رسم القرآن الكريم مسيرة الحياة الزوجية وقادها إلى بر الأمان وفق خطة ربانية محكمة، تعجز أفكار البشر ، وتجارب الحكماء ، وآهات المحبين أن تأتي بمثلها . ففي أربع آيات محكمات تفصيل لهذه المسيرة ، أولاها قول الله تعالى : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الروم: ??. فيها بيان لأساس هذا الرابط الذي وصفه الله بأنه ( ميثاقاً غليظاً ) وبيان لقاعدة القرب ألا وهو المودة والرحمة أصدق درجات الحب التي لا تكون وتجتمع إلا بين الزوجين فيتحقق تبعاً لهما السكن بكل ما تعنيه كلمة السكن من معنى ، سكن الروح بالحب والسعادة والشعور بدفء الحب ولذة الحياة ، وسكن الجسد بالهدوء والركون إلى الراحة و الاستقرار عند نهاية اليوم وحط الرحال بعد العناء . وتأملوا قول الله ( لتسكنوا إليها ) وفرق بين السكن إلى الشيء والسكن فيه .
وجاءت الثانية كما في قوله تعالى : ( نسآؤكم حرث لكم فآتوا حرثكم أنا شئتم و قدموا لأنفسكم و أعلموا أنكم ملاقوه و بشر المؤمنين) البقرة: ??? ، توثق روابط الحب ففي الحرث المتعة الفطرية المحاطة بسياج الأمان ، ونتاج هذا الحرث أزهار وثمار تورق أيما إيراق من البنين والبنات ، زينة الحياة الدنيا.
أما الثالثة قوله تعالى : ( هن لباس لكم و أنتم لباس لهن ) البقرة: ???.فهي تمثل جمال المظهر الناتج عن ستر العيوب بين الزوجين ، فلا يتحدث عنها إلا بما يسر ، وهي كذلك حافظة للغيب بما حفظ الله ، وفي ذلك أعظم أنواع الستر فمن المؤكد أن بين كل زوجين سراً أو أسراراً لا يعلمها غيرهما إلا الله ـ كل بقدر حفظه وتعظيمه لهذا الرباط الميثاق الغليظ ـ ،وحتى إن انكسر هذا الرابط فبقايا السر باقية ، حافظة لما حَسُن من ذكرى ، ساترة لشيء من الأخطاء التي كسرت هذا الرابط ومزقته ، مراعية لقلب المرأة الرقيق الألطف ، فتأملوا ذلك في قول الله تعالى في الآية الرابعة : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) البقرة: ???.
هذه الآيات تخاطب المشاعر حتى تخالط شغاف القلوب ، وهي أغلى و أصدق و أشد أثراً من كل قصائد الشوق و الحب ، وهي قواعد الحفاظ على الميثاق الغليظ كما في قوله تعالى : ( و كيف تأخذونه و قد أفضى بعضكم إلى بعض و أخذن منكم ميثاقاً غليظاً ) النساء: ??.
فهذه دعوة للأزواج والمقبلين على الزواج إلى تأمل هذه القواعد وتدبرها والعمل على تصديقها بالتطبيق العملي لمفاهيمها و استشعار معانيها و آدابها لتنعم البيوت بالسعادة والحب والمودة وتنتج الثمار اليانعة الطيبة فإن الطيب لا ينتج إلا طيباً بإذن الله تعالى .
جزاكم الله خيرا اخي
بارك الله فيك اخي الكريمة
جعلها الله في ميزانك