أرجو تفسير الآية الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) سورة الأحزاب؟
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
الأمانة هي حق الله على عباده وما شرعه لهم من توحيده والإخلاص له، وسائر ما أوجب عليهم من صلاة وغيرها، وترك ما حرم الله عليهم، وهكذا حقوق العباد من حق الوالدين، وحق الرحم وغير ذلك، فالأمانة ما أمر الله به، وما أوجبه على عباده، يجب أن يؤدوا هذه الأمانة على الوجه المشروع، كما قال تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا(58) سورة النساء. ويقول سبحانه: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) سورة المؤمنون. ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(27) سورة الأنفال. فالمؤمن إذا أحرم هذا الإحرام يعني: -إحرام عام- ينبغي له أن يجتهد في أداء ما فرض الله عليه، وإذا دخل في الصلاة يؤدي ما أوجب الله عليه، وإذا دخل في الصوم يؤدي ما أوجب الله عليه، وفي الزكاة يؤدي ما أوجب الله عليه، وهكذا كلها أمانات، فالحج أمانة والصوم أمانة، والزكاة أمانة والصلاة أمانة، وبر الوالدين أمانة، وترك المحارم أمانة، فالواجب أداؤها بنفس وإخلاص ورغبة بما عند الله، فإذا دخل في الصلاة دخلها بانشراح صدر، ورغبة بما عند الله حتى يؤديها كاملة، وهكذا يخرج الزكاة عن طيب نفس يرجو ما عند الله، وهكذا يصوم رمضان صياماً شرعياً بعيداً عما حرم الله، وهكذا إذا حج يصون حجه عما حرم الله عليه، وهكذا بقية الأمور. فإن هذه الأمانة لا يساويها شيء، بل هي الأمانة العظمى وهي دين الله -جل وعلا- ولهذا قال الله: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا؛(72) سورة الأحزاب. لعظم شأنها. فالواجب على المكلف من بني آدم أن يعتني بها وأن يؤديها كاملة، على وجه الإخلاص لله في فعل الواجبات وفي ترك المحارم، يرجو ثواب الله, ويخشى عقاب الله سبحانه. جزاكم الله خيراً.
وجاء في فتاوى نور على الدرب:
يقول السائل ما معنى قوله تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) ما المقصود بهذه الأمانة؟
فأجاب الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-:
المقصود بالأمانة ما ائتمن الله عباده عليه من طاعته فإن الله سبحانه وتعالى ألزمهم بالطاعة بامتثال أمره واجتناب نهيه فالتزموا بالعهد الذي بينهم وبينه بما فطرهم عليه من الإيمان به والإقرار به وبما أعطاهم من العقل وبما أرسل إليهم من الرسل فهنا فطرة وهنا عقل وهنا رسالة وبهذه الأمور الثلاثة كان تحمل الأمانة من الإنسان وكلف بها وعليه أن يقوم بهذه الأمانة ويعرف قدرها حيث عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ولكن الإنسان تحملها وحملها فعليه أن يقوم بها وهي طاعة الله تعالى بامتثال أمره واجتناب نهيه فيما يتعلق بعبادته وفيما يتعلق بحقوق عباده.
بآرك الله فيك
و جزاكـ خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله وجزاكم خيرا
****************************
أحسنت! هذا الحديث، يرويه حذيفة – رضي الله عنه – وهو الذي أخبر أن النبي – صلىالله عليه وسلم – حدثهم بكل فتنة تكون إلى يوم القيامة، يقول: هنا في هذا الحديث: حدثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بحديثين، رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخرفذكر أنه -عليه الصلاة والسلام- حدثهم عن نزول الأمانة، وأنها نزلت في جذر قلوبالرجال، جذر قلوب الرجال: يعني الأصل، الجذر: هو الأصل، نزلت في قلوب الرجالواستقرت، ونزل القرآن، فسقى هذه البذرة، فنزل القرآن، فعمل الناس بالقرآن، وعملوابالسنة، علموا من القرآن، وعلموا من السنة، وعملوا بما فيهما.
