بسم الله الرحمن الرحيم
7- حياة النبي العامة والخاصة وخوارق العادات
جرت حياة الرسول عليه الصلاة والسلام -الخاصة والعامة- على قوانين الكون المعتادة.
يجوع ويشبع، ويصح ويمرض، ويتعب ويستريح، ويحزن ويسر.
يجوع ويشبع، ويصح ويمرض، ويتعب ويستريح، ويحزن ويسر.
والمطالع لسيرة محمد بن عبدالله يرى من طبيعة حياته الخاصة صلابة المعدن الذي صيغ منه بدنه صياغة أعجزت العمالقة، وأمكنت صاحبه من أن يحمل أعباء الحياة ومشاق الجهاد، وهو منتصب مقدام.
أما حياته العامة -رسولاً يبلِّغ عن الله ويربِّي المؤمنين، ويقاوم الكافرين، ويدأب على نشر دعوته حتى تؤتي ثمارها في الآفاق.
وكان عبدالله بن رواحة ينشد:
وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق مكنون من الفجرساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أنَّ ما قالواقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركينالمضاجع
كانمحمد رجل حقائق يبصر بعيدها كما يبصر قريبها، فإن أراد شيئاً هيأ له أسبابه وبذل في تهيئتها أقصى ما في طاقته من حذر وجهد، وما فكر قط ولا فكر أحد من صحابته أن السماء تسعى له حيث يقعد، أو تنشط له حيث يكسل، أو تحتاط له حيث يفرط.
ولم تكن خوارق العادات في بناء رجل عظيم أو أمة عظيمة.
قال الله لرسوله (صلَّى الله عليه وسلم): {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}.
وعندما ذهل المسلمون عن هذا الدرس في غزوة "أحد" لُطموا لطمة موجعة جندلت من أبطالهم سبعين ، فوقف زعيم الكفر يومئذ -أبو سفيان- يقول اعلُ هُبل…
وأبلى النبي عليه الصلاة والسلام بلاءً شديداً لينقذ الموقف، وقاتل وَقَتَلَ، وأصيب في نفسه.
خــوارق الــعــادات
وقد يطلعه الله على بعض الغيوب لحِكَم خاصة. كما جاء في التنزيل الإنباء بهزيمة الفرس أمام الروم بعد النصر الكبير الذي سبق لهم أن أحرزوه. وقد وردت أحاديث صحاح تحسب على ظاهرها كأن الرسول (صلَّى الله عليه وسلم) يعرف ما يكون مثل ما ورد عن عدي بن حاتم قال: بينما أنا عند رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل: فقال: "يا عدي هل رأيت الحيرة؟" قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. فقال: "إن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله". قلت في نفسي: فأين دعّار طيء الذين سعروا في البلاد؟؟ "ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى" قلت: كسرى بن هرمز؟؟ قال: "كسرى بن هرمز!!".
قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله. وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز.
والحق أن هذه الأحاديث وأشباهها لم تكن إخباراً بغيب، إنما كانت تصديقاً لوعد الله بأن المستقبل للإسلام، وبأن هذا الدين سيسود المشارق والمغارب، فكانت تفسيراً من رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) لقول الله في كتابه:
قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله. وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز.
والحق أن هذه الأحاديث وأشباهها لم تكن إخباراً بغيب، إنما كانت تصديقاً لوعد الله بأن المستقبل للإسلام، وبأن هذا الدين سيسود المشارق والمغارب، فكانت تفسيراً من رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) لقول الله في كتابه:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}.
وقريب من ذلك الأحاديث المنبئة عن الفتن.
وكان محمد عليه الصلاة والسلام خبيراً بالنفوس ومعادنها، والدنيا وأطوارها، والزمان وتقلبه، لذلك كثر كلام الرسول عن الفتن، وليس القصد الإخبار عنها، بل التحذير منها. تحدَّث عن الفتن التي تلحق الأشخاص وعن الفتن التي تصيب القلوب من إقبال الدنيا والتحاسد عليها.. وأخطر هذه الفتن ما يصيب تعاليم الإسلام نفسها من ذبول واضمحلال:
فالصلاة تفقد روحها، وهو الخشوع، والجهاد يفقد روحه، وهو الإخلاص، ثم يتحول انتهاباً للغنائم واستعباداً للأحرار.
والصيام ينتهي من صبر على الحرمان وتأديب الغرائز المتطلعة إلى استعداد للولائم ومضاعفة للنفقة…
وحتى محبة المسلمين لرسولهم تتحول بعد موته إلى سوق حول قبره تضج بالصياح المنكر والهمهمة الحائرة.
ألم يكن الرسول (صلَّى الله عليه وسلم) يعني تلك الحال عندما قال: اللهم لا تجعل قبري بعدي وثناً يعبد؟….
يا خيــــر من دفنت في الترب أعظــــمه فطاب من طيبهن القـاع والأكم
وصلى الله على سيدنا محمد يا خير خلق الله…
يا واهب الإنسان أسباب الهـــــــــــدى يــــــــــــــا من بحمد العالمين تفردا
لي عند بابك دعوة فيها رجـــــــــــــــا أحشر أحبتى تحت عرشك سجـــــــــدا
ثم إسقهم بيد الحبيب محمـــــــــــــــــدا شــــــربة ماء لا ظمأ بعدها أبـــــــــــدا
يا واهب الإنسان أسباب الهـــــــــــدى *** يــــــــــــــا من بحمد العالمين تفردا
لي عند بابك دعوة فيها رجـــــــــــــــا*** أحشر أحبتى تحت عرشك سجـــــــــدا
ثم إسقهم بيد الحبيب محمـــــــــــــــــدا *** شــــــربة ماء لا ظمأ بعدها أبـــــــــــدا