الغيبة والنميمة
الحمد لله وكفى
وسلام على عباده الذين اصطفى
الحمد لله أن جعلنا مسلمين ومنى علينا بنعمة الهداية إلى الطريق المستقيم.
حثنا على كل خير ينفعنا وحذرنا من كل شر يسوءنا
وما أكثر الشرور التي نلقي بأنفسنا إليها متجاهلين تحذيرات رب العالمين وسنن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ولعل أخطر هذه الشرور هي
الغيبة والنميمة
وقد يتساءل البعض هل هناك فرق بينهما
والجواب: طبعا نعم.
فما هي الغيبة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الغيبة ذكرك أخاك بما يكره"
الراوي: أبو هريرة المحدث: محمد جار الله الصعدي – المصدر: النوافح العطرة – الصفحة أو الرقم: 213
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فإن كانت الخصلة المذكورة في الشخص المغتاب فهي غيبة وإن لم تكن فهو بهتان والعياذ بالله
"قيل يا رسول الله ما الغيبة؟ قال : ذكرك أخاك بما يكره . قال : أرأيت إن كان فيه ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الترمذي – المصدر: سنن الترمذي – الصفحة أو الرقم: 1934
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
أما إذا نقل عن أحدهم ما قال الآخرون فيه فهو إفك والعياذ بالله.
أما النميمة فهي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد.
والغيبة والنميمة شران عظيمان يتهاون بهما كثير من الناس وخصوصا النساء فهن يتفكهن بالحديث عن فلانة وعلانة, وتنشرح أساريرهن بالكلام عن الأخريات.
فللغيبة أنواع قد يجلها البعض ويظن أنها لا تدخل في الغيبة
ومنها انتقاص الآخرين في لباسهم وطريقة كلامهم وجلستهم
والبعض يأخذ ذلك من باب الشفقة, فيقول: فلان على قدر من الورع أو الدين أو العلم إلا أنه —–
وهنا الطامة يعدد مساوءه من باب الشفقة عليه.
وقد يكون الصمت أحيانا غيبة, كأن نسأل عن أحد, فيقول: لا خلينا ساكتين أحسن.
فهذا قمة النميمةلأنه يفسح للسائل أن يضع ما يريد من خصال سيئة في المسؤول عنه.
فما هو حكم الغيبة في الإسلام ؟
الغيبة حرام بإجماع أهل العلم, وفي هذا دليل من القرآن الكريم
– قال تعالى: { يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱجْتَنِبُوا۟ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌۭ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًۭا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌۭ رَّحِيمٌۭ } [الحجرات:12].
وقال تعالى: {وَيْلٌۭ لِّكُلِّ هُمَزَةٍۢ لُّمَزَةٍ } [الهمزة:1].
فالهمز بالفعل، واللمز بالقول وتدخل فيه الغيبة
وقال عليه الصلاة والسلام:
"إن من الكبائر إستطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق ومن الكبائر السبتان بالسبة"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترغيب – الصفحة أو الرقم: 2832
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
فما هي عقوبة الغيبة؟
1- أنها سبب من أسباب عذاب القبر.
"مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال : إنهما يعذبان ، وما يعذبان في كبير وبكى وفيه – وما يعذبان إلا في الغيبة والبول"
الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: ابن حجر العسقلاني – المصدر: فتح الباري لابن حجر – الصفحة أو الرقم: 10/485
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
2- الفضيحة في الدنيا
"يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته"
الراوي: – المحدث: الهيتمي المكي – المصدر: الزواجر – الصفحة أو الرقم: 2/127
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
3- العذاب في النار
"لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ! فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني – المصدر: صحيح أبي داود – الصفحة أو الرقم: 4878
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إذاً فلماذا نغتاب مع عظم هذه المسألة؟
إننا نغتاب أولاً لضعف إيماننا, فمن يعلم خطورة الغيبة وعقابها ثم يغتاب فقد أعرض عن وعيد الله ونقص إيمانه.
