تخطى إلى المحتوى

تنشيط القراءة عند الأطفال 2024.

تنشيط القراءة عند الأطفال

مع بداية نزول الوحي على سيد عظماء الرسالة السماوية محمد صلى الله عليه وسلم قال جبريل عليه السلام لمحمد الذي كان في غار حِراء يتأمل هذا الكون الكبير وسكون الصمت يشقه صوت يقول له : اقرأ!
واقرأ فعل أمر جاءت على وزن افعل ، والفعل هنا حركي لساني يرتبط بالذاكرة وبتفعيل آلية حركة المخ .
فالقراءة تعني تعلم اللفظ الصحيح للكلمة لمعرفة معناها ، والقراءة قسمان : الأول لفظي والثاني معرفي، ولولا القراءة ما عرف الإنسان تاريخ البشرية، ولا قدر له أن يعلم ويتعلم ويعلم * علم الإنسان ما لم يعلم*. وحتى نستطيع أن نفهم القراءة بمفهومها الدينامي علينا أن نكون واعين لمفهوم التربية من حيث واقع المجتمع بنظمه وثقافته وأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبمشكلاته واحتياجاته واتجاهاته وآماله ، لأن تدريس أية مادة من مواد الدراسة في النظام التربوي لا يمكنها أن تقوم بمعزل عن الواقع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المجتمع الذي تقوم فيه.

وفي هذا نحن نعتمد على اللغة العربية لغة القرآن الكريم في تعريف معنى القراءة اللفظية والمعنوية ، لتكوين الأساس المعرفي عند الأطفال اللازم لبناء مهاراتهم وميولهم واتجاهاتهم اللغوية السليمة وذلك عن طريق تعريفهم بالأسس السليمة للكتابة العربية والخط العربي وبالقواعد الأساسية للإملاء العربي ، وبالأسس الصحيحة للقراءة الجيدة والمثمرة بأنواعها المختلفة ، وذلك من خلال تنمية مختلف المهارات والقدرات اللغوية التي يحتاجها الفرد المسلم المثقف لإتقان لغته العربية قراءة وكتابة ومحادثة ونطقاً وأداء وفهماً وتذوقاً لنصوصها ، ومن الأهداف الخاصة أو الجزئية التي تدخل تحت هذا الهدف العام تنمية المهارات والقدرات اللغوية وذلك حسب توافر الشروط التالية:
1- القدرة على الكتابة العربية بخط عربي جميل ووفق قواعد إملائية صحيحة.
2- القدرة على قراءة وفهم وتحصيل ما كتب باللغة العربية الفصحى وعلى قراءة وتلاوة القرآن الكريم تحديداً لما له من أهمية كبيرة في منطوق اللغة.
3- القدرة على نطق الكلمات بالعربية نطقاً سليماً وعلى إخراج الحروف من مخارجها الأصلية وعلى الأداء اللغوي الذي يمكن السامع له أن يفهم كلامه.
4- التعبير والإفصاح عما في نفسه وعن مشاهداته بلغة عربية واضحة.
5- استخدام اللغة العربية في مواقف الحياة المختلفة للتعبير عن الموقف .
6- تجنب الأخطاء النحوية والصرفية وتمييزها في الكلام والكتابة.

وفي هذا لا بد لنا من الإشارة إلى كيفية تعلم الطفل للقراءة :
الخطوة الأولى :
ربط المدرك الحسي باسم الشيء الذي يراد من الطفل ، فحين نطلب من الطفل التمييز بين الألوان المختلفة كاللون الأحمر والأزرق ، فإن اللون المراد إدراكه وتمييزه يقرن بشيء محسوس يتوافر فيه هذا اللون، كأن يعرض على الطفل قطعة من الطباشير كل واحدة بلون مخالف .
الخطوة الثانية:
معرفة الشيء إذا ما ذكر اسمه
الخطوة الثالثة:
استرجاع الاسم الخاص بالشيء الذي سبق للطفل أن عرف باسمه ،كأن يسأل المعلم: ما هذا ؟ فيجيب الطفل: هذا أحمر أو أزرق.

في هذا نكون قد تدرجنا في تعليم الطفل من المحسوس إلى المنطوق , ونعني بالمنطوق اللفظ السليم ، وفي هذا لابد من الإشارة إلى طريقة السماع أو الاستماع وطريقة عرض القراءة في الإملاء والحفظ أو الاستظهار وهنا لابد من الإشارة إلى بعض المرتكزات التي ينبغي أن تقوم عليها طرق تدريس مادة اللغة العربية التي أساسها علم القراءة:

1- جذب انتباه المتعلم وإثارة رغبته في التعلم وتحريك دافعيته ، لأن تحريك هذه الدافعية من شأنه أن يجعل المتعلم أكثر إقبالاً على التعلم وأكثر نشاطاً ومقاومة للتعب أو الملل.
2- ضرورة وجود الرغبة الذاتية في كسب المعرفة من المتعلم .
3- مراعاة مستوى النضج العقلي والفكري ودرجة استعداده للتعلم.
4- ضرورة حرص المعلم على مساعدة تلاميذه على الفهم وإدراك العلاقات والروابط المتضمنة في الخبرة التعليمية .
5- تبسيط كتب القراءة واتباع أحدث الطرق والأساليب المتبعة في تدريسها .
6- الاقتصار على الضروري والمفيد من قواعد النحو والبلاغة التي يحتاجها الطالب .

