تخطى إلى المحتوى

العزم الذي مدح الله به خيار خلقه 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


العزم الذي مدح الله به خيار خلقه، كقوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾[الأحقاف: 35] هو: قوة الإرادة وحزمها على الاستمرار على أمر الله، والهمة التي لا تَني ولا تفتر في طلب رضوان الله وحسنِ معاملته، وتوطين النفس على عدم التقصير في شيء من حقوق الله، ولذلك لام الله آدم عليه السلام بعدم استمراره على الأمر، وحصول الاغترار منه لعدوه بأكل الشجرة التي عهد الله له بالامتناع من أكلها، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾[طه: 115] فحصول الفتور وفلتات التقصير منافٍ لكمال العزم، ولهذا لم يكن كمال هذا الوصف إلا لمن بلغوا الدرجة العالية في الفضائل، والنقص إنما يصيب العبد من أحد أمرين: إما من عدم عزمه على الرشد، الذي هو الخير، وإما من عدم ثباته واستمراره على عزمه؛ ولهذا كان دعاء النبي r: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد»([1]) من أنفع الأدعية وأجمعها للخيرات، فمن أعانه الله على نية الرشد والعزيمة عليها والثبات والاستمرار؛ فقد حصل له أكبر أسباب السعادة، والناس في هذا المقام درجات بحسب قيامهم بهذين الأمرين، وحسْب ذي الفضل فضلاً أن تكون العزيمة على الرشد وصفه، وآثارها من العلم والعمل نعته، وإذا حصل له نوع فتور وخلل في هذا المأمور رجع إلى أصله وآخِيَّتِه([2])، وداوى هذا الداء بالتذكر والاستغفار، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾[الأعراف: 201] أي تذكروا الخلل الذي دخل عليهم من الشيطان والنقص الذي حصل لهم به الخسران فأبصروا ذلك فبادروا إلى سده والعود إلى ما عودهم وليهم من لزوم الصراط المستقيم، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه، آمين.
————————————————————————
([1]) الترمذي ح(3407) واستغربه، النسائي ح(1304)، وأحمد ح(17114) ، وصححه ابن حبان ح(935)، وقد أفرده ابن رجب ـ رحمه الله ـ بشرح في رسالة مستقلة ، حققها الأخ الشيخ سامي جاد الله.
([2]) "الآخِيَّةُ: عُود يُعرَّض في الحائط تُشد إليه الدابة، وقيل: هو حَبل يُدفن في الأرض ويبرز طَرفُه فيُشدّ به، وفي الحديث: مَثل المؤمن والإيمان كمثل الفرس في آخيته، يَجُول ثم يَرجع إلى آخِيَّته" ينظر: المحكم لابن سيده : (5/311).

المواهب الربانية من الآيات القرآنية
للعلامة عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله السعدي
(1376هـ) رحمه الله

مقال قمة في الروعة انا انتظر المقال المقبل ان شاء الله

الجيريا

آمين وجزكن الرحمن بالمثل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.