بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أمّا بعد :
فإنه من النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا معرفة العقيدة الصحيحة والمنهج القويم وهما متلازمان وصنوان غير مفترقان ، ومن باب النفع ونشر الخير بين طلاب العلم كتبت هذه الكلمات القليلة في تعريف العقيدة المنهج وأنهما صنوان لا يفترقان ونقلت بعض كلام أهل العلم في ذلك وليس لي في هذه الكلمات القليلة إلا الجمع والنقل واسأل الله تعالى أن ينفعنا بها جميعًا إنه جوادٌ كريمٌ .
تعريف العقيدة والمنهج
تعريف العقيدة :
العقيدة في اللغة : من العَقْدِ ؛ وهو الرَّبطُ ، والإِبرامُ ، والإِحكامُ ، والتَّوثقُ ، والشَدُّ بقوه ، والتماسُك ، والمراصةُ ، والإثباتُ ؛ ومنه اليقين والجزم .
والعَقْد نقيض الحل ، ويقال : عَقَده يعقِده عَقْدا ، ومنه عُقْدَة اليمين والنكاح ، قال اللّه تبارك وتعالى :
{ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } [ سورة المائدة آية : 89] .
والعقيدة : الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده ، والعقيدة في الدِّين ما يُقْصَدُ به الاعتقاد دون العمل ؛ كعقيدة وجود اللّه وبعث الرسل . والجمع : عقائد .
وخلاصته :ما عقد الإِنسانُ عليه قلبه جازما به ؛ فهو عقيدة ؛ سواءٌ أكان حقا ، أَم باطلا .
وفي الاصطلاح : هي الأمور التي يجب أن يُصَدِّقَ بها القلب ، وتطمئن إِليها النفس ، حتى تكون يقينا ثابتا لا يمازجها ريب ، ولا يخالطها شك .
أَي : الإِيمان الجازم الذي لا يتطرَّق إِليه شك لدى معتقده ، ويجب أَن يكون مطابقا للواقع ، لا يقبل شكا ولا ظنا ؛ فإِن لم يصل العلم إِلى درجة اليقين الجازم لا يُسَمى عقيدة .
وسمي عقيدة ؛ لأَنَّ الإِنسان يعقد عليه قلبَه .
والعقيدة الإِسلاميَّة :
هي الإِيمان الجازم بربوبية اللّه تعالى وأُلوهيته وأَسمائه وصفاته ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره ، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب ، وأصول الدِّين ، وما أَجمع عليه السَّلف الصَّالح ، والتسليم التام للّه تعالى في الأَمر ، والحكم ، والطاعة ، والإتباع لرسوله صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم .
والعقيدة الإِسلاميَّة : إِذا أُطلقت فهي عقيدة أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ لأنَّها هي الإِسلام الذي ارتضاه اللّه دينا لعباده ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضَّلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإِحسان .
وللعقيدة الإِسلامية :
أَسماء أُخرى عند أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ تُرادِفُها ، وتَدلُّ عليها ، منها :
" التوحيد " ، " السُّنَة " ، " أُصُول الدَين " ، " الفقه الأكبر " ، " الشريعة " ، " الإِيمان " .
هذه أَشهر إِطلاقات أَهل السُّنَّة على علم العقيدة
تعرف المنهج :
المنهج لغة : كلمة مشتقة من مادة : نهَجَ ، ينهَجُ ، نهجًا ، ومِنهاجًا ، ومعناه : يدور على أصلين :
أحدهما : الشيء الواضح الذي يسير المرء على وفقه ، كالطريق وما في معناه .
قال تعالى : {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [ المائدة : الآية 48]. ، وقال ابن عباس رضى الله عنه : " سبيلاً وسنة "
والآخر : هو الانقطاع والانحباس والتوقف .
قال ابن فارس : " النون والهاء والجيم أصلان متباينان :
الأول : النهج الطريق ، ونهج لي الأمر أوضَحَه ، وهو مستقيم المنهاج ، والمنهج : الطريق أيضًا ، والجمع : المناهج .
والآخر : الانقطاع ، وأتانا فلانٌ ينهَج : إذا أتى مبهُورًا مُنقطع النَفَس ، وضربتُ فلانًا حتى أُنهِجَ ؛ أي : سَقَط ، ومن الباب : نَهَج الثوب ، وأنهَج ، أخلق ولمَّا فلانًا ينشق ، وأنهجه البِلَى "
والمقصود هنا هو الأصل الأول الدَّال ّ على الشيء الواضح البيِّن الذي يسلكه الإنسان ؛ للوصول إلى هدفه ومراده ، كالطَّريق الواضح المحسوس ، والبرنامج الذي يسير عليه ، والخطط والأهداف المرسومة التي تعمل على مِنوالها ولا يخرج عنها .