ومن الجوانب الهامة التي تعنى بموضوع القراءة الجانب الصوتي، حيث إن رموز الأبجدية العربية بنفسها لا تكفي لدراسة صوتية ، بل هي قاصرة ، ويكفي أن نعلم أن الفتحة القصيرة ذات ثلاثة أصوات : أحدها مفخم ، وثانيها أقل تفخيماً وثالثها مرقق .

وإذا أردنا البحث في طرق تنشيط القراءة عند الأطفال فهناك مناشط صفية ومناشط لا صفية ، وتتجلى المناشط الصفية في دور المعلم على إنتاج الطفل من حيث استجابته الطوعية لا القسرية ، لأن كل ما هو قسري يبوء بالفشل ، وكل ما هو اختياري فيه حافز الترغيب والتشجيع يعطي قطوفه اليانعة المبشرة بالخير والعطاء ، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تعزيز دور المكتبة في المدرسة وترك الطفل يختار بنفسه ، ولا يجب أن يقتصر دور المكتبة على إعارة الكتب بل لا بد من إيجاد صيغة معينة يكون لها دورها القيمي إضافة إلى المعرفي حين نلجأ إلى لغة الحوار في مناقشة النص كأن يطلب المعلم تلخيص فكرة القصة ومدى فهمه لمضمونها ، وهل كان العنوان مناسباً ، وهل بإمكان القارئ الطفل وضع عنوان جديد يكون بديلاً أو مشاركاً الكاتب في رؤيته الفكرية لنجسد في نفس الطفل قواعد النقد الذاتي وبالتالي نكشف عن كوامنه الإبداعية من خلال تصوراته الجديدة.

ولكن هل تكفي المكتبة لتنشيط حوافز الطفل الإبداعية وهناك المواضيع التعبيرية والمجلات الحائطية وآفاق الطفل الإبداعية حسب تصورات مخيلته إضافة إلى أسئلته المحرجة في الكثير من الأحيان والتي يعجز في الرد عليها كثير من المربين وهذه ناحية جد مهمة وهذا سببه عدم وعي المعلم على الصعيد الثقافي بأسئلة الطفل !!

إن في اهتمام المعلم بخط الطفل أولاً اهتمام بقراءته الصحيحة ولفظه السليم لموقع الحرف من الكلمة ، فمثلاً حين يكتب التلميذ كلمة : ذهبْ ، عليه أن يميز بينها وبين الفعل : زحلق ، وما أكثر من تخرج من تلاميذنا من مرحلة التعليم الأساسي ( سابقاً كانت شهادة المرحلة الإعدادية ) وهم لا يميزون في لفظهم بين حرفي ، ز،ذ، أثناء اللفظ.

إن في غياب مسرح الطفل المدرسي غياب عن الحضارة موضوع دراستنا ، لأن المسرح بحد ذاته هو كتاب للقراءة الحركية المرتبطة مع الكلمة الصوتية ، وعلى المسرح يستطيع الطفل أن يبرز طاقاته من حيث قوة الشخصية ولفظ الكلمة مع مخارجها وضوابطها النحوية بصوت جهوري يعزز من قيمة فن النطق وفن الكلمة وفن الحركة ، وإذا تضافرت هذه العوامل مع بعضها البعض شكلت شخصية قادرة على إثبات وجودها داخل الصف وخارجه ، ومن المؤسف أن مدارسنا تفتقر إلى وجود مسرح ومدربي لهذا الفن الرفيع.

أما المناشط اللاصفية والتي تعتمد على الزيارات فإنها لا تخلو من دروس التعلم اللفظي والفكري ، فمثلاً بعد زيارة التلاميذ لمعمل الألبان يحبذ أن يطلب المعلم من تلاميذه وصف هذه الزيارة وما جنته من فائدة ، أو ما هي السلبيات التي شاهدها التلميذ وكيف يمكن القضاء عليها في إيجاد البديل الإيجابي، معتمداً على لغة الحوار السهلة البسيطة ، ومبتعداً عن الزجر أو العصبية ، لأن كل ماهو قريب من الطفل يظل راسخاً ، وكل ماهو جاف ومعقد يكون عبئاً ثقيلاً على قدراته وطاقاته الفكرية.

وهناك فرق بين التلميذ المتفوق والتلميذ المتوسط دراسياً أو الضعيف جداً لهذا لابد من مراعاة الفروق الفردية عند طفل وآخر، وفي هذا يلعب المعلم دوراً هاماً وبارزاً في حياة الطفل من حيث لباقته ولطافته وكياسته وإحاطته لتلاميذه بالرعاية والحنان، لأن التلميذ يتأثر بمعلمه ويحفظ حتى مرحلة متأخرة من عمره كل سلبياته أو إيجابياته.

إن المعلم هو القائد التعليمي الأول في حياة التلميذ فبقدر وعيه واحترامه لمهنته وفهمه لكوامن الطفل يكون تحصيل تلاميذه، فهو الموجه التربوي والمساعد الثقافي والمرشد النفسي والحكيم العادل وهو مصدر المعرفة الموثوق به من قبل تلاميذه .

إن الإيمان بدور المعلم هو أهم عامل في العملية التربوية فالمعلم الجيد يترك أثراً طيباً في قلوب تلاميذه وعن طريقه يتعلم التلاميذ كيف يفكرون وكيف يستفيدون مما تعلموه في سلوكهم ومهما تطورت الحياة وتطور التعليم ودخلت الحواسيب وأشرطة الشاشة المرئية إلى مدارسنا فإنه لا غنى عن المعلم القائد التربوي الأول.

الأطفال تستحق الرعاية والعناية والصبر

الجيريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.