«جاء الاستعمار الفرنسيُّ إلى الجزائر يَحمل السَّيف والصَّليب: ذاك للتَّمكين، وذاك للتّمكّن.
فملك الأرض واستعبد الرِّقاب، وفرض الجِزى وسخّر العقول والأبدان.
ولو وقف عند حدود الدّنيويّات لقلنا: تلك هي طبيعة الاستعمار الجائع، تدفعه الشَّهوات إلى اللّذّات، فيجري إلى مداها ويقف، وتدفعه الأنانيّة إلى الحيوانيّة، فيلْتقم ولا ينتقم. ولكنّه كان استعمارًا دينيًّا مسيحيًّا عاريًا، وقف للإسلام بالمرصاد مِن أوّل يومٍ، فابتزَّ أمواله الموقوفة بالقهر، وتصرَّف في معابده بالتّحويل والهدم، وتحكّم في الباقي منها بالاحتكار والاستبداد، وتدخَّل في شعائره بالتّضييق والتّشديد، كلُّ ذلك بروحٍ مسيحيّةٍ رومانيّةٍ تشعُّ بالحقد وتفور بالانتقام، ولم يكتف بذلك حتَّى احتضن اليهوديّة، وحمى أهلها، وأشركهم في السِّيادة ليؤلِّبهم مع المسيحيَّة على حرب الإسلام، ويجنِّدهم في الكتائب المُغِيرة عليه.
وقد تبدَّلت الأوضاعُ بعد ذلك في فرنسا، وتطوّرت الأفكار، وترقّت المعارف، واستوْسَقَت الحضارة، وضاقت النُّفوس بالكنيسة فزَوَتْهَا عن الحكم، ونزعت من يدها المقاليد، ولكن ذلك كلّه كان مقصورًا على فرنسا، ومحدودًا بحدودها. أمَّا هنا في الجزائر… وحيث يوجد الإسلام، وكتابُهُ ولسانُهُ…فإنَّ المسيحَّيَة معدودةٌ مِن عُدَدِ الاستعمار وأسلحته لحرب الإسلام، وقرآنِهِ، ولغتِهِ، لا يختلف في ذلك رأي، ولا يضيق به صدر، ولا يسمع فيه قول مجرِّح ولا منتقِد، ولا تُقبل فيه دعوى أنّه منافٍ لمبادئ الجمهوريّة، أو الإنسانيّة، أو اللاَّدينيّة، وما أحمق مَن يقيسُ الجزائر بفرنسا! …
أيُّها الأحمق، إنَّ الثَّوب مفصّلٌ على قدر لابسه، ولستَ بذاك. أنتَ مِنْ هُنَا، لا مِنْ هُنَاكَ…
رئيسُ جمعيّة العلماء بالجزائر».
[نُشِرَت في مجلّة «الفتح» للعلاَّمة المجاهد محبّ الدِّين الخطيب -رحمه الله – في عددها: (853)، السَّنة (18)، ربيع الأول 1367هـ، (ص:6)]
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااا
السلام عليكم
بارك الله فيك
الشكر للجميع على المرور
merci pour les information