الأمانة: الأمانة، قيل المراد بها، هي الإيمان وتكاليف الإيمان، إذن الأمانة هيالمذكورة في قوله تعالى) : إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِوَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَاالْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(فالإيمان، والشرائع هي أمانات،فالوضوء أمانة، والغسل أمانة، والصيام أمانة، والصلاة أمانة، والإنسان مؤتمن عليهابينه وبين ربه، الإيمان في قلبه أمانة، بينه وبين الرب، من يعلم ما في قلب العبد،إلا الله، الذي خلقه، سبحان الله، لا إله إلا الله،
نزلت الأمانة في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا منالسنة، وذلك ببعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – منّ الله على من شاء من عبادهبالإيمان، والاستجابة لدعوته – عليه الصلاة والسلام – فكانت الأمانة في قلوبهم،نزلت الأمانة في قلوبهم، نزل الإيمان في قلوبهم، فجاء القرآن بعد ذلك، وجاءت السنة،فعلموا منهما، وكان هذا العلم غذاء لما وقر في قلوبهم، وما جعله الله في قلوبهم،فأثمر هذا العلم آثارا حسنة، وهي أنواع الأعمال الصالحة، وهذا يعني، ظهر في حالالصحابة – رضي الله عنهم – فهم الذين جمع الله لهم بين الإيمان الصادق، والعلمالصحيح، والعمل الصالح، من الهجرة، والنصرة، والجهاد، والإنفاق في سبيله سبحانه،وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
يقول حذيفة: ثم حدثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن رفع الأمانة، وأن الأمانةترفع. ترفع: يعني من المكان الذي كانت فيه، ترفع الأمانة، فينام الرجل النومة،فترفع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت، يبقى لها شيء يسير من الأثر، مثلالبقعة في الجلد السواد في المحل، يظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومة، فترفع أيضاالأمانة، فيظل أثرها كذلك مثل المجل، المجل: قيل إنه الانتفاخ، الذي يكون في الكف،من أثر العمل، إذا اشتغل الإنسان بشيء، يقبض عليه في يده، مثل الفأس، والمسحاة،وكذا، وشد عليه، يتنفط في يده أشياء، يسميها الناس، يسميها العوام مخضا، العامةعندنا يسمون هذا مخضا، مخض أثر العمل، وهو الذي عبر عنه في الحديث: بالمجل، فيكونأثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك، فنفط، فتراه منتبرا، يعني الجمرة، إذا مرتعلى القدم، أو دحرجتها على رجلك، يتسبب هذا في أن تنفط في الجلد، تنفخ، ينتفخ فتراهمنتبرا، منتفخا، وليس فيه شيء، هو مجرد انتفاخ، يعني ما تعدو إلا ماء.
هذا تصوير لحال أثر الأمانة في قلب من رفعت من قلبه الأمانة، نعوذ بالله، ينامالنومة، فترفع الأمانة، أقول -والله أعلم-: قد يشهد له، أو يقربه الحديث الأول،يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرا، نعوذ بالله، يمكن أنينام النومة، أو قد يكون ذاك الحديث، يفسر قول: فينام النومة، يصبح، ويتحول عنحاله، كان مؤمنا، فيصبح كافرا، كان صالحا، فيصير فاسقا، يصير فاسقا، يتحول من مرتبةالتقوى، والإيمان، والصلاح إلى مرتبة الفسوق، والفجور، يصير فاجرا، بعد أن كانتقيا، تحولات، نعوذ بالله من الحور بعد الكور، والضلالبعد الهدى.
ثم يذكر حذيفة بعد ذلك، يعني ما وقع من تغيرأحوالالناسفي باب الأمانة، الإيمان: هو أمانة عند العبد، ويوجب الأمانة، كلما كان الإنسانأكمل إيمانا، كان أكمل أمانة، فإن لفظ الأمانة يطلق على ما يؤتمن عليه الغير، مايؤتمن عليه العبد، هذا أمانة، يعني مؤتمن عليه، والأمانة: هي الائتمان، كون الإنسانمأمونا، عنده أمانة، يعني أنه مأمون، يؤتمن على الشيء، فرفع الأمانة: هو رفعالإيمان، الذي من أثره الأمانة، والائتمان: كون الإنسان مأمونا.
يذكر حذيفة الشاهد، يقول: ولقد أتى علي زمان، وأنا لا أبالي من أبايع، لغلبةالأمانة على الناس، واستقامةأحوالالناس، لا أبالي منأبايع، لئن بايعت مسلما، ليردنه علي دِينه وأمانته، ولئن كان يهوديا، أو نصرانيا،ليردنه علي ساعيه، يسترد لي الحق منه، هذا معناه: ساعيه: يعني الوالي عليه، ولعليتجاوزت، يعني شيئا من الحديث المرفوع، وهو تابع لأثر رفع الأمانة في الواقع، وأنهيعني يصل الأمر بالناس، إلى أن يكون الأمين نادرا، هذا جملة في الحديث، حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا. هذا من آثار رفع الأمانة، أن يقل المأمونون، أن يقل منيؤتمن، إن في بني فلان رجلا أمينا،
وكذلك قد يمدح الرجل بالأمانة، وما في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فيقال: فلان، ماأظرفه! ما أجلده! يمدح، وما في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فهو أبعد ما يكون عنالأمانة. هذا من أثر رفع الأمانة، من أثرها في الواقع، قلة الأمناء، ندرة الأمناء،ومن سوءالأحوال، أن يخون الأمين، كما تقدم في الحديث،ويؤتمن الخائن، يخون الأمين، ويؤتمن الخائن.
