قال عبد الحميد بن باديس إن هذه الأمة كانت قبل الاستعمار ذات مقومات من دينها، ولسانها، وذات مقومات من ماضيها وحاضرها، كانت أرقى عقلا، وأسمى روحا، وأوفر علما، وأعلى فكرا، من أمم البلقان لذلك العهد، ولو سارت سيرها الطبيعي ولم يعترضها الاستعمار وبوائقه، لأنجبت المعلم الذي يملي الحكمة، لا المعلم الذي يمالئ الحكومة.
إننا أمة علم ودين لم ينقطع سندنا فيهما إلى آبائنا الأولين، فلو أن المعلم الذي جاءتنا به فرنسا علم ناصحا وربي مخلصا، وثقف مستقلا، ولم يقيده الاستعمار ببرامجه، لظهرت أثاره الطيبة في الأمة
إن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت…
بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد.. في لغتها، وفي أخلاقها، وفي دينها
وينادى الأمة بقوله:" أيها الشعب الجزائري الكريم، ها أنا أمدّ يدي من قلب يحبك.. فهل تمد لي يدك؟ لنزيل نقصنا بالكمال، وننير جهدنا بالعلم، ونمحو تخريفنا بالتفكير؟.. يدي في يدك أحببنا أم كرهنا لأن قلبي قلبك، وعقلي عقلك، وروحي روحك، ولساني لسانك، وماضي ماضيك، وحاضري حاضرك.. ومستقبلي مستقبلك.. وآلامي آلامك.. وآمالي آمالك إننا نريد نهضة شعبية قوية، تجلى شخصية الشعب الجزائري، وتكشف مجد الماضي، بما ينير له طريق الحياة من جديد، لا أقوالا مكررة عن سياسة انتخابية يديرها الاستعمار، إدارة تزيد في تمكينه، من غير أن يشعر بذلك أحد، ممن راضهم عليها، وسخرها لخدمتها، نريد انقلابا جزائريا يتركز على إعداد نشء صالح تتمثل فيه عنصرية الجدود، فينهض نهضة إسلامية عربية، تأخذ من عظمة الماضي، ويقظة الحاضر، ما يعصمها من الزلل والانحراف، وهي تسير في طريق المستقبل الباسم " وبعد،فنحن الأمة الجزائرية لنا جميع المقومات والمميزات لجنسيتنا القومية، وقد دلَّت تجارب الزمان، والأحوال، على أننا من أشد الناس محافظة على هذه الجنسية القومية وأننا مازدنا على الزمان فيها، وتشبثا بأهدافها، وأنه من المستحيل إضعافنا فيها فضلا عن إدماجنا أو محونا .
يُنظر ……………..
رحمك الله يا بن باديس