– أول ما يجب على الزوج لزوجته إكرامها ، وحسن معاشرتها ، ومعاملتها بالمعروف ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها ، مما يؤلف قلبها فضلاً عن تحمل ما يصدر منها أو الصبر عليه ، يقول تعالى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } ولنا في رسول الله اسوة حسنة فكان يتلطف بنسائه وهو القائل " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " أي لزوجته وأهل بيته .
2- النفقة عليها مما رزقه الله بالمعروف من طعام وشراب وكسوة ومسكن إلى غير ذلك ، لقوله تعالى { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً }
و لقوله عليه الصلاة والسلام " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف رواه مسلم وأبو داود
3- ولا يجوز أن يجلس بالبيت دون الذهاب للبحث عن العمل ، قال عليه الصلاة والسلام " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " رواه مسلم
4- ولا يجوز أن يبخل عليها وأبنائها ، وإذا كان كذلك فها أن تأخذ من ماله لتنفق على نفسها وأبنائها ما هو ضروري ولو بدون علمه " حيث أن هندا أم معاوية جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني ما يكفيني وبني فهل علي جناح أن آخذ من ماله شيئا قال خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف " صحيح أبي داود
5- يلاعبها ويمازحها ، جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني قال هذه بتلك السبقة . رواه أبو داود .
6- ولقوله عليه الصلاة والسلام لجابر بن عبد الله " فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك " . صحيح الجامع
7- تطعمها من يدك وتسقيها بيدك ملاطفةً منك لها ولك الأجر قال عليه الصلاة والسلام لسعد بن أبي وقاص " وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت بها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك " صحيح أبي داود
ولقوله عليه الصلاة والسلام " إذا سقى الرجل امرأته الماء أجر " . صحيح الجامع
8- انظروا إلى أحسن الناس خلقاً كيف كان يعامل أهل بيته وتعلموا منه ، تقول السيدة عائشة " كنت أتعرق العظم – أي أخذ اللحم بالأسنان – وأنا حائض فأعطيه النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فمه في الموضع الذي فيه وضعته وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه " صحيح أبي داود
3- يساعد زوجته في البيت وخاصة إذا كان ذو عيال أو داهمهم ضيف إلى غير ذلك ، تقول السيدة عائشة " كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم " . صحيح الجامع
4- أن يصبر عليها إذا غضبت يوما ، قال عليه الصلاة والسلام " استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء رواه البخاري ومسلم وغيره وفي رواية لمسلم إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها "
5- ولهذا كان لنا في رسول الله أسوة حسنة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين فأرسلت أخرى بقصعة فيها طعام فضربت يد الرسول فسقطت القصعة فانكسرت فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل يجمع فيها الطعام ويقول غارت أمكم كلوا فأكلوا حتى جاءت بقصعتها التي في بيتها فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وترك المكسورة في بيت التي كسرتها " صحيح ابن ماجه
6- سؤل رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تقبح الوجه – أي لا تقل قبَّح الله وجهك – ، ولا تضرب ،- " يعني : الوجه ، وإنما يضرب عند اللزوم في غير الوجه كما يؤدب ولده – ولا تهجر إلا في البيت ، كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض ، وقال أيضاً " المقسطون يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن – وكلتا يديه يمين – الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " أداب الزفاف
8- أذاً لا يضرب الرجل زوجته إلا إذا اضطر إليه وبعد أن يستنفذ الحالتين الأمرين الأولين وهما ما جاء في كتاب الله تعالى { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }
*- فأول علاج لنشوز المرأة هو الموعظة الحسنة ـ تذكريها بالله والخوف منه سبحانه ، فإذا فشلت المرحلة الأولى انطلق إلى المرحلة الثانية وهو الهجران ، يهجرها في بيته لا يخرجها إلى بيت أهلها مطرودة ولو في طلاق الرجعة لا يجوز أن تخرج من بيتها لقوله تعالى { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ }(الطلاق: من الآية6) جاء في شرح ابن كثير " يقول تعالى آمرا عباده إذا طلق أحدهم المرأة أن يسكنها في منزل حتى تنقضي عدتها فقال : { أسكنوهن من حيث سكنتم } أي عندكم { من وجدكم } قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد يعني سعتكم حتى قال قتادة : إن لم تجد إلا جنب بيتك فأسكنها
فإن فشلت هذه المرحلة انطلق إلى الثالثة وهو الضرب الغير مبرح مضطراً إليه وليس غاية صوناً لها وحفظاً عليها من موارد الهلاك ، قال عليه الصلاة والسلام " لا تضربوا إماء الله فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذئرن النساء على أزواجهن – أي أصبحن كالاسود – فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم " صحيح الجامع .
7- وهو مسؤول أمام الله عن رعايتها والانفاق عليها ، قال عليه الصلاة والسلام " إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " . صحيح ابن ماجه
وقال أيضاً " ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته — والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم " صحيح أبي داود
*- ومن مسؤوليته عليها أن يعلمها التعليم الاسلامي الضروري كالصلاة ويأمرها بها ولا يشغلها عنها وكذلك يعلمها الأحكام الشرعية إن كان يعلمها أو يجلب لها من الأشرطة والكتب النافعة ولا يمنعها من الذهاب إلى المساجد إن أمنت الفتنة ودون تبرج لقوله عليه الصلاة والسلام " طلب العلم فريضة على كل مسلم وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر " . صحيح الجامع
*- ولقوله عليه الصلاة والسلام " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " صحيح أبي داود ومعنى تفلات " أي لا ريح لهن "
———–
11- ومن حقها على زوجها أن يصون زوجته ويحفظها من كل ما يخدش شرفها ويثلم عرضها ويمتهن كرامتها ، ويعرض سمعتها لقالة السوء – أي لكلام السيئين من الناس – وهذا من الغيرة التي يحبها الله تعالى ، قال عليه الصلاة والسلام " إن الله تعالى يغار وإن المؤمن يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه " .
12- وحتى يكون ذلك كذلك وجب على الرجل إعطاء الحق الزوجية للزوجة وهو حسن المعاشرة التى أحلها الله تعالى بين الزوجين .
قال ابن حزم وهو أحد العلماء الأفاضل : وفرض على الرجل أن يجامع امرأته التي هي زوجته ، وأدنى ذلك مرة في كل طهر – أي هناك من أهل العلم من قال على الرجل أن يسد حاجة الزوجة من الجماع الذي أحله الله تعالى بينهما وكما هو مطلوب من الزوجة أن تتزين وتتجمل لزوجها وكذلك على الرجل فعل ذلك للآية السابقة { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قال ابن عباس " إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي .
ولكن إذا كان هناك عذر من مرض أو ما شابه فليس أقل من كل طهر بعد الحيضة أن يأتي زوجه لقوله تعالى { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } وقال أهل العلم وجب على الرجل إذا سافر ألا يغيب أكثر من ستة أشهر على زوجته لأنها عندها تكون في غاية الشوق له وهو حلالها وهي حلاله
*- قال الغزالي من الشافعية : وينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة ، فهو أعدل لأن عدد النساء أربعة – أي المحلل للرجل أن يتزوجهن – فجاز التأخير إلى هذا الحد
*- بالطبع هذا يختلف من إنسان لآخر فينبغي أن يزيد أو ينقص عن هذا الحد حسب حاجتها في التحصين ، فإن تحصينها واجب عليه .
4- لا يجوز للرجل أن يغفل عن حق زوجته ولو بالعبادة ، والدليل : جاء في الأثر أن امرأة أتت إلى عمر بن الخطاب فقالت يا أمير المؤمنين : إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل ، وأنا أكره أن أشكوه ، وهو يعمل بطاعة الله عز وجل ، فقال لها نعم الزوج زوجك ، فجعلت تكرر هذا القول ويكرر عليها الجواب فقال له كعب الأسدي : يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه ، فقال عمر : كما فهمت كلامها فاقض بينهما ، فقال كعب : علي بزوجها فأُتيَ به فقال له إن مرأتك هذه تشكوك . قال : أفي طعام ، أو شراب ؟ قال : لا ، فقالت المرأة :
يا أيها القاضي الحكيم رشده **** ألهى خليلي عن فراشي مسجده .
زهَّده في مضجعي تعبده **** فاقض القضا كعب ولا تردده .
نهاره وليله ما يرقده **** فلست في أمر النساء أحمده
فقال زوجها :
زهدني في النساء وفي الحجل **** أني أمرؤ أذهلني ما نزل
في سورة النحل وفي السبع الطوال *** وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب :
إنَّ لها عليك حق يا رجل **** نصيبها في أربع لمن عقل
فاعطها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال : إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ، – أي وفرِّغ اليوم الرابع لمداعبة زوجك .
——–
بل جعل الله تعالى هذه المداعبة التي بين الزوجين جعلها ثواباً وأجراً لقوله عليه الصلاة والسلام " وفي بضع أحدكم صدقة قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في الحرام – أي بالزنى – أليس كان يكون عليه وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر " .
———-
جاء عن عائشة أنها قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال يا عثمان أرغبت عن سنتي قال لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب قال فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وصل ونم "
– حيث أراد عثمان بن مظعون أن يعتكف على العبادة ويهجر زوجته تعبداً فنهاه رسول الله كما سبق – .
——
13- لا يجوز لكلا الزوجين افشاء سر بعضهما أو التحدث بما يدور بينهما
جاء عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والرجال والنساء قعود ، فقال : ( لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ؟ فأرم القوم ،- أي سكتوا ولم يجيبوا – فقلت : إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن ، وإنهم ليفعلون . قال : ( فلا تفعلوا ، فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق ، فغشيها والناس ينظرون " أداب الزفاف .
*- . فإذا هما عرفا ذلك وعملا به ، أحياهما الله تبارك وتعالى حياة طيبة ، وعاشا – ما عاشا معا – في هناء وسعادة ، فقد قال عز وجل : من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون
موضوع مفيد جدا …………شكرا
طرح قيم بارك الله فيك
بوركتم يااخوتي