وأما اصطلاحًا : فقد ورد لفظ ( المَنْهَج ) و ( المِنْهَاج ) في الكتاب والسّنّة على وفق المعنى اللغوي ، أما الكتاب : فقد تقدمت آية سورة المائدة آنفًا ، وأما السنّة : فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن سَلام رضي الله عنه أنه رأى رؤيا ، فقال : (( بينما أنا نائم إذ أتاني رجلٌ فقال لي : قم ، فأخذ بيدي فانطلقتُ معه ، قال : فإذا أنا بِجَوَادَّ عن شِمالي ، فأخذت لآخذ فيها ، فقال لي : لا تأخذ فيها فإنها طرق أصحاب الشِّمال ، قال : فإذا جوادُّ مَنْهَجٌ على يميني ، فقال لي : خذ هنا … إلى قوله :قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتُها عليه فقال )) .
وخلاصة القول .
يقول الشيخ العلامة " عبيد الجابري " حفظه الله تعالى .
وأما المنهج السلفي فلعله بان لكم من هذا البيان : أنه إتّباعُ كل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، والتمسك بذلك قولا وعملا . هذا هو المنهج السلفي، وهو الطريق السلفي وهو، مسلك أهل السنة والجماعة؛ لأن السلفية لها عدة مسمّيات ولا اختلاف بينها في المعنى : فهم الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، وأهل الحديث، وأهل السنة والجماعة
هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج ؟.
المنهج أعم من العقيدة ، المنهج يكون في العقيدة وفي السلوك والأخلاق والمعاملات وفي كل حياة المسلم ، كل الخطة التي يسير عليها المسلم تسمى المنهج .
أما العقيدة فيراد بها أصل الإيمان ، ومعنى الشهاديتن ومقتضاهما هذه العقيدة
· سائل يسأل عن الفرق بين العقيدة ، والمنهج؟. وهل بينهما خصوص ، وعموم ، أم لا ؟.
العقيدة هي:- ما تعتقده تديناً في الله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره، وشره، وما يستتبع ذالك من تصديق خبر الله، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، في الماضي، والمستقبل، ومن ذالك نعيم القبر، وعذابه، والحوض – حوض النبي صلى الله عليه وسلم – والميزان، وغير ذالك، هذه العقيدة، وكذالك يتبع هذا تنزيل الأولياء، والصالحين،الذين هم أولياء لله، متقين لله، أهل سنة، وأئمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،وآل البيت منهم خاصة، وأئمة التابعين، ومن بعدهم، فتنزلهم منازلهم من غير غلو، من غير إفراط، ولا تفريط، وتتولاهم؛ محبةً في ذات الله سبحانه وتعالى.
والمنهج هو:- الطريق الذي يسلكه المرء في دعوة الناس إلى الله عز وجل.
وقاعدته: الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح. واعلموا أن العقيدة والمنهج متلازمان، العقيدة والمنهج متلازمان وما أحسن ما قال البربهاري – رحمه الله – [ اعلم أن الإسلام هو السنة ، وأن السنة هي الإسلام ]. فالعقيدة، والمنهج لا يختل أحدهما إلا من خلل في الآخر؛ فالخوارج لما اختل منهجهم، وكفَّروا بالكبيرة وحكموا على مرتكبها في الدنيا بأنه كافر، حلال الدم، والمال، وتوصلوا من هذا إلى سبي نسائهم وذراريهم من خلل في عقيدتهم؛ كذَّبوا النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن المعاصي لا تسلب الإيمان بالكلية، وإنما تسلب كماله، ولهذا هم ارتكبوا- مع هذا- تكذيباً آخر؛ فكحموا على مرتكب الكبيرة إذا مات بأنه خالد مخلد في النار………))
سئل الشيخ العلامة ربيع المدخلي – حفظه الله تعالى :
ما الفرق بين العقيدة والمنهج؟
– الجواب : قضية التفريق بين العقيدة والمنهج جاءت في هذا العصر ,الناس لم يكونوا يفرقون بين العقيدة والمنهج ولكن جاءت الفتن فاضطر بعض أهل السنة إلى التفريق بين العقيدة والمنهج . لكن الشيخ ابن باز لا يفرق بين العقيدة والمنهج فيقول كلها واحد .
