يقول الإمام البربهاري رحمه الله في " شرح السنة ":
« وَاعْلَمْ أنَّ الخروجَ عن الطريق على وجهين: أمَّا أحدُهُما : فرجلٌ قد زلَّ عن الطريق , وهو لا يُريدُ إلا الخير ؛ فلا يُقْتَدَى بِزَلَّتِهِ فإنَّه هالكٌ , ورجلٌ عَانَدَ الحقَّ وخَالفَ من كان قبلَهُ من المتَّقين ؛ فهو ضالٌّ مُضِلٌّ , شيطانٌ مريدٌ في هذه الأمَّةِ حَقِيقٌ على من عَرَفَهُ أنْ يُحذِّرَ الناسَ منهُ , ويُبيِّنَ للناسِ قصَّتَهُ لئلَّا يقع في بدعتِهِ أحدٌ فيَهْلك »
يقول العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – معلقا على قوله :
" حَقِيقٌ على من عَرَفَهُ أنْ يُحذِّرَ الناسَ منهُ , ويُبيِّنَ للناسِ قصَّتَهُ لئلَّا يقع في بدعتِهِ أحدٌ فيَهْلك " :
" أي : هذا الذي خرج عن الحق متعمِّداً لا يجوز السكوت عنه …
بل يجب أن يُكشف أمره , ويُفضح خِزيه حتى يحذره الناس …
ولا يُقال : الناس أحرارٌ في الرأي , حريِّة الكلمة , احترام الرأي الآخر !
كما يدندنون به الآن , من احترام الرأي الآخر , فالمسألة ليست مسألة آراء , المسألة مسألة اتباع , نحن قد رسم الله لنا طريقا واضحاً , وقال لنا سيروا عليه حينما قال : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)[الأنعام:153] فأيُّ شخصٍ يأتينا ويريد منّا أن نخرج عن هذا الصراط فإنّنا :
أولاً : نرفُضُ قولَهُ .
وثانيا : نُبيِّنُ ونحذِّرُ الناسَ منه .
ولا يسعنا السكوت عنه , لأنّنا إذا سكتنا عنه اغترَّ به الناسُ ؛ لا سيِّما إذا كان صاحبَ فصاحةٍ ولسانٍ وقلمٍ وثقافةٍ , فإنّ الناسَ يغترّون به , ويقولون هذا مؤهلٌ , هذا من المفكرين , كما هو الحاصل الآن , فالمسألة خطيرةٌ جدًّا .
وهذا فيه وجوب الردِّ على المخالف , عكس ما يقوله أولئك يقولون : اتركوا الردود , دعوا الناس كلٌّ له رأيه واحترامه , وحرية الرأي وحرية الكلمة .
بهذا تهلك الأمّة , السلف ما سكتوا عن أمثال هؤلاء , بل فضحوهم وردُّوا عليهم , لعلمهم بخطرهم على الأمّة …
نحن لا يسعنا أن نسكت عن شرِّهم , بل لابد من بيان ما أنزل الله , وإلا فإنّنا نكون كاتمين , من الذين قال الله فيهم :
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ ) [البقرة :159] , فلا يَقْتَصِرُ الأمر على المبتدع , بل يتناول الأمر من سكت عنه , فإنَّه يتناوله الذم والعقاب , لأنَّ الواجب البيان والتوضيح للناس , وهذه وظيفة الردود العلمية المتوفِّرة الآن في مكتبات المسلمين كلّها تذبُّ عن الصراط المستقيم , وتحذِّرُ من هؤلاء , فلا يروِّج هذه الفكرة – فكرة حرية الرأي وحرية الكلمة واحترام الرأي الآخر …- إلا مضلِّلٌ كاتمٌ للحق .
نحن قَصَدْنَا الحقَّ , ما قَصَدْنَا نجرِّح الناس أو نتكلم في الناس , القصدُ هو بيان الحق , وهذه أمانةٌ حمّلها اللهُ العلماءَ , فلا يجوز السكوت عن أمثال هؤلاء …
لكن مع الأسف لو يأتي عالمٌ يردُّ على أمثال هؤلاء قالوا :
هذا مُتسرعٌ …
إلى غير ذلك من الوساوس …
فهذا لا يُخذِّل أهلَ العلم أن يبيِّنوا للناس شرَّ دُعاة الضلال , لا يُخذِّلهم " اهـ
"إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للبربهاري "(1/113-115)
منقول
جزاك الله خيرا هياااا
جزاك الله خيرا
بارك الله على المرور
بارك الله فيكم وزادكم علمااااا
بارك الله فيكم على المرور