تخطى إلى المحتوى

السيرة النبوية 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
1 أهمية السيرة النبوية فى فهم الإسلام
الغرض من دراسة السيرة النبوية، أن يتصور المسلم الحقيقة الإسلامية فى مجموعها متجسدة فى حياته صلى الله عليه وسلم ، بعد أن فهمها مبادىء وقواعد و أحكام مجردة فى الذهن .
أى أن دراسة السيرة النبوية ، ليست سوى عمل تطبيقى يراد منه تجسيد الحقيقة الإسلامية كاملة ، فى مثلها الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم .
و إذا أردنا أن نجزىء هذا الغرض ونصنف أجزاءه ، فإن من الممكن حصرها فى الأهداف التفصيلية التالية :
1 فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ( النبوية ) من خلال حياته و ظروفه التى عاش فيها ، للتأكد من أن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرد عبقرى سمت به عبقريته بين قومه ولكنه قبل ذلك رسول أيده الله بوحى من عنده وتوفيق من لدنه .
– 2 أن يجد الإنسان بين يديه صورة للمثل الأعلى فى كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة ، كى يجعل منها دستورا يتمسك به ويسير عليه
: (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ) الأحزاب 21 .
– 3 أن يجد الإنسان فى دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم ما يعينه على فهم كتاب الله تعالى وتذوق روحه ومقاصده ، إذ أن كثيرا من آيات القرآن إنما يجليها وتفسرها الأحداث التى مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم وموقفه منها .
– 4 أن تتجمع لدى المسلم من خلال دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم أكبر قدر من الثقافة و المعارف الإسلامية الصحيحة ، سواء ما كان منها متعلقا بالعقيدة و الأحكام و الأخلاق ،إذ لا ريب أن حياته صلى الله عليه وسلم إنما هى صورة مجسدة نيرة لمجموع مبادىء الإسلام و أحكامه .
-5 أن يكون لدى المعلم و الداعية الإسلامى نموذج حى عن طرائق التربية و التعليم ، فلقد كان محمد صلى الله عليه وسلم مربيا فاضلا ومعلما ناصحا لم يأل جهدا فى تلمس أجدى الطرق الصالحة الى كل من التربية و التعليم خلال مختلف مراحل دعوته .
و نظرا لأهمية هذه السيرة العطرة في حياتنا ارتأيت أن أقدم لجميع القراء في كل أسبوع مرحلة من مراحل سيرة الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم-ملخصة بقدر الذي أستطيع ، آملا منكم المتابعة و التفاعل و المناقشة
أما المصادرفهى :
فقه السيرة لفضيلة الشيخ محمد الغزالي- رحمه اللهفقه السيرة لفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
نرجو منكم الموافقة و الدعاء

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاك الله خيرا

مشروع رائع نحن ننتظر حلقاتك و خصوصامع سيرة خير الأنام محمد – صلى الله عليه وسلم –

2الوثنية تسود الحضارة القديمة
منذ هبط آدم وبنوه في الأرض، والناس أخلاط متنافرون، لا تستقيم بهم السبل يوماً إلاّ شردت أياماً.
لقد مرت على الدنيا قرون طوال قبل أن يظهرمحمد (صلَّى الله عليه وسلم) أفادت فيها علماً كثيراً، ووعت تجارب خطيرة، ونمت آداب وفنون، وشاعت فلسفات وأفكار.
ومع ذلك فقد غلب الطيش، واستحكم الزيغ، وسقطت أمم شتى دون المكانة المنشودة لها.
فماذا كان مصير الحضارات في مصر واليونان، وفي الهند والصين، وفي فارس وروما؟.
إن الوثنية الوضيعة اغتالتها؛ فأمسى الإنسان الذي استخلفه الله ليكون ملكا في السموات والأرض، أمسى عبداً مسخراً لأدنى شيء في السموات والأرض.
وماذا بعد أن تُقدَّس العجول والأبقار وتعبد الأخشاب والأحجار وتُطِبق شعوب بأسرها على هذه الخرافة؟
إن الوثنية هَوانٌ يأتي من داخل النفس لا من خارج الحياة، فكما يفرض المحزون كآبته على ما حوله، كذلك يفرض المرء الممسوخ صَغَار نفسه وغباء عقله على البيئة التي يحيا فيها، فيؤلَّه من جمادها وحيوانها ما يشاء.
ويوم يشرق الفكر الخامد، وتثوب إلى الإنسان معانيه الرفيعة، فإن هذه الإنعكاسات الوثنية تنزاح من تلقاء نفسها.
ومن ثَمَّ كان العمل الأول للدين داخل الإنسان نفسه، فلو ذبحت العجول المقدسة، ونكست الأصنام المرموقة، وبقيت النفس على ظلامها القديم، ما أجدى ذلك شيئاً! فيبحث العبَّاد المفجوعون عن آلهة أخرى غير ما فقدوا،
فلما جاء القرن السادس لميلاد عيسى عليه السلام؛ كانت منارات الهدى قد انطفأت في مشارق الأرض ومغاربها؛
فالمجوسية في فارس طليعة عنيدة للشرك الفاشي في الهند والصين، وبلاد العرب وسائر المجاهل..
والنصرانية التي تناوئ هذه الجبهة قبست أبرز مآثرها من خرافات الهنود والمصريين القدامى، فهي تجعل لله صاحبة وولداً؛ وتغري أتباعها في "روما" ومصر والقسطنطينية بلون من الإشراك أرقى مما ألف عبَّاد النيران وعبَّاد الأوثان، شرك مشوب بتوحيد يحارب شركاً محضاً!!!.
ولكن ما قيمة هذه النقائض التي جمعت النصرانية بين شتاتها؟
{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}.
ويظهر أن آصرة الشرك بين المجوسية والديانات السماوية المشوّهة هي التي جعلت هذه الأحزاب إلباً على المسلمين {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
وأي خير يرجى في أحضان وثنية كفرت بالعقل، ونسيت الله، ولانت في أيدي الدجّالين؟
لا غرابة إذا رفع الله عنها يده كما جاء في الحديث "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم؛ إلا بقايا من أهل الكتاب".
وهذه البقايا هي التي ظلت مستعصية على الشرك برغم طوفان الكفر الذي طمَّ البقاع والتلاع.
لقد عمّت الدنيا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيرة وبؤس، ناءت بهما الكواهل.
أتيتَ والناس فوضى لا تمر بهم ***إلا على صنم قد هام في صنم
فعاهل الروم يطغى في رعيته *** وعاهل الفرس من كِبْر أصم عَمي
حتى تأذن الله ليحسمنّ هذه الآثار، وليسوقن هدايته الكبرى إلى الأنام، فأرسل إلى الأمة محمداً عليه الصلاة والسلام.