فحذيفة أيضا، أعود وأقول: إنه يذكر منأحوالالناس، ماكان عليه الناس في أول أمر الإسلام، في عهد الخليفتين الراشدين: أبي بكر، وعمر،يمكن في أول خلافة عثمان، كانتأحوالالناس، يعني الاستقامةعليها أغلب، ويذكر أنه تغيرتأحوالالناس، وأنه الآن في آخرحياته، وقد توفي – رضي الله عنه – في أول خلافة علي – رضي الله عنه – سنة ستوثلاثين من الهجرة، فبعد الفتنة، تغيرت بعد مقتل عثمان، تغيرتأحوالالناس، فقد يكون أنه حدّث بهذا الحديث بعد مقتل عثمان،محتمل تغيرتأحوالالناس تغيرا عظيما، شديدا، كثر فيهمالشر، والنفاق، والفجور، فربما أنه حدث به بعد مقتل عثمان، وقد يكون حدث به قبلذلك، ولا شك أن التغير حاصل في الجملة.
فيذكر أنه عند تحديثه به وقت تحديثه بهذا الحديث، يقول: إني لا أبايع منكم، إلافلانا، وفلانا. يعني الغالب على الناس، عدم الثقة، لا يوثق به في البيع، تأملواالآن في حال الناس، الآن البيع -لا إله إلا الله!- من الذي، يعني تثق به، تستسلمله، وتأتي تقول: دع الأشياء المحددة المسعرة، ما هي نتيجة أمانة الأشياء المسعرة؟لكن الأشياء التي ما يعرف سعرها، ما لها سعر معروف، يجيء البلاء من الكذب فيالسلعة، في قيمة السلعة، يرتكب كثير من الباعة النجش، يزيد في السلعة أضعافامضاعفة، وقد يدعي أنه اشتراها بمائة، وهي بخمسين، ويموه على الغر، ويخدعه، وقديعرضها، قد يقول في سلعة بمائة: سعرها مائة، فيقول عندما يطلبها منه أحد، يقول: بثلاثمائة في الأشياء التي ما لها حدود، ولا تنضبط فيها مجال، لكن الأشياء المحددةالمعروفة، ليس فيها، فهذا أيضا المتأمل للواقع، لعله يجد ما وصفه حذيفة – رضي اللهعنه – في الوقت الذي حدث بهذا الحديث فيه.
ومن الناس من يكون أمينا، لا عن إيمان، بل عن معنى آخر، وهو قضية المحافظة علىالسمعة، هذا ليس بأمين، هذا يعني يترك مثلا الخيانة، ويترك بعض الأمور، التي يمكنأن تؤخذ عليه، يعني محافظة على سمعته، على سمعته في التجارة، مثلا بما أننا نتكلمعما ذكره حذيفة من المعاملة، وندرة الأمين في المعاملة في البيع والشراء، هذا ماتيسر حول هذا الحديث، فاقرأه مرة أخرى، والله المستعان. نعم.
)وعن حذيفة – رضي الله عنه – قال: حدثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثين، قد رأيتأحدهما، وأنا أنتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزلالقرآن، فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة، قال: ينامالرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومة، فيظلأثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك، فنفط، فتراه منتبرا، وليس فيه شيء، ثم أخذحصاة، فدحرجها على رجله، فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتىيقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، حتى يقال للرجل: ما أجلده! ما أظرفه! ما أعقله! وما في قلبه حبة، من خردل من إيمان (ولقد أتى علي زمان، ما أبالي – لا،لعل الأول كله مرفوع، يعني عن الرسول – عليه الصلاة والسلام – ينتهي، أما من قوله: ولقد أتى.. هذا ظاهر أنه كلام حذيفة. نعم – ولقد أتى علي زمان، ما أبالي أيكمبايعت، لئن كان مسلما، ليردنه علي دينه، ولئن كان يهوديا، أو نصرانيا، ليردنه عليساعيه، وأما اليوم، فما كنت أبايع منكم، إلا فلانا، وفلانا. أخرجاه.
الله المستعان، قف على هذا.
وفيكم بارك الله شكرا على المرور
بآرك الله فيك أخي الكريم
بارك الله فيك وجزاكخيرا
شكرا لكم على المرور الطيب جزاكم الله خيرا إخواني
وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم شكرا على المرور
شكرا لك جزيل الشكر
العفو اخي بارك الله فيك وشكرا على المرور