تخطى إلى المحتوى

ما الأَدَبُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعـــدَ وفاتـــه ؟ 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأَدَبُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ:
«فَرَأْسُ الأَدَبِ مَعَهُ -أَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:
كَمَالُ التَّسْلِيمِ لَهُ، وَالاِنْقِيَادُ لِأَمْرِهِ، وَتَلَقِّي خبرهِ بِالقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ، دُونَ أَنْ يَحْمِلَهُ مُعَارَضَةَ خَيَالٍ بَاطِلٍ يُسَمِّيهِ مَعْقُولاً
أَوْ يَحْمِلهُ شُبهَةً أوْ شَكًّا، أَوْ يُقَدِّمَ عليهِ آرَاءَ الرِّجَالِ، وَزُبَالاَتِ أَذْهَانِهِمْ، فَيُوحِّدُهُ بِالتَّحْكِيمِ وَالتَّسْليمِ، وَالاِنْقِيَادِ وَالإِذْعَانِ
كَمَا وحَّدَ المُرْسِلَ سُبْحاَنَهُ وَتَعَالَى بِالعِبَادَةِ وَالخُضُوعِ وَالذُّلِّ وَالإِنَابَةِ وَالتَّوَكُّلِ.
فَهُمَا تَوْحِيدَانِ، لاَ نَجَاةَ لِلْعَبْدِ مِنْ عَذَابِ اللهِ إِلاَّ بِهِمَا:
تَوْحِيدُ المُرْسِلِ، وَتَوْحيِدُ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ، فَلاَ يُحَاكِمُ إِلىَ غيْرِه، وَلاَ يرْضَى بِحُكْمِ غَيْرِهِ، وَلاَ يَقِفُ تَنْفِيذُ أَمْرِهِ وَتَصِديقُ خَبَرِهِ
عَلَى عَرْضِهِ عَلَى قَوْلِ شَيْخِهِ وَإِمَامِهِ وَذَوِي مَذْهَبِهِ وَطَائِفَتِهِ وَمَنْ يُعَظِّمُهُ، فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ نَفَّذَهُ وَقبِلَ خَبَرَهُ
وَإِلاَّ فإَنْ طَلَبَ السَّلاَمَةَ أَعْرَضَ عَنْ أَمْرِهِ وَخَبَرِهِ وَفَوَّضَهُ إِلَيْهِمْ، وَإِلاَّ حَرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَسَمَّى تَحْرِيفَهُ تَأْويلاً وَحَمْلاً
فَقاَلَ: نُؤَوِّلُهُ وَنَحْمِلُهُ، فَلَأَنْ يَلْقَى العَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ عَلَى الإِطْلاَقِ -مَا خَلاَ الشِّرْكَ بِاللهِ- خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَذِهِ الحَالِ…

وَمِنَ الأَدَبِ مَعَهُ: أَلاَّ يُسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ بَلْ تُسْتَشْكَلُ الآرَاءُ لِقَوْلِهِ، وَلاَ يُعَارَضُ نَصُّهُ بِقِيَاسٍ، بَلْ تُهْدَرُ الأَقْيِسَةُ وَتُلْقَى لِنُصُوصِهِ.
وَلاَ يُحَرَّفُ كَلاَمُهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ لِخَيَالٍ يُسَمِّيهِ أَصْحَابُهُ مَعْقُولاً، نَعَمْ هُوَ مَجْهُولٌ وَعَنِ الصَّوَابِ مَعْزُولٌ.
وَلاَ يُوقَفُ قَبُولُ مَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُوَافَقَةِ أَحَدٍ
فَكُلُّ هَذَا مِنْ قِلَّةِ الأَدَبِ مَعَهُ وَهُوَ عَيْنُ الجُرْأَةِ»
[«مدارج السّالكين» لابن القيّم (2/ 387-390) مع حذف].

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.