أولاد رشاش عرب أمجاد، أصلهم ثابت في الأرض وفرعهم في السماء، ويرجع نسبهم إلى رشاش بن وشاح بن عَطوة بن عطيّة بن كمّون بن فرج بن توبة بن عطّاف بن جبر بن عطّاف بن عبد الله بن دريد بن الأثبج بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر.
قال ابن خلدون في المجلد السادس من كتاب العبر :
" ولما نبذ بنو أبي حفص العهد للدواودة كما يأتي في أخبارهم، واستجاش عليهم بنو سليم وأنزلوهم القيروان اصطنعوا كرفة من بطون الأثابج، فكانوا حرباً لرياح وشيعة للسلطان. وأقطعتهم الدولة لذلك جباية الجانب الشرقي من جبل أوراس وكثيرا من بلاد الزاب الشرقية، حيث كانت محلاتهم الشتوية. حتى إذا اختل ريح الدولة، وأخلقت جدتها واعتزت رياح عليها، وملكوا المجالات على من يظعن فها نزل كرفة هؤلاء بجبل أوراس حيث إقطاعاتهم وسكنوه حللاً متفرقة واتخذوه وطناً. وربما يظعن بعضهم إلى تخوم الزاب كما نذكر عن بطونهم، وهم بطون كثيرة، فأولهم : بنو محمد بن كرفة ويعرفون بالكلبية، وأولاد سهيب بن محمد بن كليب ويعرفون بالشبه، وأولاد صبيح بن فاضل بن محمد بن كليب ويعرفون بالصبحة، وأولاد سرحان بن فاضل أيضا ويعرفون بالسرحانية. وهؤلاء هم المودعات وهم موطنون بجبل أوراس مما يلي زاب تهودا ثم أولاد نافت بن فاضل، وهم أهل الرياسة في كرفة. ولهم إقطاعات السلطان التي ذكرناها، وهم ثلاثة أفخاذ: أولاد مساعد وأولاد ظافر وأولاد قطيفة. والرياسة أخص بأولاد مساعد في أولاد علي بن جابر بن فتاح بن مساعد بن نابت. وأما بنو محمد والمراونة فهم ظواعن جائلة في القفار تلقاء مواطن أولاد نابت. ويكتالون الحبوب لأقواتهم من زروع أهل الجبل، وأولاد نابت. وربما يستعملهم صاحب الزاب في تصاريف أمره من عسكر وإخفار، وغير ذلك من أغراضه. وأما دريد فكانوا أعز الأثبج وأعلاهم كعبأ بما كانت الرياسة على الأثبج كلهم عند دخولهم إلى أفريقية لحسن بن سرحان بن وبرة إحدى بطونهم، وكانت مواطنهم ما بين العناب إلى قسطنطينة إلى طارف مصقلة، وما يحاذيها من القفر. وكانت بينهم وبين كرفة الفتنة التي هلك فيها حسن بن سرحان كما ذكرناه، وقبره هنالك. وكانوا بطونأ كثيرة منهم: أولاد عطية بن دريد وأولاد سرور بن دريد وأولاد جار الله من ولد عبد الله بن دريد. وتوبة من ولد عبد الله أيضاً، وهو توبة بن جبر بن عطاف بن عبد الله.
فأما أولاد عطية فكانت رئاستهم في أولاد بني مبارك بن حباس، وكانت لهم تلة بن حلوف من أرض قسطنطينة. ثم دثروا وتلاشوا وغلبتهم توبة على تلة بن حلوف زحفوا إليها من مواطنهم بطارف مصقلة فملكوها وما إليها. ثم عجزوا عن رحلة القفر وتركوا الإبل واتخذوا الشاة والبقر وصاروا في عداد القبائل الغارمة، وربما طالبهم السلطان بالعسكرة معه فيعينون له جنداً منهم، ورياستهم في أولاد وشاح بن عطوة بن عطية بن كمون بن فرج بن توبة، وفي أولاد مبارك بن عابد بن عطية بن عطوة، وهم على ذلك العهد. ويجاورهم أولاد سرور وأولاد جار الله على سننهم في ذلك.
