للشيخ أبي سعيد بلعيد الجزائري
إن منهج السلف الصالح هو المخرج الصحيح للأمة من أزماتها ومشكلاتها وتخبطاتها، فارجعوا أيها المسلمون إلى ذلك المنهج الواضح حتى نوفر دماء المسلمين فلا يسيلها أعداؤنا في الداخل والخارج كما وقع مؤخرا في مصر الحبيبة التي استولى عليها حفنة من الخونة من العلمانيين وأذنابهم من النفعيين والغوغائيين والمخدوعين، فلا يصح أن ننتظر حتى نجرب ماقد حدث في هذا العصر لكثير من المسلمين الذين أرادوا إقامة دولة إسلامية في ظروف غير مواتية فكانت النتائج كارثية . لكن هذا لايعني أنه لن تتغير الأحوال ولن تتهيأ الظروف لعودة الحكم بالإسلام في المجالات التي أبعد حكم الإسلام فيها. ورحم الله شيخنا محمد ناصر الدين الألباني الذي كان يردد كلمة (من السياسة ترك السياسة) . وليس معنى ذلك أن الإسلام ليس فيه سياسة ، بل الإسلام عقيدة ومنهج حياة ، إلا أنه لابد لذلك من مجتمع أغلبيته قابل لحكم الإسلام في جميع الشؤون، وللوصول إلى ذلك فعلى المسلمين أن ينهجوا طريق التصفية والتربية (تصفية الإسلام مما ليس منه من عقائد ومناهج ، وتربية المسلمين على ذلك. وهذا يحتاج إلى وقت طويل، لأن الزمن جزء من العلاج )، وأما المعارضون لأن يحكم الإسلام فإنهم سيعيشون في المجتمع الإسلامي منافقين أو يرحلون إلى اخوانهم الكفار في روما وغيرها . ومن شروط قيام الحكم الإسلامي أن تكون هناك قوة عسكرية تحميه من الإنقلابيين عليه، فانظروا كيف استولى الإنقلابييون في مصر على حكم الرئيس المنتخب من طرف الأغلبية . ان هؤلاء العلمانيين المنافقين لايتبعون إلا أهواءهم ولايخضعون إلا لشهواتهم، فإنهم يكفرون بالديموقراطية التي صدعوا رؤوسنا بأنها هي المنقذ لبلداننا. فيأيها الكذابون لماذا لم تصبروا على الرئيس حتى يكمل عهدته وأنتم الذين تقتدون بالدول الغربية خاصة أمريكا؟ فهذا جورج بوش الذي احتل أفغانستان والعراق وأحرق غزة وهدد بلدان المسلمين حتى في المناهج الدراسية، كان كثير من الأمركيين لايرضون بسياسته، وقامت مظاهرات عدة ضده، لكننا لم نر في واحدة منها كلمة ارحل أو عبارة الشعب يريد إسقاط النظام، بل كانوا يرون أنه لابد من احترام الوقت بأن يكمل عهدته مع كل مافعل !. فيا سبحان الله! إن هؤلاء العلمانيين لايخضعون للشريعة الإسلامية في كثير من أحكامها، ولا يحترمون قوانينهم التي اخترعوها، ولاديموقراطيتهم التي جعلوها بديلا عن الدين وألزموا الناس بها. ومما يؤسف له كثيرا قيام بعض المشايخ الإسلاميين بالرضا بما فعله الإنقلابيون في مصر ضد الرئيس المنتخب المنتمي إلى جماعة إسلامية لها عيوبها وأخطاؤها التي لانوافقهم عليها (والتي منها تسارعهم إلى الحكم بغير تهيئة المجتمع الإسلامي. وكان على تلك الجماعة -التي لم ولاتقتنع بمنهج التصفية والتربية- كان عليها أن لا تدخل إلى السلطة العامة على مصر، بل كان عليها أن تبقى في البرلمان ومايشبهه لكي تعرقل القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية، لأن الوضع الداخلي والدولي لايسمح أبدا بقيام دولة إسلامية تتعارض مع شهوات الناس ومصالحهم، مع ضعف المسلمين وبعد أكثرهم عن التمسك بالإسلام قي كل شؤون الحياة. ) ولكن السؤال المطروح لأؤلئك المشايخ: هل الإنقلابييون سيحكمون بالإسلام؟ كان على أولئك المشايخ في أضعف الإيمان أن يسكتوا، أما أن يكونوا عونا للشيطان على إخوانهم فهذا عجب عجاب، نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة . ومن يقرأ قصة الشيخين أبي الوليد الباجي المالكي، مع ابن حزم الظاهري، رحمهما الله تعالى، ير الموقف الصحيح من الاختلاف في الرأي، فقد كان أبو الوليد الباجي من أشد المعارضين لمنهج ابن حزم، وكانت تقوم بينهما مجادلات كثيرة وطويلة، ولكن لما سمع أبو الوليد الباجي بأن الحاكم في ذلك الوقت أراد أن يسجن ابن حزم، ذهب أبو الوليد سريعا إليه وقال له: اخرج إني لك من الناصحين. ونصيحتي للمظلومين في مصر أن يسلموا أمرهم لله وأن لايعرضوا أنفسهم للقتل بما يسمى المظاهرات والاعتصامات السلمية! فادخلوا مساكنكم واصبروا، كما قال الله تعالى ( ( قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) ( 128 )الأعراف، وعليكم بالاستغفار والدعاء والصلاة ليصلح الله الأحوال ويستريح المؤمنون، ويستراح من الفاجرين. قال الله تعالى ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ( 87 ) ) سورة يونس. قد يقول قائل : حتى لو أوينا إلى بيوتنا فقد يأتي إلينا من يظلمنا !! والجواب: إنه ستكون حينئذ فتنة خاصة، وهي أهون من الفتنة العامة التي يتسلل منها الأعداء الذين يريدون تنفيذ مخطط تقسيم مصر إلى دول عدة . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أسوة حسنة فهم قد ظلمهم المشركون وأخرجوهم من بلادهم بعد جولات كثيرة من التعذيب والحصار في مكة. وفي الختام : اللهم إني أبرأ إليك مما فعله الإنقلابيون والعلمانيون من الخيانة، وما تسببوا به من سفك الدماء، وما أحدثوه من فوضى وإضطرابات وتقسيم للمجتمع المصري، وأبرأ إليك من الأخطاء التي وقع فيها إخواننا المظلومون، وأبرا إليك مما وقع فيه بعض المشايخ، وبعض الساسة الذين جانبوا الحكمة وجانبتهم البصيرة . اللهم احقن دماء المسلمين، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واحفظهم واحفظ بلادهم من الفتن ومضلات الفتن ماظهر منها وما بطن. اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائنا من الكفار والمنافقين والحاسدين والمتربصين، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم اجعل مكرهم يرجع عليهم . اللهم انقل الأزمات والاضطرابات والحروب الأهلية من بلاد المسلمين إلى بلاد الكافرين الذين يخططون لضرب استقرارنا. وأما من لم يكن كذلك من الكافرين فاهدهم إلى صراطك المستقيم. والحمد لله رب العالمين.
الجزائر في الأحد, 11 شوال 1445 الموافق لـ18 أوت 2024 ميلادي
شكراااااااااااا
بوركتم ………..