الصحافة والإصلاح ..
عن مقال للدكتور سعد الله بعنوان ( من ذكرياتي مع الصحافة ) عن كتاب ( خارج السرب ) مقالات وتأملات ص 95 وما بعدها :
( خلال أكثر من قرن كانت الصحافة في البلاد العربية والإسلامية وسيلة إلى الإصلاح والزعامة والدعاية ظهرت في مصر مع الحملة الفرنسية وفي اسطنبول مع تنظيمات السلطان محمود الثاني وبعد سنة ونصف من احتلال فرنسا للجزائر صدرت (المونيتور) على يد الطاغية (روفيكو) لتكون لسان حال الإستعمار والتسلط وفي سبتمبر 1847 أصدرت السلطات الفرنسية جريدة (المبشر) التي دامت قرنا كاملا وكانت (المبشر) هي لسان حال الإدارة توجه سياستها وتنشر دعايتها : تؤثر بها على الجزائريين عن طريق أعيانهم من قيّاد وقضاة وقد حاربت هذه الإدارة حرية الصحافة إذا كانت الحرية ستؤدي إلى وعي الجزائريين فقد أوقفت جريدة المنتخب سنة 1883 رغم أنها جريدة فرنسية المصدر.
وعندما قررت الإدارة أن تتخذ من الصحافة وسيلة أكثر فعالية لتثبيت سلطتها أوعزت في أول القرن العشرين إلى من يصدر الصحف بالعربية والفرنسية مع تقديم الدعم المادي والمعنوي لها , فصدرت جرائد المغرب وكوكب إفريقية والتقويم والأخبار (النسخة العربية) وغيرها كما تغاضت عن ظهور الصحف التي أصدرها جزائريون أمثال عمر راسم وعمر بن قدور لاحتوائهم ذلك أنهم أخذوا ينشرون في الصحف التونسية والمصرية والعثمانية ويصفون الإستبداد الفرنسي والغضطهاد الذي تتعرض له الصحافة وحرية الرأي ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى أصبحت الصحف معبّرة عن اتجاهات مختلفة في الدولة والإصلاح وحتى في الدين والتصوف وكانت عند السياسيين وسيلة للزعامة وتبليغ الرسالة الوطنية والأيديولوجية .
ومن أوائل المصلحين الذين تفطّنوا لأهمية الصحافة في التبليغ والتأثير هو السيد جمال الدين الافغاني فعندما كان في مصر خلال السبعينيات جند من حوله مجموعة من الصحفيين المغتربين من بلاد الشام مثل أديب إسحاق لنشر أفكاره وبعد نفيه من مصر أنشأ الأفغاني في فرنسا (العروة الوثقى) مع تلميذه الشيخ محمد عبدوا وربما كانت هذه الجريدة (وهي في نفس الوقت اسم لجمعية سرية) هي الأولى من نوعها في ميدان الغصلاح السياسي والإجتماعي وكان المستعمرون الإنكليز يشنون ضدها حربا عوانا ومع ذلك كانت تصل عن طريق التهريب إلى مصر والهند وغيرهما ورغم أنها لم تعمر طويلا فإنها استطاعت أن تصنع لبنة راسخة في صرح الفكر الإسلامي المعادي للإستعمار.
وقد قدر لهذا الفكر أن يجد بغيته في مجلة المنار التي اصدرها أحد الشوام المغتربين في مصر وهو الشيخ محمد رشيد رضا وحملت المنار لواء الدعوة الإسلامية التي بلورها وصقلها الشيخ محمد عبده بعد أن راجع سيرة شيخه وزميله الأفغاني وكانت المنار تصل إلى الجزائر وتونس وقد تأثر بها الشيخ عبد الحميد بن باديس وهو طالب في الزيتونة ثم وهو يؤسس دعوته بقسنطينة ولم تحل سنة 1924 حتى أصدر بن باديس جريدة المنتقد ثم الشهاب التي سارت على نسق المنار تقريبا فوجد الإصلاح في الشهاب الوسيلة المثلى للتعبير والتأثير وإذا كانت الشهاب قد انتهت بوفاة ابن باديس فإن الإصلاح واصل مسيرته في جريدة البصائر ( 1935-1939 ثم 1947-1956 ) انتهى
أناعضو جديد من الغيشة تقبلوني وساعدوني من فضلكم هل من رد