العربية والأمازيغية في الجزائر
يرجع تاريخ الإسلام في الجزائر إلى عام 649م عندما جاء المسلمون فاتحين، ودخل الأمازيغ في دين الله – عزَّ وجلَّ – عن قناعة ورضًا، وتعاونوا معهم على إخْراج البيزنطيِّين، لكن سرعان ما نشأَتِ القلاقل منذ عام 704م هناك بسبب مُحاولة العرب التفرُّد بالسلطة وإقصاء الأمازيغ عنها، وهو الذي تكرَّر بعد ذلك في الأندلُس أيضًا، وكان سببًا في شعور الأمازيغ والأندلُسيِّين على حدٍّ سواء أنَّهم – وهم أصحابُ الأرض الأصليُّون – أصبحوا يشكِّلون مواطنين من الدَّرجة الثانية، وأنَّ هؤلاء القادمين من بعيدٍ أصبحوا هم السَّاسة المتفرِّدين، وهي من القضايا الحساسة في تاريخنا الإسلامي، والتي لا بدَّ من العودة إليها ودراستِها دراسةً مستفيضة، والوقوف عند ما سبَّبتْه من انتكاسات كبيرة للمُسْلمين، ويبلغ الحدُّ أقصاه حينما يُطالَب مثل هؤلاء بدفْع الجزية، وهو ما حصل هناك وأحدث شرْخًا كبيرًا في التَّماسُك الإسلامي، وهذا ذكَّرني أيضًا بِما قرأتُه في أحدِ الكُتُب المدرسيَّة التي تدرَّس الآن في أمريكا الجنوبيَّة، حيثُ يقولون: إنَّ المسلمين عندما جاؤوا إلى الأندلُس فإنَّ مَن كان يدخُل في الإسلام من أبناء البلاد كان يُنْظَر إليه من قِبَل قومِه على أنَّه خائن، وينظُر إليه المسلمون على أنَّه "مولى" بهذا اللفظ، أي عبد تمَّ تحريره أو على أقل تقديرٍ مواطن من الدرجة الثانية، وهذا ما جعل الناس – والكلام لا يزال للكتاب المدرسي – يُحْجِمون عن الدُّخول في الإسلام.
والأمر وإن كان في الأندلُس أشدَّ حدَّة وتسبَّب في إخراج المسلمين من الأندلس بعد ثمانية قرون، فإنَّه كان في المغرِب العربي أقلَّ تأثيرًا بسبب ظهور دول بعد ذلك استقلَّت عن الخِلافة، واستأثرت بالسُّلطة، لكنَّها لم تترك الإسلام لشدَّة تعلُّقها بتعاليمه وقناعتها به، وهو الأمر الذي لا يُزايد أحدٌ على شعوب هذه المنطقة فيه، فحبُّ الإسلام والدفاع عنه وبذْل الدِّماء رخيصة في سبيله هو ديْدَنُهم، وعندما جاءتِ الخلافة العثمانيَّة بعد ذلك كان الجزائريُّون ساعدَها الأيمن، وهم المحاربون الأشدَّاء، فسيطروا على البحر الأبيض المتوسط، وكانت السفن الأوربيَّة تدفع الضَّرائب لهم عند مرورِها فيه، حتَّى ضعف ذلك الجيش بعدما ضعُفت الدَّولة العثمانية، ودخلَتْ بسبب ذلك فرنسا إلى السَّاحل الشمالي للجزائر واستولتْ عليه، وظلَّ الجزائريُّون يُقاومون المحتلَّ الفرنسي لأكثرَ من مائة سنة، قدَّمت فيها الجزائر أكثرَ من مليون من الشُّهداء، في ملحمةٍ لا يُمكن أن ينساها لهم التاريخ.
ولا تُخْطِئ العين حيويَّة ذلك الشعب وقوَّته وإرادتَه التي لا تُقْهَر، عندما تتجوَّل في شوارع العاصمة، أو تلتقي بعددٍ من شبابِهم، أو يُكْتَب لك أن تحضُر إحدى حفلات الطلاب، ولكنَّ المؤامرات أحاطتْ بِهذا الشعب منذ خروجِه من الاستِقلال، بدءًا بالاشتراكيَّة التي أنْهكتْه، ثم مرورًا بالحرْب الأهليَّة التي أُلْصِقت بالإسلام وأَدارتْها أيدٍ خفية، والآن وهو يُحاول التعافي من الأزمات السابقة لا تزال المؤامرات تُحاك ضدَّه، بالأمازيغيَّة تارة، وبالتَّغريب والفرنسة تارة أخرى، فهلا أفاق الجزائريُّون واتَّحدوا وتمسَّكوا بدينِهم الذي عشِقوه، وبذلوا في سبيله الغالي والرخيص؟!
محمد بن علي القعطبي
ولا تُخْطِئ العين حيويَّة ذلك الشعب وقوَّته وإرادتَه التي لا تُقْهَر، عندما تتجوَّل في شوارع العاصمة، أو تلتقي بعددٍ من شبابِهم، أو يُكْتَب لك أن تحضُر إحدى حفلات الطلاب، ولكنَّ المؤامرات أحاطتْ بِهذا الشعب منذ خروجِه من الاستِقلال، بدءًا بالاشتراكيَّة التي أنْهكتْه، ثم مرورًا بالحرْب الأهليَّة التي أُلْصِقت بالإسلام وأَدارتْها أيدٍ خفية، والآن وهو يُحاول التعافي من الأزمات السابقة لا تزال المؤامرات تُحاك ضدَّه، بالأمازيغيَّة تارة، وبالتَّغريب والفرنسة تارة أخرى، فهلا أفاق الجزائريُّون واتَّحدوا وتمسَّكوا بدينِهم الذي عشِقوه، وبذلوا في سبيله الغالي والرخيص؟!
محمد بن علي القعطبي
[/right][/QUOTE]
اللهم الف بين قلوبنا
بارك الله فيك