مقالة راقية جدا للدكتور النابلسي قام بنشرها في صحيفة دانماركية بعد الحملة على النبي صلى الله عليه و سلم في 2024 فلنتعلم إذنا:
الذوق :
أدبيات التعامل مع الناس ..
جمال التعامل بأشكاله المتعددة ..
النفس المرهفة الجميلة ..
الموقف الجميل ، التصرف الجميل ،
الحركة الجميلة ،اللمسة الجميلة ،
الكلمة الجميلة ، جمال النظام ،
جمال النظافة ..
جمال الأناقة ،
جمال التناسق والانسجام ،
جمال في البيت ،
جمال في مكان العمل ،
جمال في الطريق ،
جمال في الأماكن العامة
النفس الشفافة التي تفهم الخطأ وتقدر وقوعها فيه من نظرة العين ، وابتسامة الوجه.
إن الحياء شعبة من الإيمان .. والحيي هو الذي يفهم خطاه من لمحة عابرة ، ونظرة حائرة
الناس أجناس فمنهم من أعتقد خطأً أن الذوق ، والأدب ، والخلق الرفيع ، والرّقي الحضاري .. كل هذه قيم غربية خالصة ، ولا تكتسب إلا في المدارس الأجنبية ومنهم من تربى على الأدب والرقي والذوق ، وظنّ أن الإسلام عكس ذلك تماما ، فتراه حينما يسمع كلمة “ متديّن “ ينتظر منه عدم اللياقة .. وعدم النظافة .. وعدم النظام .. فصار الذوق عند هذا الإنسان الواهم حاجزا بينه وبين التديّن.
ومن الناس من ظن أن الإسلام في المسجد ليس غير.!! لذلك يقول “ دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر “ وبالتالي فالأدب والرقي والحضارة وكذلك إدارة الحياة جميعها .. ليس لهذا علاقة بالدين ..
والحقيقة أن ما لله لله وما لقيصر لله!
وسيتأكد لنا أن الذوق والأدب ، والرقي ، والحضارة ، والشفافية ، والجمال ، والنظافة ، والنظام هي أصول كبيرة من أصول هذا الدين . إن الإسلام جاء لتنظيم الحياة وإدارتها والسمو بها ، فالإسلام هو الحياة الكاملة
والإنسان المتديّن الذي فهم الإسلام عبادة شعائرية ليس غير .. صلاة وصياما وذكرا وتسبيحا فهو حريص على هذه العبادة ، ولكنه لم يفهم أن الذوق جزء أساسي من أخلاق المسلم ، وأن الله لا يرضيه أن يؤذي الناس بكلمة أو بتصرف ، فإذا عامل الناس بغلظة .. وبشيء من عدم الذوق ، فتكون النتيجة أنه يفتن الناس عن دينهم . فيصبح تديّنه سببا لبعد الناس عن الإسلام .. وتجد من حوله يقولون : منذ أن تديّن أصبح فظا .. . غليظا .. غير مهتم بمظهره
يتبع………….
من الذوقيات المفقودة في الشارع تلك الأصوات المزعجة لأبواق السيارات التي يتفاخر بها أصحاب السيارات ، صغيرة كانت أو كبيرة ، فتجد صاحب المركبة يقف أسفل البيت ، وينادي ببوق مركبته من في الطابق العلوي ، بدلا من أن يصعد إليه ، يريح نفسه ويتعب الآخرين باستخدام آلة التنبيه
.. فيأتي الإسلام ويرد للشارع ذوقياته المفقودة .
يقول الله تعالى : وينبغي أن نفهم الآية على نحو موسع : إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ*وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
نعم .. إن الآية تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها تنظم وتهذب سلوكيات الناس. إن من حق الناس عليك ألا تزعجهم فمنهم النائم .. ومنهم الطالب الذي يدرس .. ومنهم المريض .. ومنهم الذي يصلي .. واعلم أن الشارع ليس ملكك وحدك.
ومن التصرفات العجيبة .. أنك تجد سائق السيارة لا يسمح للسيارة التي خلفه أن تتجاوزه .. وإذا سألته ما السبب لم يجب ، والأدهى من ذلك أن هذا التصرف أصبح عملاً لا شعورياً من كثرة ما تعوّد عليه
ولكن الإسلام يعلمك الذوق في هذه المواقف.
يقول الله تعالى : وينبغي أن نفهم الآية بمعناها الواسع: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*
افسحوا ليس في المجالس فقط ، ولكن في الطرق .. افسحوا يفسح الله لكم .. من قلة الذوق أنك تضيّق الطريق على الناس ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
وإليك هذا الموقف الجميل .. بينما كان يجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ جاء رجل من الأعراب فتزحزح له النبي صلى الله عليه وسلم ( بالرغم من أن المسجد لم يكن ممتلئا ) فقال هذا الأعرابي وقد لفت نظره هذا التصرف : يا رسول الله لم تزحزحت ؟ إن في المسجد سعة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " حق على كل مسلم إذا جاء أخوه أن يتزحزح له “ .
من يقول بعد هذا : خذوا الذوق وتعلموه من الغربيين ؟!
