والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصنف: فتاوى المعاملات المالية – البيوع
في حكم التجارة بالملابس المحرَّمة والأكل من مالها
السؤال:
لي قريبٌ في العائلة مصدرُ ماله وعيشه وقُوته مع أولاده وأسرته هو بيعُ: لباس التبرُّج للنساء الذي يدعو إلى الرذيلة والوقوعِ في الفاحشة -عياذًا بالله-، فغالبُ ما يستورده مِن بلاد الكفر هو ما ترَوْن النساءَ الآن في الشارع يلبَسْنَه من الضيِّق والمكشوف -واللهُ المستعان-. أضِفْ إلى ذلك أنه يعطي رشوةً للجمارك مقابل تمكُّنه من إمرار كمِّيةٍ كبيرةٍ من هذا اللباس، وقد عادت عليه هذه التجارة المحرَّمة بالربح الكبير والأموال العظيمة.
فما هو حكم هذه الأموال التي مصدرها هذه التجارة ؟ وما حكم إجابة دعوته للطعام والشراب في بيته ؟
تكملة: إضافةً إلى هذا كلِّه فهو يقوم باستيراد الذهب من بلاد الكفر ويبيعه للناس بالتقسيط.
فنرجو منكم الإجابةَ عن هذا كلِّه، جزاكم الله خيرَ الجزاء.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فمن المعلوم أنَّ الاتِّجار في المحرَّمات محرَّمٌ شرعًا
و«كُلُّ مَا حُرِّمَ لِذَاتِهِ حُرِّمَ عَلَى المُسْلِمِ المُتَاجَرَةُ بِهِ وَبَيْعُهُ»
وقد «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَمَهْرِ البَغِيِّ وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ»(١)
والحديث دلَّ على تحريم ما تأخذه الزانية مقابلَ زناها وهو مالٌ حرامٌ يحرم أخذُه لحرمة وسيلة كسبه، ويُلحق به المال المتحصَّل
عليه من الغناء والرقص والمجون والمتاجرةِ بالأعراض والأجساد، ويُلحق بذلك التجارةُ في السلع التي تدعو إلى الفاحشة وإثارة
الشهوات وهي تنافي الشرعَ والأخلاق، فإنَّ طريق هذا الكسب محرَّمٌ والتعاونَ عليه فيه إثمٌ وخطيئةٌ
لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: ٢]
ولقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾
[النور: ١٩]
والمال المأخوذ من هذه الأعمال محرَّمٌ لشبهه بما يُؤخذ من مهر البغيِّ الذي يدخل في حكم النهي الذي تضمَّنه الحديث
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «والمال المأخوذ على هذا [أي: تعطيل الحدِّ بمالٍ يُؤخذ] يشبه ما يُؤخذ مِن مهر البغيِّ وحلوان
الكاهن وثمن الكلب وأجرة المتوسِّط في الحرام الذي يسمَّى القَوَّادَ… ليجمع بين اثنين على فاحشةٍ، وكان حاله شبيهًا بحال
عجوز السوء امرأة لوطٍ، التي كانت تدلُّ الفجَّارَ على ضيفه، التي قال الله تعالى فيها: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾
[الأعراف: ٨٣]
وقال تعالى: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ﴾ [هود: ٨١]
فعذَّب الله عجوزَ السوء القَوَّادةَ بمثل ما عذَّب قومَ السوء الذين كانوا يعملون الخبائث، وهذا لأنَّ هذا جميعَه أخذُ مالٍ للإعانة
على الإثم والعدوان»(٢).
هذا، وقد اتَّفق العلماء على أنَّ المال المكتسَب بطريقٍ محظورٍ شرعًا يحرم على المسلم تملُّكُه، ولا تجوز معاملته فيما عنده من
مالٍ محصَّلٍ عليه بهذا الطريق، ويحرم إجابة دعوته إلى الطعام، وكذلك يحرم قبول هديَّته، لأنَّ العوض المدفوعَ ثمنًا لهذا
الطعام ولهذه الهديَّة مالٌ خبيثٌ جاء عن طريقِ كسبٍ محرَّمٍ.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه
إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
(١) أخرجه البخاري في «الطبِّ» (٥٧٦١)، ومسلم في «المساقاة» (١٥٦٧)، من حديث أبي مسعودٍ البدريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «إرواء الغليل» (١٢٩١).
(٢) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٣٠٥-٣٠٦).
من الموقع الرسمي
للشيخ ابي عبد المعز محمد علي ركوس
حفظه الله
بورك فيك على هذه الالتفاتة الضروريّة والمهمة ،، وقد صرنا في زمن انتشرت فيه التجارة بشكل رهيب ضمانا للربح السريع ولو على حساب الأخلاق ونشر الفتنة والعياذ بالله ،، ولا ننسى فيهم من يستعين بالمجسمات التي يلبسونها ملابس مكشوفة ويتفنون في ذلك ،،
اللهم نسألك الستر لنا جميعا ،، والهداية ،، آمين ~
بوركت اخي الكريم
نحتاج لمبادرات للتوعية بين التجار والناس فقد يهتدي أحدهم ويكون قدوة لغيره
لان تعاونهم على الباطل والكل يتملص من مسؤوليته أوصلنا الى مانراه اليوم
الله يهدينا الى ما يحب ويرضى
فائدة كبيرة…جزاكم الله خيرا ..