وأنا اضطررت إلى أن أقول : العقيدة أوسع من المنهج لأن العقيدة تدخل في المنهج منهج أهل السنة في الاعتقاد في الأسماء والصفات كما جاء في الكتاب والسنة منهج أهل السنة كذا ومنهج أهل السنة في الاستدلال كذا ,منهج أهل السنة في الأخبار كذا هذا هو منهجهم كيف يستدلون هذا من المنهج ,كيف يتلقون الأخبار هذا من المنهج
كيف ندرك هذا المنهج؟ كيف نفهمه؟ كيف نفقه؟ كيف نعرفه ؟
نقول أولا : الاستقامة وتقوى الله في السر والعلانية :" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" فإذا اتقيت الله سبحانه وتعالى هيأ لك من الأسباب ما يعينك على معرفة الحق ,التقوى الصحيحة كيف لا و هو يقول سبحانه تعالى(واتقوا الله ويعلمكم الله) يعينك على معرفة الحق
ثانيا :دراسة الكتاب والسنة دراسة من يريد الفقه في الدين والوقوف على النصوص المختلفة حتى يعرف كيف يتعامل مع المطلق والمقيد والمنطوق والمفهوم والخاص والعام والناسخ والمنسوخ والمجمل والمبين فأكثر الدعاة لا يعرفون هذه القواعد التي قررها علماء الإسلام و من هنا ينشأ الخطأ وينشأ سوء الفهم لأنهم لا يعرفون التعامل مع النصوص يجد نصا في الوعيد فيظنه هو هو ويغيب عنه النص الأخر المقيد له من الكتاب و السنة و هنا نقول لا يصلح داعية من لم يتعلم , الذي لا يحسن العلم لا يصلح داعية لأنه يفسد من حيث يريد الإصلاح و يخطأ من حيث يريد الصواب و الله سبحانه وتعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو خطاب لكل من تأهل للدعوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم و أحب أن تكون له في رسوله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله )) مطلق أو مقيد؟ على إيش؟ على بصيرة ما هو على عمى و لا من كلام فلان وفلان ((قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني )) من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم كذلك على بصيرة فالنبي صلى الله عليه وسلم يبصره ربه و يسدده ويهديه و نحن من يبصرنا ؟ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
الأمر الثالث : رد ما اختلف فيه إلى الكتاب والسنة
رد ما اختلف فيه من أمور النزاع والخصام إلى الكتاب والسنة وهذا من الدين كما قال الله سبحانه وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا ))
إذا ما شجر بين المسلمين يجب أن يرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما وافق الكتاب والسنة قبل وإن كان صاحبه ناقصا في أعين الناس وما خالف الكتاب والسنة ينبذ ويطرح وإن كان هو أكبر الناس منزلة وأعظمهم شعبية وأقواهم شخصية و أكثرهم علما و أوسعهم معرفة قال الإمام مالك رحمه الله كل كلام فيه مقبول ومردود إلا كلام صاحب هذا القبر
الأمر الأخير: احرصوا بارك الله فيكم على عقيدة الولاء و البراء وعقيدة الولاء والبراء معناها الحب في الله والبغض في الله والإعطاء لله والمنع لله هذه هي عقيدة الولاء والبراء يعني أنه يحب إنسانا من الناس لله سبحانه وتعالى معنى هذا أنك ما دمت تحبه في الله إذا أخطأ تبين الخطأ قد يكون إنسانا عالما نحريرا ربانيا لكنه أخطأ في كذا يبين للناس خطأه ويبغض لله إذا يبغض لله سبحانه وتعالى وعقيدة الولاء هذه و البراء أوضحتها آية من كتاب الله بل عدة آيات لكن نحن نذكر آية لأن أبنائنا في الإبتدائية يحفظونها في الغالب (( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ))
هذه الآية تبين لك منهج الولاء والبراء معنى هذا حتى المسلم حتى المنتسب إلى الإسلام إذا كان مظهرا لمحادة الله و محادة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب عليك ماذا أجيبوا ؟ هو مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول و يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت إلى غير ذلك من أعمال الإسلام لكنه يحاد الله ورسوله فماذا يجب علينا ؟ يجب علينا أن نتبرأ منه لله
إذا هذا هو المنهج السليم هذه ليست في الكفار لا هذه عامة (( لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ))
{قوما} نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي نص صريح في العموم يعني لا تقبل التأويل و إن كان مسلما ما دام أنه يأتي من الأعمال الكفريات ما يبرأ الله ورسوله منه فلا تعده أخا لك في الإسلام أبدا وإن كان مسلما و إن كان منتسبا للإسلام فالإسلام بارك الله فيكم ولكم ليست نسبة ليس الإسلام مبدأ انتمائي
الإسلام قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية الإسلام والإيمان شيء واحد لا تفريق بينهما فليس الإسلام قضية تجميع وقضية أن الإنسان يجمع شتات المسلمين على ما فيهم وينظر إلى المعتقدات التي هي معلوم بطلانها بإجماع المسلمين ينظر إلى أنها اجتهاد اجتهادات كل إنسان له اجتهاده.
أبدا هذا ليس من الدعاة إلى الله على بصيرة هذا يدعو على عمى هذا مثل الذي يحاول أن يجمع مياها طاهرة وأخرى قذرة يصبها في بعض
هذا ما تيسر جمعه بعون الله تعالى وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين .
جزاك الله خيرا
جزاك الله كل خير و اثابك الجنة
شكرا على الطرح القيم