اساتذتي الكرام اريد توضيحا حول هذا السؤال هل استجابة الفرد لمصلحته يعد انحرافا عن الاخلاق نضع كموقف اول العقل ثم الموقف الثاني المننفعة ولكن لم افهم ماذا نتناول في التركيب اريد توضيحا
اختي عفاف…..
المرحلة الاخيرة في كتابة المقال الفلسفي ليس شرطا ان نركب بين موقفين…فقد يميل التلميذ الى موقف واحد يراه صحيحا ببيان مبرراته…او يتجه الى مرحلة فتح الآفاق (L’élargissement) ويكون ذلك بإعطاء أبعاد جديدة للموضوع المعالج عن طريق ربطه بفكرة أكثر عموما وشمولية وبمشكل آخر، وهو ما يؤدي إلى تحويل مجال البحث وتوسيع آفاقه.
إن هذه المرحلة لا تكون دائما ضرورية إلا إذا شعرنا بقيمتها المنهجية في المقال. وإذا اقتضت طبيعة المشكل المطروح ذلك.
اعتقد…واقول اعتقد اختي عفاف….ان هذه النماذج الثلاث تصلح بان ننهي بها مقالتك…وتذكري دوما بان في الفلسفة ..الصحة ليس لها نموذجا واحدا…وانما تتعدد صورها…و ما يهمنا نحن نسق التفكير و سلامة المحاكمة و الاستدلال
———————1—–
لماذا علينا أن نختار بين أخلاق الواجب وأخلاق اللذة و المنفعة؟ لماذا لا يمكن التفكير فيهما معا؟
يمكن الإنطلاق من إمكانية المصالحة بين الواجب والسعادة، بين الحرية وبالتالي الفردانية الحقة والخضوع للجبر الأخلاقي من جهة كونه طريق الكونية والانسانية.
لعلّ تفكير سبينوزا في الفرح وعلاقته بالمعرفة يمكننا من الجمع بين الواجب والسعادة . فالمعرفة هي مجال الحرية الحقة بالنسبة إلى سبينوزا، والفعل الحسن عند سبينوزا هو البحث عما يسميه بالنافع الخاص، ولا يتعلق الأمر بالخيرات التي تؤدي إلى الاغتراب مثل اللذة والشرف والثراء، بل على العكس من ذلك النافع الخاص يزيد من قوة فعل الفرد وقوة فعل المجموعة، والعقل هو الذي يحدّد هذا النافع الخاص، إذ المعرفة هي التي تمكن الفرد من أن يحقق ذاته بحسب رغبته، فالإنسان الحر حسب سبينوزا هو من يرغب في الخير.
——————-2—–
يطرح المشكل الأخلاقي في المقام الأول إشكالية المعيار والأساس وكما قال "جون ديوي"
لا تظهر المشكلة الأخلاقية إلا حين تعارض الغايات ويحتار المرء أيّها يختار… ومن هذا المنطلق نرى أن المذهب العقلي أخذ صورة مثالية متطرفة
من خلال الاكتفاء بالعقل وحده وإهمال عنصر الدين وهنا تظهر مقولة "فيخته"..الأخلاق من غير دين عبث
وبيان ذلك أن جوهر الأخلاق هو الإلزام وحسن الخلق. وهذا ما أشار إليه "أبو حامد الغزالي" في كتابه إحياء علوم الدين..حسن الخلق يرجع إلى اعتدال قوة العقل وكمال الحكمة وإلى اعتدال قوة الغضب والشهوة وكونها للعقل والشرع مطيعة.
فالأخلاق الحقيقية تُؤسس على الفطرة و الطبيعة الانسانية السليمة وتفاعل العقل مع النصوص الدينية والمُتغيّرات الاجتماعية وكما قيل ..للشرع التنوير وللعقل الاجتهاد.
وفي الأخير الأخلاق بحث فلسفي قديم تبحث في ما يجب أن يكون عليه سلوك الإنسان وهي قسم من "فلسفة القيم" طرح الكثير من الإشكالات أهمها مصدر
الإلزام الخلقي حيث تضاربت آراء الفلاسفة وتعددت تبعاً لأبعاد شخصية الإنسان وكل مذهب نظر إلى مصدر القيم نظرة أحادية هذا الذي جعلنا نتجاوز
هذه المذاهب نحو رؤيا متكاملة تجمع بين العقل والنصوص الدينية والمتغيرات الاجتماعية ورغم أن حركة الجدل الفلسفي لا يمكن أن تتوقف عند حلٍّ نهائيٍ
إلا أنه أمكننا الخروج بهذا الاستنتاج :"الأخلاق الحقيقية هي التي تتوافق مع شخصية الإنسان بكامل أبعادها"
————–3————
إنّ تعدّد المذاهب حول اساس القيمة الخلقية يظهر التفاوت في التصورات الأساسية للإنسان. بيد أنّ هذه النظريات بالرغم من اختلافها، تتّفق حول الخلاصة التالية: الفكر الإنساني يتّسم بنشاط أخلاقي يقظ. وبالفعل فالإنسان يعي وجود اقتضاءٍ في علاقاته مع الله ومع الآخرين ومع الطبيعة ومع نفسه. غير أنّه يحقّق ذاته عندما يسيطر عليها من كلّ ابعادها، ويعمل على تفتّح شخصيته الخاصة وعلى أنسنتها كلّيًا. هذه الأنسنة لا تتحقق إلاّ في المجتمع الإنساني، وفي علاقة منفتحة على الآخرين تقتضي الطيبة والشرف والأمانة والصدق والعطف والرحمة واحترام الآخر.
تحياتي…..