الحمد لله
أولاً:
لا يخفى على عاقل الحال التي وصل إليها الناس في زماننا هذا – ومعهم المسلمون – من الإدمان لكرة القدم ، والتعلق بلاعبيها ، والتعظيم لنواديها ، فانتشار صور اللاعبين في كل مكان ، والتسمي بأسمائهم ، ولبس ملابس عليها أرقامهم ، وتقليدهم في حركاتهم ، ولعبهم ، وتصرفاتهم ، كل ذلك – وغيره كثير – من علامات ذلك الإدمان ، والتعلق ، والتعظيم ، لتلك اللعبة ، ولاعبيها .
وقد أشبع القول في حكم هذه اللعبة الشيخ ذياب الغامدي حفظه الله في كتابه " حقيقة كرة القدم " وذكر واحداً وأربعين محظوراً من محظورات تلك اللعبة ، بتفصيل وافٍ ، وتتبع كافٍ ، فلينظره من أراد الوقوف على حقيقة تلك اللعبة ، ومفاسدها .
ثانياً:
ما جاء في السؤال هو جزء من الحقيقة التي ذكرناها أولاً ، وهي تدل دلالة واضحة على تعلق المسلمين – تبعاً للهمج الرعاع من غيرهم – بتلك اللعبة ، وتدل على تعظيمهم لأولئك اللاعبين ، ونواديهم ، ويغضون النظر عن كونهم فسقة يظهرون عوراتهم للناس ، وعما ينشر عن حياتهم من أحوال الفسق والمجون ، بل لا يبالون بكونهم كفاراً ! .
ثالثاً:
لا يجوز لمسلم أن يلبس قمصاناً فيها نوع تعظيم لأولئك الكفار ، أو نواديهم ، فلا يضع عليها اسم اللاعب ، ولا ناديه ، ولا رقمه ، كما لا ينبغي أن يضع على قميصه صورة أولئك اللاعبين ، أو أحدهم .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم لبس الملابس الرياضية التي تحمل شعارات خاصة بالكفار ، مثل " الفنايل " الرياضية التي عليها شعارات إيطاليا ، أو ألمانيا ، أو أمريكا ، أو التي مكتوب عليها أسماء بعض اللاعبين الكفار ؟ .
فأجابوا : الملابس التي تحمل شعارات الكفار فيها تفصيل كما يلي :
1. إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى ديانات الكفار كالصليب ، ونحوه : ففي هذه الحالة لا يجوز استيراد هذه الملابس ، ولا بيعها ، ولا لبسها .
2. إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى تعظيم أحدٍ من الكفار ، بوضع صورته ، أو كتابة اسمه ، ونحو ذلك : فهي أيضاً حرام ، كما سبق .
3. إذا كانت هذه الشعارات لا ترمز إلى عبادة ، ولا تعظيم شخص ، وإنما هي علامات تجارية مباحة ، وهي ما يسمى بـ " الماركات " : فلا بأس بها .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 24 / 24 ، 25 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
طُرحت في الآونة الأخيرة بعض البضائع عليها صور اللاعبين ، فما حكم ذلك ؟ وإذا كانت هذه الصور عبارة عن ملصق ، وقام المشتري بإزالته وجد تحتها جائزة ، فما الحكم ؟ .
فأجاب :
أرى أن هذه البضاعة التي عليها صور اللاعبين : تُهجر ، وتقاطع ؛ لأننا نسأل : ما فائدة الإسلام والمسلمين من بروز هذا اللاعب وظهوره على غيره ؟ أعتقد أن كل إنسان سيكون جوابه بالنفي : لا فائدة من ذلك ، فكيف نعلن عن أسماء هؤلاء ، وننشر صورهم ، وما أشبه ذلك ؟! وكان الذي ينبغي أن يعدل عن هذا إلى مناصحة اللاعبين بالتزام الآداب الإسلامية : من ستر العورة ، والمحافظة على الصلاة في الجماعة ، وعدم التنافر فيما بينهم ، وعدم التشاتم ، وألا يستولي عليهم تعظيم الكافر إذا نجح في هذه اللعبة على غيره ، هذا الذي ينفع .
