السؤال:
ما الفرقُ بين القَدَر والمكتوبِ في اللَّوحِ المحفوظِ؟ وهل يتغيَّر القَدَرُ بالدعاءِ؟
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فمرتبةُ الكتابةِ:
كتابةُ اللهِ لجميع الأشياءِ باللوح المحفوظ الدقيقةِ والجليلةِ،
ما كان وما سيكون هي إحدى مراتبِ القَدَر الأربعِ المتمثلةِ في إثباتِ عِلْمِ اللهِ بكلِّ شيءٍ،
وكتابةِ اللهِ لجميعِ الأشياءِ باللوح المحفوظِ، والمشيئةِ الشاملةِ النافذةِ التي لا يردُّها شيءٌ، وقُدرته التي لا يُعجِزُهَا شيءٌ،
والمرتبةِ الرابعة هي الإيمان بأنَّ اللهَ خالقُ الأشياءِ كلِّها وموجِدُها،
وعليه فإذا أُطلق المكتوبُ فهو من باب إطلاق الجزء وإرادة الكلّ، ودليل هذه المرتبة قولُه تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ﴾ [الحديد: 22]، وقولُه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ فَقَالَ: اكْتُبْ، فَقَالَ: يَا رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» الحديث(1).
والدعاءُ من جُملة الأسبابِ التي لها تأثير في مسبّباتها لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي العُمُرِ إلاَّ البِرُّ»(2)،
فالدعاء سببٌ في ردِّ الأمر المقدَّر،
والبِرُّ سببٌ في الزيادة في العُمُرِ الذي كان يقصر لَولاَ بِرُّهُ،
فالدعاءُ والبِرُّ وغيرُهما من الأسباب التي لها تأثيرٌ في تغيير الأمرِ المقدَّر،
غير أنَّ ذلك التغيير هو -أيضًا- مكتوبٌ بسبب الدعاء فلا يخرج عمَّا قدَّره اللهُ سبحانه وتعالى كالدواء للمريض فهو سببٌ في الشِّفاء، وله تأثيرٌ فيه، لكن لا يخرج عمَّا قدَّره اللهُ تعالى، لقوله سبحانه: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: 49].
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 22 رجب 1445ه
الموافق ل: 16 أوت 2024م
https://www.ferkous.com/site/rep/Ba42.php