الغرض من دراسة السيرة النبوية، أن يتصور المسلم الحقيقة الإسلامية فى مجموعها متجسدة فى حياته صلى الله عليه وسلم ، بعد أن فهمها مبادىء وقواعد و أحكام مجردة فى الذهن .
أى أن دراسة السيرة النبوية ، ليست سوى عمل تطبيقى يراد منه تجسيد الحقيقة الإسلامية كاملة ، فى مثلها الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم .

بسم الله الرحمن الرحيم
3 – طبيعة الإسلام والرسالة المحمدية الخاتمة
تمتاز بعثة محمد (صلَّى الله عليه وسلم) بأنها عامة ودائمة.
والله عز وجل عندما بعث محمداً عليه الصلاة والسلام لهداية العالم، ضمَّن رسالته الأصول التي تفتِّق للألباب منافذ المعرفة بما كان ويكون.
والقرآن الذي أنزله على قلبه هو كتاب من رب العالمين إلى كل حي، ليوجهه إلى الخير ويلهمه الرشد.
لم يكن محمد عليه الصلاة والسلام إماما لقبيل من الناس صلحوا بصلاحه، فلما انتهى ذهبوا معه في خبر كان، بل كان قوة من قوى الخير. وإن بعثته لتمثل مرحلة من مراحل التطور في الوجود الإنساني. ثم جاء الخطاب الإلهي إليه -عن طريق محمد (صلَّى الله عليه وسلم) يشرح له كيف يعيش في الأرض، وكيف يعود إلى السماء. فإذا بقي محمد (صلَّى الله عليه وسلم) أو ذهب فلن ينقص ذلك من جوهر رسالته. إن رسالته تفتيح الأعين والآذان، وتجلية البصائر والأذهان، وذلك مودع في تراثه الضخم من كتاب وسنة.
إنه لم يبعث ليجمع حول اسمه أناساً قلّوا أو كثروا؛ إنما بعث صلة بين الخلق والحق الذي يصحّ به وجودهم، والنور الذي يبصرون به غايتهم.
فمن عرف في حياته الحق كان له نور يمشي به في الناس فقد عرف محمداً (صلَّى الله عليه وسلم) واستظل بلوائه وإن لم ير شبحه أو يعش معه.
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
يمكننا بشكل عام تلخيص هذه مميزات وخصائص طبيعة الإسلام والرسالة المحمدية الخاتمة فيما يلي:
* الإنذار النهائي لكافة البشر بترك عبادة غير الله الواحد الخالق العظيم والإلتزام بالطاعة المطلقة له وحده وتنزيهه عن أن يكون له شبيه أو مثل أو ضد أو ولد أو أي صفة من صفات المخلوقات أو أي صفة لا تتناسب مع صفاته الإلهية المطلقة.
* الإنذار النهائي لكافة البشر بترك الشرور والإيذاء والإفساد والأثام حتی يستقيم الكون في صورة منتظمة متكاملة خيرة كما أرادها الخالق العظيم.
* كل من يستجيب للإنذارين الأولين ويعبد الله وحده ويطيعه وينزهه ولا يفسد ويقلع عن الشر والإسائة فإن الله يبشره بالمغفرة والرحمة وجنة عالية. وكل من لا يستجيب ولا يطيع ويُصر علی الشرك والمعصية والشر والإفساد والإسائة فإن الله يحذره ويهدده بالعذاب والخزي والهلاك في الدنيا وفي الأخرة بغضب الله وجهنم والنار خالداً فيها أبداً إلا من يرحمه الله. فالله إذن جنة ونار ، ونعيم وعذاب في الأخرة الأول للمؤمنين المطيعين الأخيار ، والثاني للكافرين المشركين العصاة الأشرار.
* إن الله إرتضی هذه الرسالة الخاتمة وهذا الدين الإسلامي لكل عباده من البشر
* إن يوم القيامة والبعث أتی لا ريب فيه ولا يعلم موعده إلا الله وبعده تبدأ الحياة الآخرة نعيماً كانت أم عذاباً…
