ودخلوا للجزائر فأسسوا الدولة المستقلة الفرنكفونية الخالية من السيادة الوطنية وتكون بذلك اللوبي الفرنكفوني الذي يحقد على العرب والعروبة.
العرب هم أول من دعم ثورتنا بالسلاح والمال، كانت الثورة الجزائرية في البيت العربي وفي المدرسة العربية، في كل مدرسة كان يوجد (صندوق الثورة الجزائرية) يضع فيه التلميذ العربي نصف مصروفه اليومي في إطار صنع وعي جماهيري يدعم ثورة الجزائر.
والشعراء العرب هم الذين غنّوا الثورة الجزائرية، فقد قمت بتجربة عندما عملت سفيرا بالعراق وسورية في السبعينيات من القرن الماضي، فجمعت 454 قصيدة قالها 171 شاعرا وشاعرة في 40 مدينة وقرية بالعراق وسورية، نظمت في ثورة أول نوفمبر ، وقد نشر هذا العمل الثقافي في ألفي صفحة وعلى عدة طبعات.لكن الفرنسيين يعملون على تشويه هذه الحقائق، بهدف إبقاء الجزائر المستقلة كمجال حيوي لفرنسا تسيطر على دولتها اللغة الفرنسية. ومن الطبيعي أن يحقد اللوبي الفرنكفوني المتحكم في رقاب الدولة الجزائرية على المعلمين العرب لأنهم ساهموا في تعريب التعليم بالجزائر. وإلى القراء هذه الحقائق التي حاول هذا اللوبي إخفاءها.
في 1963 عقد مؤتمر المعلمين العرب في بيروت اتخذ قرارات تتعلق بضرورة تلبية حاجة الجزائر من المعلمين، وضرورة أن تفتح كل دولة عربية معهدا للمعلمين على حسابها بالجزائر، يكوّن المعلمين ، وقد مثل الجزائر في هذا المؤتمر وفد جزائري .
أمر الرئيس جمال عبد الناصر بأن ترسل بعثة من المعلمين المصريين للجزائر تدفع الدولة المصرية مرتباتهم تشجيعا لهم على العمل في الجزائر مع المرتبات التي تدفعها لهم الحكومة الجزائرية.وبهؤلاء المعلمين العرب أمر الرئيس أحمد بن بلاّ بتعريب التعليم سنة بسنة وفي عهده الذي دام عمليا سنتين عربت السنة الأولى والثانية ابتدائي.
كل البلدان العربية سارعت لتلبية طلب الجزائر فأمدتها بما تحتاجه من المعلمين، لملء الفراغ التي تركه سحب المعلمين الفرنسيين عند إعلان الاستقلال. فمثلا أشهد على حادثة في 1969 حيث كنت مستشارا في سفارة الجزائر بالقاهرة، حضرت بعثة تعليمية من الجزائر للتعاقد مع مائتي معلم ، فوجدوا بالسفارة ألفي ملف اختاروا منهم ما يريدون. كان في ذلك الوقف السفير في القاهرة هو بوعلام بالسايح رئيس المجلس الدستوري وهو يشهد على ما أقول من أن العرب كانوا يقدمون خيرة المعلمين للجزائر.
والشيء بالشيء يذكر فقد أفرغت المستشفيات الجزائرية من الأطباء فقررت كل دولة عربية أن ترسل للجزائر جراحين واختصاصيين تدفع لهم مرتباتهم. الكويت مثلا تعاقدت مع جراح قلب مفتوح هو الدكتور العيد الأمريكي الجنسية المصري الأصل فحضر للجزائروعمل في مستشفى مصطفى مع المرحوم الدكتور التيجيني هدام. هذه حقائق يعمل اللوبي الفرنكفوني على إخفائها عن الأجيال الجزائرية الشابة.
