من صور الغش
((ما من عبد يسترعيه الله رعية)) رعية واحد فأكثر ((يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) والغش له صور، قد يكون الأمر ظاهره النصح وهو في الحقيقة غش، وقد يكون ظاهره الشفقة وفي الحقيقة غش، وقد يكون غشاً ظاهراً وباطناً وهذا أشد، غش الرعية أمره عظيم ومن كبائر الذنوب، ويظهر جلياً في البيوت الآن ((الرجل راع في بيته، والمرأة راعية في بيتها وكل مسئول عن رعيته)) فيدخل الرجل إذا غش زوجته أو أولاده، وتدخل المرأة إذا غشت أولادها وبناتها دخولاً أولياً في هذا الحديث، ومن صور الغش أن يتساهل مع من استرعاه الله عليه في مزاولة المحرم، وأعظم منه تبرير هذا المحرم، أو تشريعه وتسويغه، الذي لا يوقظ ولده للصلاة هذا غاش، الذي لا يوقظ زوجته غاش، ومسئول عن رعيته، الذي يدخل المحرمات ويمكن أولاده أو زوجته من مزاولة المحرمات هذا غاش لرعيته، وسوف… يخاصمه هذا الابن أو هذه البنت أو هذه الزوجة أمام الله –، فكيف بمن يدخل وسائل الهدم والتدمير لبيته التي وقع بسببها وحصل بسببها الكوارث في البيوت؟! يعني رجل من باب الإشفاق على أولاده من باب الترفيه لهم والتوسعة عليهم يدخل القنوات الفاسدة المفسدة هذا غاش لرعيته، ولا إشكال فيه، غاش لرعيته، وكم من جريمة حصلت في البيوت بسبب هذه القنوات، يقع الولد على أخته، وقد يقع على الأب على بنته، ويقع الولد على أمه، حصل كثير بسبب هذه الوسائل المدمرة، هذا من أعظم صور الغش، يعني إن لم يدخل هذا في الغش فلا يتصور غش، يعني هل يتصور أن الغش مثلاً يأتي الأب بسلعة مثلاً فيها عيب، ويخفي هذا العيب على زوجته أو على ولده ليكسب من وراءه، يتصور هذا؟ ما يتصور، وقل مثل هذا بالنسبة للأئمة والولاة والأمراء ومن ولاهم الله أمور المسلمين العامة، لا بد من بذل النصيحة، تبذل النصيحة لكل أحد، في الحديث حديث تميم الداري: ((الدين النصيحة)) ومثل هذا يدخل في هذا الحديث ما يذكره ويتتابع على ذكره الشراح غش الراعي بالثناء الكاذب، أنت فعلت وفعلت وفعلت، وعنده مخالفات، ما ينبه على المخالفات هذه هي النصيحة، ويغش بالثناء الكاذب هذا لا شك أنه من صور الغش، وإن كان من الأدنى إلى الأعلى من المرعي إلى الراعي لكنه غش، فلا بد أن ينصح ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) بعض الطلاب يغش العالم، كيف يغشه؟ يلبس عليه بعض الأمور بحيث يجعله يقول كلاماً يؤاخذ عليه ولا حقيقة له؛ لما جعله يتحدث بذلك، وبعض الناس يغش ولي الأمر، ويحصل العكس أيضاً، فالنصيحة مطلوبة للجميع من الجميع، والغش ممنوع من الجميع للجميع، وأفتى بعض أهل العلم أن من يدخل القنوات الفاسدة المفسدة بيته غاش، فيدخل في هذا الحديث، يعني صورة من صور هذا الحديث فيجزم له بأن الله — حرم عليه النار، أما الجزم فهذا ليس بوارد إنما يخشى عليه.
((إلا حرم الله عليه الجنة)) إذا حرم الله عليه الجنة أين يذهب؟ نعم، إلى النار، لا بد أن يدخل النار إذا حرم الله عليه الجنة، وهذا وعيد شديد يجعل الشخص يعيد النظر في تعامله مع من ولاه الله أمره، فلا بد من إعادة النظر كثير من الآباء تحمله الشفقة والمودة، ودعهم ينبسطون ويستأنسون مثل الناس هذا لا يكفي، ويعرضهم للفتن سواء في داخل البيوت أو في خارجها، مثل هذا غش، فلا بد من الاحتياط للنفس، ولمن ولاه الله أمره، والله المستعان.
المصدر: شرح: المحرر – كتاب الجامع (6)
جزاك الله خيرا بارك الله فيك