فأرى أن تهجر هذه البضاعة ، وتقاطع ، ثم إن الغالب أن هذه الشركة لم تضع الجوائز إلا لأنها تعرف أنها ستربح أضعافاً مضاعفة بالنسبة لما وضعت .
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل البصيرة في دين الله عز وجل ، وأن يحمي بلادنا ، وشبابنا ، وديننا من كل مكروه وسوء ، إنه على كل شيء قدير .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 12 / جواب السؤال رقم 258 ) ، و " لقاء الباب المفتوح " ( 57 / السؤال رقم 33 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 115038 ) في بيان حكم بيع وشراء المنتجات وعليها رسوم الصلبان .
رابعاً:
مع تحريم لبس تلك القمصان التي تحمل أسماء أولئك اللاعبين ، أو أسماء نواديهم ، أو صورهم : فإن الصلاة لا تبطل إذا كان المصلي لابساً لها أثناء صلاته ، فهي صحيحة مع الإثم .
وانظر فتاوى أهل العلم في هذا في جواب السؤال رقم : ( 83154 ) .
خامساً:
بيع وشراء هذه الملابس مما عمَّت به البلوى ، لكن لا يستفاد من ذلك الترخيص ببيعها وشرائها ، بل بالتشدد في منع ذلك ؛ لما للقول بإباحة ذلك من مفاسد على دين وخلُق الناس ، وهو مما جاءت الشريعة للمحافظة عليه ، لا التفريط فيه ، وقد أُمرنا ببغض الكفر وأهله ، ولا يلتقي الإيمان بالله مع مودة الكفار في قلب مسلم ، فكيف إذا كان الأمر أعظم من الود ، كالحب ، والتعظيم ؟! قال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/ 22 .
ومع هذا التعظيم المحرَّم في قلوب المسلمين لأولئك الكفار ، وأنديتهم : فقد نهبت شركاتهم أموال المسلمين بصنع تلك الملابس وعليها صور اللاعبين ، أو أسماءهم ، أو شعارات أنديتهم ، ولا فرق في الحكم بين تجار الجملة ، والمجزَّأ ، وكل ذلك مما لا يجوز التهاون فيه .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
ما تقولون فيما يفعله بعض الشباب من أبناء المسلمين اليوم في الألبسة التي يرتدونها للرياضة ، وهي تحمل شعارات لدول كافرة ، أو لبعض اللاعبين من الكفار ، أو فيها شعارات تعصب لبعض الفرق الرياضية الكافرة إعجاباً بهم ؟ هل هذا من موالاة الكفار، أفتونا وفقكم الله ؟ .
فأجاب :
قد يكون هذا ليس من موالاة الكفار ظاهراً ، لكن من فعله : فإن في قلبه من تعظيم الكفار ما ينافي الإيمان ، أو كمال الإيمان ، والواجب علينا نحن المسلمين أن نقاطع مثل هذه الألبسة وألا نشتريها ؛ وفيما أحل الله لنا من الألبسة شيء كثير ؛ لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة : صار فيها عزٌّ للكفار ، حيث أصبحنا نفتخر أن تكون صورهم ، أو أسماؤهم ، ملبوساً لنا ، هم يفتخرون بهذا ، ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم .
ثانياً : هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة ، مصانعهم حامية ، وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم ، وهذا خطأ .
الآن لو أنك ذهبت إلى بعض البيوت : لوجدت المرأة عندها أكثر من عشرين ثوباً كلما ظهرت موضة اشترتها ، وكذلك بالنسبة للاعبين ، والذي أشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائيّاً ، وأن يكتفوا بالألبسة التي تفصَّل هنا على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم . " اللقاء الشهري " ( 2 / السؤال رقم 11 ) .
والخلاصة :
لا يجوز بيع وشراء قمصان الرياضة التي يوجد عليها صور اللاعبين ، وأسماءهم ، ولا أسماء الأندية ، وشعارها ، ولا فرق في ذلك الحكم بين أن يبيعها المسلم جملة ، أو مجزَّأة.
والله أعلم