* وقد حملت الرسالة الخاتمة تفاصيل كثيرة عن قصة بدء الخلق بآدم عليه السلام وحواء وغواية الشيطان لهما ثم نزولهم الی الأرض مبتلين مختبرين مخيرين وعن قصص الأنبياء والرسل بالتفصيل وبيان الحقيقة من التزييف الذي أدخله البشر بخيالتهم علی هذه القصص…وكذلك تفاصيل قصص أخری كثيرة كلها عظة وعبرة وفوائد لكي يستفيد الإنسان منها في حياته لأخرته.
* وضعت الرسالة القوانين الثابتة في كافة المجالات الحياتية إجتماعية وسياسية ومالية وعقائدية إلخ
*حملت الرسالة منهاجاً واضحاً شاملا ً للتربية والسلوك والأخلاقيات والتعاملات.
* حملت الرسالة علی الكفر والنفاق حملة كبيرة شعواء وهاجمت بشدة لم يسبق لها مثيل الكفار والمعاندين والمشركين والمنافقين والمفسدين والأشرار.
* أوضحت الرسالة بجلاء أن العلاقة التي يجب أن تحكم الإنسان بخالقه هی علاقة تقوم علی الإسلام الكامل لله والإستسلام له ولذلك سُميت الرسالة الخاتمة كلها "الإسلام"
* التركيز علی إفهام الإنسان بأن الله يعلم ما بداخله ويعلم سرائره ويعلم كل ما يعمل ويفعل ويضمر حتی ولو لم يعلمه الأخرين ولذا فهو مضطلع عليه في كل وقت مباشرة ولا يمكن الفرار أو الإختباء منه أو إخفاء شئ عنه ثم أن هناك ملكين مع كل إنسان مكلفين بإحصاء أعماله كلها في كتاب أحد الملكين يسجل حسنات الإنسان والأخر يحصي سيئاته وهما ملازمين له في كل مكان .
* أوضحت الرسالة بأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ولا يحملها ما لا طاقة لها به.
* الإسلام رساله الله إلی البشر أجميعن فقد قامت علی أساس هام جداً وهو المساواة التامة بين البشر أجمعين….
* أكدت الرسالة علی أهمية القرآن وسنة الرسول والأئمة من أهل بيته علی أنهما لب الرسالة وجوهرها وحامل محتواها فمن تمسك بهما وتفقه فيهما ودرسهما وفهمهما وتعبد بهما وأطاعهما فقد عرف حقيقة الرسالة .* الرسالة الخاتمة كل ٌ لا يتجزأ.
* أكد الله في الرسالة علی أهمية أن يتعارف الناس ويتعاونوا وأن يتأخوا وأن ينبذوا الصراع .
* أوضح الله أنه سيحكم بين العباد والخلق فيما كانوا فيه يختلفون في يوم الحساب وسيرد حق المظلومين ويقتص من الظالمين في ذلك اليوم
* بُني الجزء التعبدي فيها علی خمسة أركان أو قواعد هامة جداً…أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله. وثانيها هو إقامة الصلوات وثالثها هو إيتاء الزكاة. ورابعها هو الصيام في شهر رمضان وخامسها الحج إلی بيت الله الحرام في مكة…
* تميزت الرسالة تحريم المعاملات الربوية بكافة صورها وأشكالها .
* دعت الرسالة بوضوح إلی العلم والتعلم وحضت عليه.
*أمر الله المسلمين بأن يحملوا هذه الرسالة الخاتمة ويبلغوها لكل البشر لأنها ملك لكل البشر.
* ركزت الرسالة علی أهمية العمل في حياة الإنسان .
عمل الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يقذف في ضميرك البصر الذي ترى به الحق. ووسيلته إلى ذلك كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه مُيَسر للذكر،محفوظ من الزيغ. وذاك سرّ الخلود في رسالته.
فلننظر كيف عالج الرسول عليه الصلاة والسلام البيئة التي ظهر فيها على ضوء هذه الطبيعة المفروضة في رسالته، ولننظر قبل ذلك إلى أحوال هذه البيئة نفسها في الحلقة القادمة ان شاء الله.

جزاكم الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.