والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطر الرفاهية *
للحافظ الإمام أبو الفرج عبد الرحمان إبن الجوزي -رحمه الله تعالى-
(511هـ – 597هـ)
[COLOR="rgb(160, 82, 45)"](بتصرف بسيط في وضع شرح للمُفردات والمصطلحات)[/COLOR]
تأملت مبالغة أرباب الدنيا في اتقاء الحر والبرد. فرأيتها تعكس المقصود في باب الحكمة. و إنما تحصل مجرد لذة و لا خير في لذة تُعقب ألما.
فأما في الحر فإنهم يشربون الماء المثلوج، و ذلك على غاية في الضرر، و أهل الطب يقولون: إنه يحدث أمراضاً صعبة يظهر أثرها في وقت الشيخوخة و يضعون الخيوش(1) المضاعفة. و في البرد يصنعون اللبود(2) المانعة للبرد.
و هذا من حيث الحكمة مُضاد ما وضعه الله تعالى. فإنه جعل الحر لتحلل الأخلاط(3)، و البرد لجمودها، فيجعلون هم جميع السنة ربيعاً. فتنعكس الحكمة التي وضع الحر و البرد لها، و يرجع الأذى على الأبدان.
و لا يظنن سامع هذا أني آمره بملاقاة الحر و البرد.
و إنما أقول له : لا يفرط في التوقي، بل يتعرض في الحر لما يحلل بعض الأخلاط، إلى حد لا يؤثر في القوة، و في البرد بأن يصيبك منه الأمر القريب لا المؤذي، فإن الحر و البرد لمصالح البدن.
و قد كان بعض الأمراء يصون نفسه من الحر و البرد فتغيرت حالته فمات عاجلاً، و قد ذكرت قصته في كتاب "لقط المنافع في علم الطب" (4). اهـ.
( * مقتطف من كتاب "صيد الفوائد" )
————————————–
(1) – الخيوش: جمع خيش، وهي ثياب أو نسيج تتخذ من ما يتساقط من القماش الرديئ وما شابهه والشعر.
(2) – اللبود: ج لُبد و لِبد، وهي أغطية وأفرشة تصنع من الصوف والشعر الكثيف (المُتلبد)
(3) – الأخلاط : الأخلاط ، طبعها ، أنواعها ،تعريفها – على هذا الرابط : https://www.ktaby.com/6eb/article/542.html
وانظر أيضا "نظرية الأخلاط" في الطب القديم.
(4) – مختصر كتاب "لقط المنافع في علم الطب" على هذا الرابط:
https://archive.org/download/hyok8/hyok8.pdf
ولا حول ولا قوة إلا بالله
والله الموفق
نحبكم في الله
والحمد لله
بارك الله فيك
اللهم صلي وسلم على رسول الله
بارك الله فيك
اللهم صلي وسلم على رسول اللهو آله و صحبه و من والاه