هل من الأدب والذوق إلقاء القمامة في الشارع ؟ تجد الرجل ينظر يمينا وشمالا ويقول في نفسه : هل يراني أحد ؟ ويبدأ يختلس النظرات ، كالذي يسرق شيئا ، ثم يلقي بالقمامة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
“ إماطة الأذى عن الطريق صدقة “
فما بالنا بمن يلقي الأذى في الطريق .. !! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق “
. ومعنى ذلك أن إماطة الأذى عن الطريق جزء من الإيمان.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث رائع رواه البخاري ومسلم :
" إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم “
فالمدخن مثلاً يؤذي من حوله إذن بناء على هذا الحديث الصحيح تتأذى منها الملائكة ، وقد ثبت أن الذي يجالس المدخن يتأذى بثلث أخطار التدخين
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إياكم والجلوس بالطرقات ، إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه : غضّ البصر ، وكفّ الأذى ، وردّ السّلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر “
يا الله .. الإسلام يضع لك منهجا .. للجلوس في الشارع مضطرا
خرجت من بيتك إلى الشارع ووصلت إلى بيت صديقك
تقول : صديقي .. إنه أخي .. إننا هنا نتكلم عن الذوق في المعاملة .. نتكلم عن الأدب الذي علمنا إياه الإسلام .. والآن إليك كلام الله عز وجل : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون
النور
. ومعنى ( تستأنسوا ) ، أي تتأكدوا أنهم مستعدون لاستقبالكم ، وتستأنسوا في القرن الواحد والعشرين معناها : أن تتصل به هاتفياً وتأخذ منه موعداً .. كلمة جميلة كلها ذوق .. ( تستأنسوا ) أي تضمن أنه سيأنس بك هذا الصديق
أحيانا تذهب من دون موعد تجده يعتذر لك .. أنه لن يستطيع أن يستقبلك ، فتغضب غضبا شديدا وتقيم الدنيا ولا تقعدها .. من الذوق ألا تغضب. يقول تعالى : وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
النور 28.
إياك أن تغضب إن اعتذر أخوك عن أن يستقبلك .. “
هو أزكى لكم “
ومن السلوكيات غير الطيبة والبعيدة كل البعد عن الذوق .. أن تجد مثلا من يدق جرس الباب ، ثم يقف في وجه الباب أمام العين السحرية ، ويضع يديه الاثنتين على الباب !!
وانظر إلى أدب الإسلام .. يقول صلى الله عليه وسلم :
" لا تقفوا أمام الباب ولكن شرّقوا أو غرّبوا “
موضوع ولا أروع فالأحرى ان نقول : خذوا الذوق وتعلموه من النبي صلوات الله وسلامه عليه
شكرا على الطرح المتميز والهادف فما احوجنا الى مثل هذه المحاضرات .والسلوكات..عسانا ندركها قبل فوات الأوان
موضوع ولا أروع فالأحرى ان نقول : خذوا الذوق وتعلموه من النبي صلوات الله وسلامه عليه
شكرا على الطرح المتميز والهادف فما احوجنا الى مثل هذه المحاضرات …عسانا ندركها |
هناك من الناس صنف لا يراعي الآداب العامة ، فتجده بعدما يدخل مكاناً .. سواء كان بيتا أو مصعدا ، أو سيارة .. يغلق الباب بشدة ، فتارة يكسر الزجاج ، وتارة يفزع الناس ..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
“ ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه “
رواه الإمام أحمد
بالله عليك .. اجعل هذا الحديث منهجاً لك
فهو طريقك إلى الذوق الرفيع.
أحيانا يدعوك أحد أصدقائك لطعام في يوم كذا ، وفي هذا اليوم تذهب لصديقك ولكن ليس بمفردك !! فتأخذ معك شخصا آخر .. فيصاب صاحب البيت بصدمة لهذا التطفل
دعي النبي صلى الله عليه وسلم هو وخمسة من الصحابة عند رجل من الأنصار ، وفي أثناء ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم والخمسة إذا بصحابي آخر يتبعهم ويمشي معهم حتى وصلوا إلى البيت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب البيت : " إنّ هذا تبعنا فإن شئت فأذن له وإن شئت فليرجع . قال الأنصاري الذي دعاهم : بل آذن له يا رسول الله. “
رواه البيهقي في السنن الكبرى والطبراني في المعجم الكبير
إنه موقف محرج وبخاصة لصاحب البيت وأهله .. فالطعام لعدد معين .. وقد تكون الأماكن عل الطاولة لعدد معين وإذا زاد هذا العدد فما العمل ! ؟ ولكن انظر إلى أدب النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يضع صاحب البيت في مأزق وحرج ، فبادره وشرح له الموقف وخيّره.
أين هذه الذوقيات بيننا الآن! ؟.
بعض الناس حينما يدخل بيت صديقه تجد عينيه تتحركان بسرعة تبحث عن الهاتف .. فإذا رآى الهاتف رفع السماعة وبعدها يستأذن من صديقه اتصالا واحداً سريعاً .. وهو يعلم أن صديقه لن يرفض له طلباً .. . فكيف يرفض وقد أمسك بالهاتف فعلا ؟ ثم يبدأ الاتصال .. فيتصل بجدة مثلا !! ويستمر هذا الاتصال نصف ساعة !! هل هذا من الذوق ؟؟
وهل يراعي حياء الناس إلا من كان عنده ذوق ؟ فتجده يرى القلم في جيب زميله ثم يقول له : إنه قلم جميل ( وإنها لكلمة لها معنى ) فما على زميله إلا أن يقول : تفضل خذه !! فيأخذ منه القلم .
ومن الذوقيات الإسلامية في عيادة المريض .. ألا تطيل الزيارة .. فمن الذوق أن تكون زيارة خفيفة إلا إذا كان المريض مستأنسا بك وسعيدا .. وهناك قصة لطيفة للإمام أبي حنيفة كان مريضاً وعاده أربعة رجال .. فكانت زيارتهم ثقيلة وأطالوا الجلوس والإمام مريض ، فضاق بهم ، وتعب تعبا شديدا ، ومع ذلك فهم ما زالوا يجلسون .. فماذا فعل الإمام ؟ قال لهم : قوموا فقد شفاني الله عز وجل .. !!
إن الإسلام يعلمنا ويربينا على أن نراعي ظروف المريض. وحالته الصحية .. .