ا
مدرسة قرآنية في جنوب إفريقيا
صورة: (ح.م)
يعملون بسياسة التدريس والعلاج مقابل تعلم القرآن والعربية
10
يعرف الإسلام انتشارا غير مسبوق في مدينة "ميدراند" بجنوب إفريقيا، وذلك بعد تدشين رئيس جنوب إفريقيا "جاكوب زوما" سنة 2024 مسجدا ضخما مول بناءه رجل أعمال تركي، لترتفع مآذنه 55 مترا وسط مجمع إسلامي استقطب مئات الأطفال والشباب، ويعتبر المسجد الأكبر من نوعه في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، يحتوي على مدرسة وإقامة ضخمة للطلاب بالإضافة إلى مستشفى ومركز تجاري وملاعب ومتنزهات، الشروق زارت هذا المسجد الواقع بين العاصمة الاقتصادية لجنوب افريقيا "جوهانسبورغ" والعاصمة السياسية "بريتوريا" ووقفت على الطريقة التي ينتهجها الأتراك لنشر الإسلام الذي يستقطب يوميا عشرات الأفراد من مختلف الجنسيات.
يعتبر مسجد "ميدراند" قبلة كل مسلم يقصد جنوب إفريقيا، باعتباره تحفة معمارية بناها الأتراك على نموذج المسجد السليماني النظامي الذي شيد في القرن السادس عشر في مدينة "أدرين" التركية وهو مدرج ضمن التراث العالمي من قبل اليونسكو، دخلنا المسجد الذي يعبر كل جزء منه على أصالة الحضارة الإسلامية وروعة الهندسة العثمانية، أول من التقينا معلم قرآن من أصل جنوب افريقي يدعى "حمزة سالم"، وجدناه جالسا في المسجد يعلم الأطفال اللغة العربية ويحفظهم القرآن، تكلم معنا باللغة العربية التي تعلمها في صغره في جزيرة "كي تاون" مسقط رأسه، أكد لنا أن هذا المسجد يسيره الأتراك الذين يعتمدون على الأطفال في نشر الإسلام، وذلك عن طريق بناء مدرسة ضخمة تابعة للمسجد معتمدة من طرف الدولة، يدرسون فيها مئات الأطفال الفقراء بالمجان، يأتون بهم من مختلف مناطق البلاد ويوفرون لهم المأوى والعلاج، حيث يحتوي المسجد على مركز إقامة لمئات الطلبة، بالإضافة الى مستشفى يوفر العلاج بالمجان، وأضاف محدثنا أن المسجد يحتوي أيضا على مركز تجاري يحتوي على محلات ومطاعم يعتبر بمثابة استثمار لتسيير متطلبات المسجد التي يظم أيضا ملاعب ومساحات للترفيه يستفيد منها الأطفال بعد انتهاء الدراسة .
.
الأتراك يعتمدون الطريقة المسيحية لنشر الإسلام
اتحد عشرات رجال الأعمال الأتراك في جنوب إفريقيا من اجل بناء المدارس الإسلامية والمساجد الموجهة على وجه الخصوص للفقراء والمحرومين، الذين لا يستطعون تأمين مستحقات الدراسة لأبنائهم،خاصة وأن معظم المدارس بجنوب افريقيا يسيرها خواص وتقدم خدماتها مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 20 و40 مليون سنتيم في السنة وهو مالا تستطيع الكثير من العائلات توفيره لأبنائها،وهنا يتم توجيه هؤلاء الأطفال إلى المدارس الإسلامية المعتمدة من طرف السلطات وتقدم مقررات دراسية مثل الموجودة في المدارس النظامية، وتضيف على ذالك تعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن.
