الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، النبي الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
أما بعد:
فتنتشر المنكرات في بلاد المسلمين بشتى صورها وأشكالها وألوانها، وتعم الفتن والمغريات، حتى غدا المسلم الذي يتخذ الإسلام منهجا وحياة غريبا بين أهله وقوه، في وقت ادعى فيه الإسلام الكثير، من أصحاب الصلاة والعبادة عادة وطقوس.
ولكن مهما تحدث الناس عن منكرات في هذا العصر، فليس هناك أبشع من سب الذات الإلهية أو سب الدين. وهذا مما ينتشر في مجتمعنا والعياذ بالله.
وليعلم الناس جميعا أن من سب الذات الإلهية أو سب دين المسلمين فهو كافر مرتد تلحقه الأحكام التي ستأتي لاحقا بعد الأدلة.
الأدلة على كفر من سب الذات الإلهية أو الدين:
1- القرآن : قوله تعالى : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم …) سورة التوبة
2- السنة :أخرج أبو داود وحسنه الألباني عن ابن عباس رضي الله عنه أن أعمى كانت له أمُّ ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه , فينهاها فلا تنتهي ، ويزجرها فلا تنزجر , فلما كان ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه ، فأخذ المعول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال : ( أنشد رجلاً فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام ) قال : فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتدلدل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أنا صاحبها , كانت تشتمك ، وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي ، وأزجرها فلا تنزجر , ولي فيها ابنان مثل اللؤلؤتين ، وكانت بي رفيقة فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليه حتى قتلتها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا اشهدوا أن دمها هدر ) . المعول : سيف رقيق له قفا .
3- الإجماع : قال الإمام اسحق بن راهوية أحد الأئمة الأعلام : ” أجمع المسلمون على أن من سب الله ، أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو دفع شيئاً مما أنزل الله عز وجل ، أو قتل نبياً من أنبياء الله عز وجل أنه كافر بذلك وان كان مقراً بكل ما أنزل الله “.
ماذا يترتب على من سب الله تعالى أو سب دين المسلمين:
1- حبوط العمل : أي بطلان ثواب الأعمال بحيث يجعل الأعمال السابقة هباءً منثوراً ( مِن صلاة ، وصوم ، وحج ، وصدقة …)
الدليل قوله تعالى : { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } . [ البقرة :217 ] .
2- خروجه من الإسلام ويصبح في حكم المرتدين، وإن مات على ردته وإصراره على فعله فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
3- بطلان النكاح والزواج ووقوع الفرقة بين الزوجين سواء كان الساب كلا الزوجين أو أحدهما .
وأما إن أهمل الأمر ولم يتب فإن المعاشرة بينه وبين زوجته زنا.
4- ذبيحة المرتد الساب أو الشاتم لا تحل، لأنه كافر.
5- يفقد الولاية على أولاده وبناته، فلا يصح أن يكون وليا لبناته في عقد النكاح لأنه لا ولاية لمرتد على أولاده.
عذر غير مقبول أبدا: قد يتعذر البعض أنه كان في حالة غضب
وهذا عذر باطل، لماذا لم يتذكر في حالة غضبه إلا المسبة على ربه ودينه؟
لماذا لم يتذكر أن يسب نفسه وأباه وأمه وزوجته وأولاده؟
لماذا لم يتذكر أن يسب الحجر والشجر والأرض؟
كل هذا يدل على أن ربه ليس له في قلبه ميزان، وليس لدينه في قلبه اعتبار.
فاتقوا الله….. اتقوا الله…. اتقوا الله….. اتقوا الله….. اتقوا الله….. اتقوا الله…..
نصيحة: حاول جاهدا أن تقنع واحدا ممن يفعل هذه المعصية ان يقلع عنها، وقد يكتب الله لك بذلك الجنة والأجر العظيم، لأن أحب ما يحب الله سبحانه أن يوحد حق التوحيد، وأن يذكروه العباد بصفات الثناء عليه جل في علاه وعظم في عالي سماه.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..اما بعد..يقول ابن تيمية: " إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلاً أو كان ذاهلاً عن إعتقاده ".
وقال ابن راهويه: " قد أجمع المسلمون أن من سب الله أو سب رسول الله – صل الله عليه وسلم – أنه.. كافر بذلك وإن كان مقراً بما أنزل الله ".
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً "57" وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ [الأحزاب:58،57] فرق الله – عز وجل – في الآية بين أذى الله ورسوله وبين أذى المؤمنين و المؤمنات فجعل على هذا أنه قد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً وجعل على ذلك اللعنة في الدنيا والآخرة وأعد له العذاب المهين ومعلوم أن أذى المؤمنين قد يكون من كبائر الإثم وفيه الجلد وليس فوق ذلك إلا الكفر والقتل.
قال القاضي عياض: " لا خلاف أن ساب الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم ".
وقال أحمد في رواية عبد الله في رجل قال لرجل: " يا ابن كذا و كذا – أعني أنت ومن خلقك: هذا مرتد عن الإسلام تضرب عنقه ".
وقال ابن قدامة: " من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحاً أو جاداً "………….. سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله السؤال التالي:
ما حكم سب الدين أو الرب؟ – أستغفر الله رب العالمين – هل من سب الدين يعتبر كافراً أو مرتداً وما هي العقوبة المقررة عليه في الدين الإسلامي الحنيف؟ حتى نكون على بينة من أمر شرائع الدين وهذه الظاهرة منتشرة بين بعض الناس في بلادنا أفيدونا أفادكم الله.
فأجاب – رحمه الله -:
سب الدين من أعظم الكبائر ومن أعظم المنكرات وهكذا سب الرب – عز وجل -، وهذان الأمران من أعظم نواقض الإسلام، ومن أسباب الردة عن الإسلام، فإذا كان من سب الرب – سبحانه وتعالى – أو سب الدين ينتسب إلى الإسلام فإنه يكون بذلك مرتداً عن الإسلام ويكون كافراً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي أمر البلد بواسطة المحكمة الشرعية، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يستتاب بل يقتل، لأن جريمته عظيمة، ولكن الأرجح أنه يستتاب لعل الله يمن عليه بالهداية فيلزم الحق، ولكن ينبغي أن يعزر بالجلد والسجن حتى لا يعود لمثل هذه الجريمة العظيمة، وهكذا لو سب القرآن أو سب الرسول – صل الله عليه وسلم – أو غيره من الأنبياء فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فإن سب الدين أو سب الرسول – صلى الله عليه وسلم – أو سب الرب – عز وجل – من نواقض الإسلام، وهكذا الإستهزاء بالله أو برسوله أو بالجنة أو بالنار أو بأوامر الله كالصلاة والزكاة، فالإستهزاء بشيء من هذه الأمور من نواقض الإسلام، قال الله – سبحانه وتعالى -: ﴿ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ "65" لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة:66،65] نسأل الله العافية.