قيل أن فكرة الإسلاميين بثها في الجزائر المعلمون العرب. وهذا غير صحيح المعلمون العرب لم يكونوا كلهم إسلاميين ، كان منهم القومي العربي الآتي من سورية والعراق اللذين يحكمان من نظامين قوميين عربيين، بل وكان بين المعلمين العرب المسيحيون . الذين يعلمون الرياضيات والعلوم . بل إن المعلمين المرسلين من مصر كانوا مرسلين من نظام غير إسلامي نظام عبد الناصر القومي.
في 1962 فتحت مدرسة الثعالبية الثانوية، تجمع فيها طالبات مدارس جمعية العلماء المسلمين، كانت معلمة الرياضيات بها الأستاذة مكرّم شعث من غزة حاملة لديبلوم من اليونيسكو تعلم على يدها الكاتبة احلام مستغانمي والمذيعة التلفزيونية نعيمة ماجر وأستاذة الرياضيات الكفأة في ثانوية عمر راسم الأستاذة مريم شريفي.
أنا أب لخمس بنات وصبي، درسن في الجزائر في الأقسام المعربة في السبعينيات من القرن الماضي وحصلن على البكلوريا المعربة ودرسن الطب والعلوم بالجامعات الجزائرية وكن من المتفوقات، أوفدن في بعثات إحداهن هي مها أوفدت لأمريكا فحصلت على الماستر في سنة ، ثم شاركت في مسابقة أول جامعة أمريكية في التكنولوجية هي جامعة mit وتخرجت منها بدكتوراه بتفوق، وقد شاهد الجزائريون حصة عنها في التلفزة الجزائرية كواحدة من خمسة علماء جزائريين كبار كونت عنهم وزارة الخارجية الأمريكية حصة متلفزة بثت بالعالم، كل بناتي وابني تكونن بالعربية وتعلمن على معلمين جزائريين وعرب وأنا أشهد بأن المعلمين العرب كانوا أكفاء. ابنة رئيس الجمهورية العراقي أحمد حسن بالبكر كانت معلمة بالجزائر وقد كان والدها يعتز بأن ابنته ساهمت في تعريب التعليم بالجزائر
كان ضمن الأساتذة علماء كبار منهم محمد الأنطاكي من سورية علم في الثانويات الجزائرية مؤلف كتاب (المحيط في أصول العربية ونحوها وصرفها) الذي يقع في أربعة اجزاء، طبع في بيروت ، والشاعر العراقي الكبير المقيم الآن بلندن يوسف سعدي. والسوري الدكتور برهان غليون الأستاذ في جامعة السربون، وغيرهممن العلماء العرب الذين علموا في الجزائر.
خلاصة القول: أن العرب هم الذين ساندوا الثورة وأمدوها بالمال والسلاح (وأنا شاهد على ذلك فقد كنت الأمين الدائم لمكتب جيش التحرير بالقاهرة)، ودافعوا عنها في هيئة الأمم المتحدة. فالفرنسيون شاركوا في العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 انتقاما من تأييد عبد الناصر للثورة الجزائرية، شعراؤهم هم الذين غنوا الثورة الجزائرية. كل هذا يعمل اللوبي الفرنكفوني على إخفائه وتشويهه لصالح الدولة الفرنكفونية الجزائرية التي جردتمن مقومات السيادة اقتصاديا وثقافيا، لأن الاستقلال الحقيقي لا يكون إلا بسيادة اللغة العربية على الدولة سيادة مطلقة. بفضل الفرنسية بالجزائر جاء الميزان التجاري الجزائري الفرنسي لصالح فرنسا طوال سنوات الاستقلال.
رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية
بورك في الكاتب وبورك في الناقل وجزاكم الله….
نحن نعترف لهم بفضلهم وتضحياتهم من أجل استرجاع اللغة العربية مكانتها …. ويشهد الله أننا تلقينا الخير الكثير من خريجي الجامعات الشرقية : مصر العراق وسوريا والمغرب وتونس… فلا يمكن نسيان ذلك . بل نسيانه ذنب وغي…
إن التربية الأخلاقية الحسنة كانت صفاتهم ….. ولقد لقوا مالقوا من الفرنكوفونيين…….فلهم الرحمات