وزيادة على ذالك تقوم بتوفير الإقامة والعلاج بالمجان بالإضافة الى تمكين الأطفال من ممارسة الرياضة والألعاب ،هذه الطريقة ساهمت في دخول الكثير من العائلات الجنوب أفريقيا إلى الإسلام حيث تمكنت عن طريق احتكاكها بالمدارس الإسلامية الإطلاع على تعاليم الإسلام وتاريخ انتشاره.
وفي هذا الإطار قال محدثنا "حمزة سالم" مدرس القرآن أن الأتراك اعتمدوا الطريقة المسيحية لنشر الإسلام فهم يعتمدون على مكافحة الفقر والحرمان والجهل لدى الفقراء مقابل تعليم أطفالهم العربية والقرآن، وهي طريقة ناجحة ساهمت في انتشار الإسلام في مختلف مناطق جنوب إفريقيا خاصة تلك المحيطة بالمساجد والمدارس الإسلامية، وفي حديثنا مع بعض الأطفال أبدوا عن سعادتهم الكبيرة في الإلتحاق بالمدرسة الإسلامية التي اعتبروها عائلتهم الثانية فهي توفر لهم كل ما يحتاجونه من دراسة وملبس ومأكل ،وما أدهشنا أن معظم الأطفال يتقنون الحديث باللغة العربية كما يجيدون قرآة القرآن وهو ما يدل على النظام التدريسي الناجح الذي يعتمده الأتراك في توجيه وتربية الأطفال.
وبالنسبة للمعلمين فمعظمهم من المسلمين بجنوب إفريقيا أما إمام المسجد فهو من تركيا، وما ساهم في انتشار الإسلام في جنوب إفريقيا هو اعتماد الأتراك على الاستثمارات التجارية الضخمة التي يمولون بها المدارس الإسلامية ويشغلون فيها الشباب، وهذا ما جعل الإسلام يشهد وتيرة متزايدة تضاعفت أزيد من ثلاثين مرة خلال السنة الماضية أين زاد تعداد المسلمين بحوالي 250 ألف مسلم خلال السنتين الماضيتين وهذا بسبب توغل المدارس الإسلامية في معظم مدن جنوب افريقيا.
.
الجزائريون من أكثر المقبلين على المساجد
أكد القائم على مسجد مدينة "ميدراند" السيد أحمد بشري وهو صومالي الأصل أنه على احتكاك مع عدد كبير من الجزائريين الذين يعتبرون من أكثر الجنسيات الإسلامية محافظة على الصلاة في المسجد، خاصة صلاة الجمعة وصلاة التراويح في رمضان، وقال أن تعداد الجزائريين في جنوب إفريقيا يقدر بـ 1000 جزائري من أصل مليوني مسلم، إلا أن حضورهم الدائم في المساجد يعطي لك انطباع أن عددهم يفوق مائة ألف جزائري، وهم مشهورون بعاطفتهم القوية تجاه الدين كما أنهم لا يفرطون في إعطاء الزكاة والصدقة على الفقراء خاصة وأن غالبيتهم يشتغلون في التجارة، وقال أنه يعرف جزائريين أسسوا نوادي رياضية خاصة بالأطفال الفقراء وأخرين أسسوا جمعيات خيرية للأيتام والأرامل وهذا ما يعبر عن أصالة الجزائر التي تمنى المتحدث أن يزورها يوما ما ويلتقي مع علمائها.
وأضاف أن هذا المسجد الذي يعتبر الأكبر في نصف الكرة الأرضية الجنوبي كان بمثابة حلم للزعيم نيلسون منديلا الذي رحب كثيرا بالفكرة وهو من أوضى ببناء مستشفى خاص بالمسجد وتوفير العلاج المجاني للفقراء، لأنه مقتنع أن أي دين يقوم على أساس خدمة الأخرين سينتشر وسيقبل عليه الناس، وهذا ما حدث فعلا بعد فتح العديد من المدارس الإسلامية التي بناها رجال أعمال مسلمون على حسابهم الخاص.
شكرا على الموضوع بارك الله فيك
بارك الله فيك
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم