السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين
(موضوع منقول آمل أن يفيد بعضكم)
إن فضول الطعام داعٍ إلى أنواع كثيرة من الشر؛ إذ يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويثقلها عن الطاعات، ويكفي بهذين شرًّا.
يقول ابن قيم الجوزية – رحمه الله :
(( كم من معصيةٍ جلبها الشبع وفضول الطعام، وكم من طاعةٍ حال دونها، فمن وقي شر بطنه، فقد وقي شرًّا عظيمًا، والشيطان أعظم ما يتحكم من الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام))
ولو ذللّ الإنسان نفسه بالجوع وضيق به مجاري الشيطان، لأذعنت لطاعة الله – عزَّ وجلَّ – ولم تسلك سبيل البطر والطغيان.
إذ إن أعظم المهلكات لابن آدم شهوة البطن؛ فبها أخرج آدم – عليه السلام – وحواء من دار القرار إلى دار الذل والافتقار، والبطن على التحقيق ينبوع الشهوات ومنبت الأدواء والآفات.
إنّ على المرء أن يتجنب الشبع والتخمة؛ اتباعًا لقوله – عليه الصلاة والسلام :
((ما ملأ آدمي وعاءً شرًّا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن لم يفعل فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه))؛ رواه أحمد، وابن ماجه، والحاكم.
إنّ النفس البشرية إذا شبعت تحركت، وجالت وطافت على أبواب الشهوات، وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت، يقول أبو سليمان الداراني – رحمه الله – في ذلك:
((إن النفس إذا جاعت وعطشت، صفا القلب ورق، وإذا شبعت ورويت عمي القلب.))
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب، فان القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء ))
وقال صلوات الله عليه:
((أفضلكم منزلة عند الله أطولكم جوعاً وتفكراً، وأبغضكم إلى الله تعالى كل نؤم أكول شروب ))
وقال عليه الصلاة والسلام :
(( إن أبغض الناس إلى الله المتّخمون الملأى، وما ترك عبد أكلة يشتهيها إلا كانت له درجة في الجنة ))
وقال عليه الصلاة والسلام :
((بئس العون على الدين قلب نخيب وبطن رغيب ونعظ شديد ))
وقال عليه الصلاة والسلام :
((أطول الناس جوعاً يوم القيامة أكثرهم شبعاً في الدنيا))
وقال لقمان لابنه:
(( يا بني! إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة ))
قال الإمام الصادق :
(( ما من شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، وهي مورثة شيئين: (قسوة) القلب، و(هيجان) الشهوة. والجوع إدام للمؤمن، وغذاء للروح، وطعام للقلب، وصحة للبدن ))
وكفى لشهوة البطن ذماً أنها صارت منشأ لاخراج آدم وحواء من دار القرار إلى دار الذل والافتقار، إذ نهيا عن أكل الشجرة فغلبتهما شهوتهما حتى أكلا منها، فبدت لهما سوآتهما.
وقد ورد في فضيلة الجوع والصبر عليه ما ورد من الأخبار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((جاهدوا أنفسكم بالجوع والعطش فان الأجر في ذلك كأجر المجاهد في سبيل الله، وأنه ليس من عمل احب إلى الله من جوع وعطش))
وقال عليه الصلاة والسلام :
((أفضل الناس من قل مطعمه وضحكه، ورضى بما يستر عورته ))
وقال عليه الصلاة والسلام:
((سيد الأعمال الجوع))
وقال عليه الصلاة والسلام :
(( اشربوا وكلوا في انصاف البطون فانه جزء من النبوة ))
وقال عليه الصلاة والسلام :
(( قلة الطعام هي العبادة ))
وقال صلى الله عليه وسلم :
((إن الله يباهي الملائكة بمن قل مطعمه في الدنيا ، يقول: انظروا إلى عبدي ابتليته بالطعام والشراب في الدنيا فصبر وتركهما، اشهدوا يا ملائكتي: ما من أكلة يدعها إلا أبدلته بها درجات في الجنة ))
وقال عليه الصلاة والسلام :
((أقرب الناس من الله ـ عز وجل ـ يوم القيامة من طال جوعه وعطشه وحزنه في الدنيا ".
وروى:
(( انه جاءت فاطمة رضي الله عنها ومعها كسيرة من خبز، فدفعتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذه الكسيرة؟ قالت: قرص خبزته للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة، فقال: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاث ))
وقد ذكر في فوائد الجوع
أنه صفاء القلب ورقته
واتقاد الذهن وحدته والالتذاذ بالمناجاة والطاعة،
والابتهاج بالذكر والعبادة،
والترحم لأرباب الفقر والفاقة،
والتذكر بجوع يوم القيامة.
والانكسار المانع عن الطغيان والغفلة،
وتيسر المواظبة على الطاعة والعبادة،
وكسر شهوات المعاصي والمستولية بالشبع،
ودفع النوم الذي يضيع العمر ويكل الطبع ويفوت القيام والتهجد،
والتمكن من الإيثار والتصديق بالزائد،
وخفة المؤنة الموجبة للفراغ عن الاهتمام بالتحصيل والأعداد،
وصحة البدن ودفع الأمراض،
إذ المعدة بيت كل داء والحمية رأس كل دواء،
كان رسول الله لا يشبع الطعام لثلاثة ايام متتالية ونحن تاكل طوال اليوم دون ان نحمد الله
بارك الله فيك على الموضوع