فأما أولاد وشاح فرئاستهم لهذا العهد منقسمة بين سجم بن كثير بن جماعة بن وشاح وبين أحمد بن خليفة بن رشاش بن وشاح. وأما أولاد مبارك بن عابد فرئاستهم أيضا منقسمة بين نجاح بن محمد بن منصوربن عبيد بن مبارك، وعبد الله بن أحمد بن عنان بن منصور ورثها عن عمه راجح بن عثمان بن منصور وأما أولاد جار الله فرئاستهم في ولد عنان بن سلام منهم. وأما العاصم ومقدم والضحاك وعياض فهم أولاد مشرف بن اثبج، ولطيف وهو ابن سرح بن مشرف، وكان لهم عدد وقوة بين الأثابج.
{ وطارف مَصقُلة، هي مدينة مَصكولَة الرومانية القديمة،التي سميت بعد ابن خلدون: عين خنشلة، وهيَ مدينة خنشلة الحاليّة }
وقالَ Vaissière أنّ رشاش كانَ لهُ ولدان : زايد وغلاب. وكان لزايد ولدان: زايد وسليم، الذين أعطيااسمهما لفروع أولاد زايد وأولاد سليم. وكان لغلاب ولدان: نابت ومقداد. مقداد هو الجدالأكبر للفرق الأربعة الحالية المسماة المقادة وهم: أولاد أحمد وأولاد بلقاسم، وهماابنا علي بن خليفة بن عبد الجوّاد بن المبارك بن علي بن مقداد؛ أولاد سي ثابت بنعلي بن المبارك بن علي؛ أولاد نصر بن عبد السلام بن علي بن مقداد. وأخيرا نابت هوالجد الأكبر للفروع الثلاثة المعروفة حاليا باسم: أولاد نابت، وهي: أولاد زيتونوأولاد عاشور والكياتة.
وفيما يخص انتساب أولاد رشاش في النمامشة فذلك عادي لأن النمامشة ليست قبيلة بل هي تجمع حديث لعدد كبير من بقيا قبائل وبطون وأفخاذ وعشائر عربية وبربرية، بل أغلبها عربية . وقال العدواني أن عددها 40.
والانتساب عموما يكون بالحلف والمجاورة والمصاهرة ، ولكن يجب التنبيه هنا إلى خطأ شائع يقع قيه الكثيرون، وهو أن الانتساب بالحلف والمجاورة والمصاهرة لا يفقد القبيلة أو البطن أو الفخذ أو العشيرة أصلها. فالعربي يبقى عربيا وإن اختلط بالبربر وتحدث لهجتههم وصار في عدادهم. والبربري يبقى بربريا وإن نسيَ رطانة البربر، و استبدل منها بفصاحة العرب.
وإليك مثالين من تاريخ ابن خلدون :
1 ـ قال ابن خلدون عن هوارة وليس عن النمامشة لأنه لم يذكرها أصلا : " ومعهم بطن من عرب مضر من هذيل بن مدركة بن إلياس، جاؤوا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب، و استوطنوا بهذه الناحية من أفريقيا، و اختلطوا بهوّارة و صاروا في عدادهم. و معهم أيضاً بطن آخر من بطون رياح من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم، و جروا على مجراهم من الظعن و المغرم. و معهم أيضاً بطن من مرداس بن ي سليم يعرفون ببني حبيب. و يقولون: هو حبيب بن مالك. و هم غارمة مثل سائر هوّارة. وضواحي أفريقيا لهذا العهد معمورة بهؤلاء الظواعن".
2 ـ وقال :" بأرض التلول من أفريقية، ما بين تبسة إلى مرماجنة إلى باجة، ظواعن صاروا في عداد الناجعة عرب بني سليم في اللغة والزي و سكنى الخيام و ركوب الخيل، وكَسبِ الإبل و ممارسة الحروب، و إيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف كل تلولهم. قد نسوا رطانة البربر، و استبدلوا منها بفصاحة العرب فلا يكاد يفرق بينهم".