يُعتبر الأمن دعامة أساسية من دعائم الحياة، وهو ضرورة اجتماعية لا تستقيم حياة المجتمعات بدونه، وهو من أنعم الله العظمى الّتي جعلها الله عزّ وجلّ مسوّغا منطقيًا لعبادته وإفراده بالربوبية. كما قال تعالى: {فليعبُدوا ربَّ هذا البيت × الّذي أطعَمَهُم مِن جوع وآمنهم من خوف} قريش:.34
لقد وردت كلمة ”أمن” في سورة البقرة في قوله تعالى: {وإنْ كُنتم علَى سَفَر ولَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَة فإنْ أَمِنَ بعضَكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِ الّذي اؤتمن أمانته وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّه} البقرة: .283 وفي سورة الأعراف ضمن قوله تعالى: {أفأمن أَهْلُ الْقُرَى أنْ يأتيهم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نائمون} الأعراف:.97 وفي سورة النحل في قوله تعالى: {أفأمن الَّذِين مَكَروا السّيّئات أن يخسِفَ اللهُ بهِمْ الأرض} النحل:.45
كما وردت كلمة الأمن ومشتقاته في القرآن الكريم ما يقْرب من 789 مرّة.
وقد أرشدنا سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى نماذج متنوعة من التأمين المجّاني الّتي يمكن أن نُجْرِيَها مع الله سبحانه، دون أن نحتاج إلى أن يكفلنا أحد، أو أن يكون لنا أيّ رصيد، إلاّ رصيد الإيمان بالله واليقين بوعده، وهي:
التأمين العام الشامل على الحياة وغيرها: قال رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم: ”مَنْ قالَ ”بِسْمِ الله الذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العليم ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قالَها حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِيَ” رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
التأمين الصحي من لدغة العَقْرب والأفاعي والحشرات: قال رَسُولَ اللّه صلّى الله عليه وسلّم: ”إِذَا نَزَل أَحَدُكُمْ مَنْزِلاً فَلْيَقُلْ: ”أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللّهِ التّامّات مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ فَإِنه لاَ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ” رواه مسلم.
التأمين على تغطية الديون وإزالة الهموم: عن أبي سَعِيدٍ الخدريّ قال: دَخَلَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ المَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أمامة. فَقَالَ: يَا أَبَا أمامة! مَا لِي أراك جَالِسًا فِي المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ؟ قالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رسولَ الله! قالَ: أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أنت قُلْتَهُ أذْهَبَ الله هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟! قال: قُلْتُ: بَلَى يَا رسولَ الله. قال: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: ”اللّهمّ إِنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأعوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ والبخل وَأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ”. قالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ الله هَمِّي وَقَضَى عنّي دَيْنِي” رواه أبو داود وهو حديث حسن.
التأمين على الرضى والراحة النفسية والطمأنينة: قال رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم: ”مَنْ قالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: ”رَضِينَا بالله رباّ وَبالإسْلاَمِ دِينًا وبمحمّد رَسُولاً إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَى الله أَنْ يُرْضِيَهُ” رواه أبو داود، ونحوه عند الترمذي وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
التأمين من الأعداء (الشيطان وأعوانه): قال رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم: ”مَنْ قالَ إِذَا أَصْبَحَ: ”لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” كَانَ لَهُ عَدْلُ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إسماعيل – أي من الأجر كأنه حَرَّر عبدًا لِوجه الله – وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حسنات، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سيّئات، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكانَ في حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ. وَإِنْ قالَهَا إِذَا أَمسَى كَانَ لَهُ مِثْلُ ذلِك حَتَّى يُصْبِحَ” رواه أبو داود، وهو حديث صحيح.
التأمين على الجنّة: قال رَسُولَ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم: ”يَا أَبَا سَعِيدٍ! مَنْ رَضِيَ بِاللّه رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وبمحمّد نَبِيًّا، وجبت لَهُ الجنَّةُ”. فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللّهِ! فَفَعَلَ صلى الله عليه وسلم” رواه مسلم.
التأمين من الحريق في نار جهنّم: قال رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم: ”مَنْ قالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: ”اللّهمّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ الله، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ وَأَنَّ محمّدا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ الله رُبعه مِنَ النَّارِ. فَمَنْ قالَهَا مَرَّتَينِ أَعْتَقَ الله نِصْفَهُ، وَمَنْ قالَهَا ثَلاَثًا أَعْتَقَ الله ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِهِ، فإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا اعتقه الله مِنَ النَّارِ” رواه أبو داود، وهو حديث حسن.