وصل عدد المطاعم المدرسية بحسب إحصائيات سنة 2024 إلى 12 ألف مطعم مدرسي، وبلغ في السنة نفسها عدد المؤسسات التربوية 25 ألف مؤسسة تربوية، أما عدد المطاعم التي كانت قيد الإنجاز فوصل إلى 1500 مطعم، في حين وصل عدد مفتشي المطاعم 96 مفتشا. ووصل عدد المستفيدين من هذه* المطاعم* المدرسية* مليونيّ* و700* ألف* تلميذ،* بميزانية* تقدر* بـ* 12*.5* مليار* دينار*.
6* ملايين* تلميذ* على* الأقل* يحتاجون* إلى* التغذية* المدرسية
هذه الأرقام، وإن كانت تعود إلى أكثر من سنتين، إلا أنها تُلقي الضوء على مدى التغطية التي عرفتها المطاعم المدرسية في مختلف ربوع الوطن. وفي الوقت ذاته تسمح بطرح العديد من الأسئلة حول نوعية ومضمون الخدمة التي تقدّمها هذه المطاعم للتلاميذ؟ وهل هذه الوجبات المقدّمة* في* مدارسنا* تساعد* التلميذ* الجزائري* على* أن* يكون* رجل* المستقبل* الذي* ينهض* بأعباء* بناء* البلد* على* أحسن* وجه؟*
تختلف النظرة إلى المطعم المدرسي، بين تلك التي تقدّمها الوصاية ممثلة في وزارة التربية، وبين نظرة أولياء التلاميذ. بالنسبة للوصاية ترى أن وجود المطعم المدرسي بالمؤسسة التربوية يهدف إلى تكسير الفوارق الاجتماعية بين التلاميذ، وكذا تدريس التربية التغذوية العملية* وتحسين* المردود* الدراسي،* تكوين* الحياة* في* فرق* وجماعات،* تكوين* عادات* احترام* التجهيزات* الجماعية* ومساعدة* التلاميذ* على* فهم* العلاقات* الإنسانية*.
أما عن الدور البيداغوجي للمطاعم المدرسية فيتمثل في المساعدة على ربط عرى الصداقة بين التلاميذ من أجل تحسين المردود الدراسي وتمكين المعلم من الملاحظة وتقديم التوجيه وتنمية خصال النظافة والانضباط والاقتصاد والتذوق الجمالي وغيرها. لكن ماذا عن الهدف الأساسي للمطاعم المدرسية، على الأقل بالنسبة لنظرة أولياء التلاميذ إلى هذه المطاعم، والمتمثل في التغذية المتوازنة التي تساعد التلميذ على مواجهة يوم شاق من الدراسة وأعبائها. في هذا الشأن يؤكد أحمد عيادي مفتش التغذية المدرسية بمديرية التربية لشرق الجزائر للشروق، أن "أهداف المطعم المدرسي ليس ملء البطون"، وإنما الهدف منها هو ترسيخ القيم التي سبق ذكرها في التلميذ، ويضيف بأن "التغذية المدرسية ليس الهدف منها تعويض تغذية الطفل في البيت وإنما أداء وظيفة تكميلية لتغذية التلميذ في البيت". لكن ما رأي أولياء التلاميذ في هذا؟
يقول أحمد خالد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ في تصريح للشروق، بأن تصوُّر الاتحاد "لموضوع التغذية المدرسية أبعد من هذا، فنحن نطالب الدولة بتوفير الغذاء الكامل للطفل مثلما كان يحدث في سبعينيات القرن الماضي، أي لا بد من الاهتمام بتغذية التلميذ بإعطائه فطور الصباح ووجبة الغذاء لأنَّ التلميذ هو رجل المستقبل، والمدرسة الجزائرية اليوم تتوفر على 8.5 مليون تلميذ، على الأقل 6 ملايين تلميذ يحتاجون إلى التغذية المدرسية"، ويرى رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ أنّ "التغذية المدرسية مثلما هي عليها* اليوم* في* حالة* رديئة* جدا،* ونطالب* بضرورة* تحسينها*".
90* بالمائة* من* المديرين* يرفضون* فتح* المطاعم* المدرسية
ينص القانون المنظّم للمطاعم المدرسية ( المرسوم 65 / 70 )، على أن هذه الأخيرة يسيّرها مجلس إداري برئاسة رئيس المجلس الشعبي البلدي، وعضوية ممثل عن أولياء التلاميذ، مصالح الصحة والنظافة التابعة للبلدية، المدير مسير المطعم، معلم، المقتصد، مدير المتوسطة ومستشار التغذية. ويجتمع المجلس قبل افتتاح المطاعم المدرسية في بداية الموسم الدراسي، وفي نهاية كل فصل، ويناقش قائمة التلاميذ المقبولين في المطعم، ويتأكد من أنّ شروط فتح المطعم المدرسي مستوفاة كما يُقدّر الفائدة التي تُدرّها التغذية* المدرسية* على* المستويين* البيداغوجي* والصحي* ويقترح* التدابير* المفيدة* لتسهيل* عمل* المطعم*.
ويرى أحمد خالد أنّ 90 بالمائة من مديري المدارس يرفضون فتح المطاعم المدرسية بالمدارس التي يُسيّرونها وذلك "بدواعي الخوف من التسيير نظرا لعدم كفاءتهم وقدرتهم على القيام بتلك المسؤولية، وكذا نقص التكوين في هذا الميدان، وأيضا لتفادي أعمال تُضاف إلى مهام المدير* المعروفة*".
*
وجبة* بـ* 30* دينارا* لا* يمكن* الحصول* عليها* حتى* في* الجنة
من المفارقات التي يطرحها أحمد خالد تلك المتعلقة بسعر الوجبة، حيث يصل إلى 30 دينارا في الشمال و35 دينارا في الجنوب، ومبلغ مثل هذا بحسب رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ، لا يمكن أن نحصل به على وجبة حتى في الجنة، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، ولهذا يطالب "برفع سعر الوجبة إلى 100 دينار على الأقل، إضافة إلى تزويد كل المؤسسات التربوية في الجنوب بالنظام نصف الداخلي، وأن تهتمّ الجماعات المحلية، من بلدية وولاية، بتغذية التلميذ باعتبارها أولوية". ويرى أحمد خالد أنه "إذا كانت الدولة عاجزة عن تسيير المطاعم المدرسية، ما عليها سوى إعطاء التلميذ منحة دراسية يصرفها وفق حاجاته". ودقّ ناقوس الخطر في قضية طهي الوجبات ونوعيتها السيئة في كثير من الأحيان، مؤكدا "أنّ ولاية الجزائر فقط هي التي تساهم بمبلغ 22 دينارا كدعم للوجبة، أما باقي ولايات الوطن فلا تساهم في هذه* العملية*".