يعوّل وزير التربية، عبد اللطيف بابا أحمد، على تقييم إصلاحات القطاع التي أقفلت عامها العاشر، لاستخلاص العراقيل التي حالت دون تحقيق أهدافها، بعد أن خصّص لها 53 يوما فقط لتحديد ما سمّاها بـ”بلورة رؤية واضحة المعالم”، يحاول إعطاء الفرصة فيها للتلاميذ والأساتذة. في المقابل، أبدى
الوزير، منذ تنصيبه، ميله لاعتماد سياسة ”الإصغاء” لشركائه الاجتماعيين، ولو على حساب
استقرار القطاع، فكان أولها حملة ”العزل” من المناصب لأبرز المسؤولين.
انطلقت، أمس، على مستوى المؤسسات التربوية، ”استشارات واسعة”، هدفها خلق حوار يعبّر فيه التلاميذ والأساتذة عن أفكارهم بحرية مطلقة، دون قيد أو شرط، لاستخلاص ما يصفه وزير القطاع عبد اللطيف بابا أحمد ”النوايا الصادقة لبلورة رؤية واضحة المعالم”، من شأنها أن تفضي إلى مقترحات وتوصيات تتم عن طريق ”الاستماع فقط” لتعطي دفعا جديدا لصيرورة الإصلاح. وستستمر هذه الاستشارات على 6 مستويات أخرى، طيلة 35 يوما، وزعت وفق هيكلة هرمية زمنية، حسب كل مستوى.
لكن مراقبين ومتابعين للشأن التربوي يحوزون على رأي آخر لهذه السياسة الجديدة، التي قالوا بشأنها إنها تعبّر عن ”حسن نيّة” لتشخيص أمراض القطاع المزمنة، فقالوا لـ”الخبر”، إنّه من غير المعقول أن يحصر وزير التربية تقييم ”إصلاحات” عمرها 10 سنوات كانت أضرارها أكثـر من منافعها، على أساس أن حتى المحاور التي حدّدت كنقطة للاستشارة فيها ما يسيل الكثير من الحبر، ولا تكفيها 35 يوما لوضع الأصبع على الداء بهدف تحديد الدواء. فإذا تحدثنا عن محور البرامج التعليمية الخاصة بمرحلة التعليم الإلزامي، أي الطورين الابتدائي والمتوسط، فكلاهما يشكلان تعدادا يقارب 5,6 مليون متمدرس. وفي هذا الباب، ”تفتخر” الوزارة بتحقيق نسبة الأطفال البالغين من 6 إلى 16 سنة في سن التمدرس بـ21,98 بالمائة، وتقارنها بإيطاليا، لكنّها لا تعطي للرأي العام مقارنة عن ظروف التمدرس ”الكارثية” من حيث التدفئة والنقل والإطعام، وإن كانت مسؤولية متقاسمة مع وزارة الداخلية، مع العلم أن الوزارة تعترف أنّها تحارب، حاليا، تقليص الفوارق في التمدرس بين ولايات الوطن، وعلى رأسها إليزي بـ06,86 بالمائة، وتمنراست بـ89,86 بالمائة، دون الحديث عن ثقل المحفظة، لأنّها أخذت نصيبها من التنديد الإعلامي والشعبي.
في نفس السياق، يطرح ذات المراقبين تساؤلات عن تغطية الـ35 يوما المخصّصة للتقييم، للوقوف على أسباب تخلي التلاميذ عن الدراسة في مرحلة التعليم الإلزامي الذي سلّطت عليه الوزارة الضوء، حيث تشير أرقام متوفرة لدى ”الخبر”، إلى أن نسبة التسرّب المدرسي ما تزال مرتفعة في التعليم المتوسط بالتحديد بـ19,9 بالمائة، أي ما يعادل 260 ألف تلميذ تخلى عن الدراسة، أما في الابتدائي بـ06,1 بالمائة، بمعدل 380 ألف تلميذ، وهو رقم ”مهول وخطير”، بسبب أن عمر الأطفال في هذه المرحلة الحساسة لا يتجاوز 11 سنة، والأخطر أن هؤلاء التلاميذ في المجموع يتجاوز عتبة النصف مليون تسرّبوا خلال سنوات الإصلاح. في المقابل، حملة العزل من المناصب التي باشرها الوزير عبد اللطيف بابا أحمد، واستهدفت أولا رئيس الديوان السابق، أحسن لاغا، المحال على التقاعد، وإقالة الأمين العام بوبكر الخالدي، بعد 16 سنة من الخدمة في القطاع، 10 سنوات منها في ذات المنصب، ومؤخرا التوقيع على قرار عزل مدير المستخدمين، محمد بوخطة، وتعيينه مفتشا مركزيا، يعتبرها مراقبون أنها لا تخدم استقرار القطاع، لاسيما أنّ بابا أحمد استخلفهم بناء على ضغط من شركائه الاجتماعيين، بأشخاص لم يثبتوا تجربة في التسيير، وأبرزهم الأمين العام الجديد، بوشناق خلادي سيدي محمد، الذي لا يمت بصلة لقطاع التربية.
لا حول و لا قوة إلا بالله