طغيان الذكريات القديمة مرض يمس المسنين
الذكريات القديمة تطغى على الحديثة، حيث تسيطر على أفكار المريض في الوقت الذي تُحدثه عن الحاضر، إضافة إلى ضعف الإدراك والمعرفة وعدم الدقة في الكلام والتعبير مع الصعوبة في التعرّف على الأشياء والأشخاص··الخ·
مرض كان مجهولا تماما حتى بداية القرن الماضي، حيث بدأ الأطباء المختصون في الأمراض العقلية يتعرفون شيئا فشيئا على طابعه الذي يميّزه عن المرض الذي كانوا في السابق يشبّهونه به، والذي هو الاختلال العقلي؛ حيث تبين اختلافه الواضح عنه وتمت تسميته باسم أول طبيب عرفه وحدد أعراضه·· وبقي إلى حد ستينيات القرن الماضي يعتبر كمرض نادر وغير منتشر وغير معروف كما يجب· لكن هذا لم يدم طويلا، بحيث أصبح بعد بضع سنوات فقط يشخّص عند الكثير من المسنين الذين أصبح عددهم يزداد يوما بعد يوم، إلى حد أن فرنسا لوحدها تعُد قرابة مليون حالة من المصابين بهذا الداء حاليا· كما أصبحت حاليا تقام تشريحات على جثث الذين كانوا يعانون من الأعراض التي تنسب إلى المرض· وتم العثور على الأدلة التي تثبته، وهي تتمثل في تجمّع مادة غير طبيعية تشبه النشاء (غنية بالسكريات والبروتينات) على الأعصاب والخلايا العصبية·
إن المصابين بهذا المرض لحد الآن كلهم مسنّون وأغلبهم يفوقون الثمانين سنة· وهو نتيجة تدمير تدريجي للخلايا العصبية الذي يؤدي شيئا فشيئا إلى فقدان الوظائف العقلية مسببا بعد فترة من الزمن حالة مرضية شبيهة بالاختلال العقلي الذي يتحول فيما بعد إلى حالة خاصة من الاختلال العقلي تدعى مرض ”ألزايمر”·
أسباب هذا المرض الذي أصبح في يومنا هذا يتداوله العام والخاص وأحيانا بدراية، لأن أحد أفراد العائلة مصاب به، غير معروفة بالضبط، لكن عوامل عدة تساهم في ظهوره منها العوامل البيئية، التغذية، العادات، النشاط الخ·· وأخرى بنيوية تتعلق بالموروثات· بعض الباحثين يؤكدون فرضية تلف الأعصاب· وإن ميزة هذا المرض هي ظهور صفائح على الأعصاب مكونة من مادة غير طبيعية تشبه النشاء· أما الأعراض التي نشاهدها عند المصاب بمرض ”ألزايمر” فهي: أولها: النسيان الذي يخص الذكريات الحديثة· أي فقدان الذاكرة القصيرة المدى· بينما تبقى الذكريات القديمة حاضرة، وغالبا ما يعود إليها المريض وأنت تحدثه عن الحاضر، ثم تليها اضطرابات أخرى بصفة تدريجية تتمثل في ضعف الإدراك والمعرفة، وعدم الدقة في الكلام والتعبير الذي قد يفتقده المريض أو الحركة التي تصبح غير دقيقة وصعبة، مع صعوبة التعرّف على الأشياء والأشخاص، وعدم القدرة على الفهم ولا أخذ القرار أو التخطيط لشيء ما، الخ···
فداء ”ألزايمر” هو إذن فقدان المصاب لكفاءاته التي هي أساس الحياة·· أما على الصعيد البنيوي فنجد ضمورا عصبيا على مستوى قشرة المخ في كل من المناطق الصدغية والجدارية والجبهية، مع تكوّن صفائح من مادة تشبه النشاء على الأعصاب والتهابات الأعصاب·
العديد من البالغين الثمانين فما فوق هم عرضة لهذا المرض المعقد الذي يؤدي إلى الانهيار التام للشخصية والمعرفة والذكاء، وخاصة عند أولئك الذين عانوا من مرض أو عدة أمراض مزمنة ولم يعتنوا بعلاجهم ولا بمتابعتهم من طرف الطبيب كالسمنة، التدخين، ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، ارتفاع نسبة الدهون في الدم، الخ·· والذين يصبحون عالة على عائلتهم·
لا يوجد علاج شاف لهذا المرض في الوقت الحاضر، لكن توجد أدوية يمكنها أن تخفف من الأعراض كفقدان الذاكرة واضطرابات التعبير والتفكير التي يستجيب لها بعض المرضى جيدا· كما يحتاج المصاب بداء ألزايمر إلى تدريبات على الكلام والحركة والقيام ببعض الأشغال اليدوية والفكرية حتى لا تتطور الأعراض أكثر· وتجنب بقاء المريض لوحده مدة طويلة دون مكالمته أو تكليفه بشغل ما، إضافة إلى مساعدته على التغلب على الحزن تارة والقلق تارة أخرى أو الهيجان والانفعال اللذين يصاحبان الأعراض الأخرى· قد يساعد كثيرا هؤلاء المرضى تناول بعض الأدوية التي تحقق استقرار المرض وعدم تطوره أو تفاقمه، أو ظهور مضاعفات· قد تتم معالجة مرض ألزايمر في المستقبل بالتلقيح الذي شرعت بعض الدول في تجربته· لقد أعطى في بدايته وعودا مشجعة لكنه مازال في طور البحث والتجربة· وإن أحسن طريقة لتفادي ظهور هذا المرض بعد الثمانين أو حتى قبل هذا السن، هي العيش حياة منتظمة دون إفراط ولا تفريط سواء في الأكل أو في الأدوية أو في العمل أو الراحة، والسهر على تشخيص المرض ومتابعة العلاج باكرا وتحسين ظروف معيشته الطبيعية·
جازاكم الله إخواني تشجيعكم شرف لي وردودكم تسعدني
وتبقى دائما الحنين الى الذكريات مهما تقدمنا في السن
أين أنتم أحبتي دائما نحب تشجيعكم وردودكم الجميلة