وقد نغتاب لنشارك الآخرين في كلامهم, وقد نغتاب من لا نعرفه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد نغتاب لنطفيء لوعة قلوبنا ممن أساء إلينا أو لنظهر أنفسنا أننا خير من الآخرين.
اللهم طهر قلوبنا وألسنتنا من كل ما يبعدنا عنك.
اما النميمة فلا تقل خطراً عن الغيبة ففيها إفساد للعلاقات الإجتماعية وإفساد ذات البين وخلق العداوات بين الناس وهي خطر عظيم على المجتمع الإسلامي.
وقذ حذرنا ديننا الحنيف من إساءة الظن بالآخرين, وحثنا على التأكد من الكلام المنقول حتى لا نندم على تصرفات ما كانت لتكون لو أننا تثبتنا من الأمر.
(يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ( سورة الحجرات
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات:6)
وحذرنا الله تعالى من موافقة النمام
(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (سورة القلم:10،11)
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن النمامون هم شرار الناس.
"خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ، وشرارعباد الله المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب"
الراوي: عبدالرحمن بن غنم الأشعري المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترغيب – الصفحة أو الرقم: 2824
خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره
فما عقاب هذا الشر العظيم؟
عدم دخول الجنة
"لا يدخل الجنة نمام"
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 105
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ويكفي بهذا العقاب زجراً لمن يمشي بالنميمة ليبث حقده بين الآخرين, وهذا دليل على ضعف الإيمان كما في الغيبة.
وتعد النميمة أيضا من أسباب عذاب القبر.
فلنحذر أحبتي هذان الشران العظيمان ولا تدفعنا أنفسنا الأمارة بالسوء إلى جهنم وبئس المصير إرضاءا لها.
ولندعو دائما بهذا الدعاء
"ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا
وارزقنا يا الله قلوبا سليمة
وطهر أعمالنا من الرياء وقلوبنا من النفاق وألسنتنا من الغيبة والكذب والنميمة إنك ولي ذلك والقادر عليه"
اللهم صلي وسلم علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا)
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: المنذري – المصدر: الترغيب والترهيب – الصفحة أو الرقم: 4/24
خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) .
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 6474
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وهذا الإمام أحمد رحمه الله دخل مرة يزور مريضا فلما زاره سأل الإمام أحمد هذا الرجل قال: يا أيها المريض هل رآك الطبيب؟
قال: نعم ذهبت إلى فلان الطبيب
فقال أحمد: اذهب إلى فلان الآخر فإنه أطب منه " يعني أعلم بالطب منه"*
ثم قال الإمام أحمد: أستغفر الله أراني قد اغتبت الأول أستغفر الله أستغفر الله
وروي أن الحسن قيل له: إن فلاناً اغتابك، فبعث إليه الحسن رطباً على طبق وقال : بلغني أنك أهديت إلي من حسناتك فأردت أن أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام .*
والغيبه*إنما تقع فيما يكرهه الإنسان ويؤذيه فقال: ((بما يكره)).
قال النووي في الأذكار مفصلاً ذلك: ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلْقه أو خُلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز.
ومن الصور التي تعد أيضاً في الغيبة قال النووي: ومنه قولهم عند ذكره : الله يعافينا ، الله يتوب علينا ، نسأل الله السلامة ونحو ذلك ، فكل ذلك من الغيبة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية أنها قصيرة ، فقال : ((لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)) .
الراوي: عائشة المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 5140
جزاك الله خيرا
طَرحًَ قَييمًَ
بًََََآركًَـ َََََآللهًَـ فِيكًَـ وَبَِـطَرحِكًَـ .."
وجَعلهًَََآ َآللهًَـ فِيًَ مِيزََََََََََآنًَ حسًَنََََآتِكًَـ
/
مُؤفقًَهـ يًَآربًَ <~
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: المنذري – المصدر: الترغيب والترهيب –
السلام عليكم
بارك الله فيك و جزاك خيرا و جعله في ميزان حسناتك بإذنه تعالى……….
جزاك اله خيرا وجعلها فى ميزان اعمالك