السحر القادم من الغرب
عندما تزورها للمرة الأولى لا يمكنك الا أن تصاب بما يمكن وصفه بالإبهار··· فعاصمة الزيانيين تملك كل ما يجعلها قادرة على أن تبهر وتشد عقلك وقلبك حتى ولو كنت قد زرت قبلها واشنطن وطوكيو وسيدني!·· وحينما تغادر هذه المدينة "الاستثنائية" إثر زيارتك الأولى لها تدور في خلدك عدة أفكار ورغبة واحدة ملخصها أنك ترغب في العودة لزيارتها للمرة الثانية والثالثة·· والألف!
روبورتاج: الشيخ بن خليفة
لم نكن نتصور ونحن ندخل تلمسان من مطارها، "زناتة مصالي الحاج" أن "الصحراء القاحلة" التي تحيط با لمطار ليست أكثر من لوحة طبيعية طارئة على عاصمة بني زيان، وأن الأصل في تلمسان أنها روضة من رياض الجزائر، فما إن سارت بنا الحافلة بضعة كيلومترات حتى جعلتنا أشجار الزيتون المصطفة على حافتي الطريق نعيد النظر في نظرتنا "الصحراوية" التي ارتسمت في أذهاننا ونحن بالمطار·
الحضارة تتحدث
التلمسانيون إجمالا قوم لا يمكنك الا أن تحترمهم، وعندما تتحدث إليهم تشعر بأنك تتحدث الى قوم يدركون جيدا أنهم أبناء منطقة ينطق كل شبر فيها با لتاريخ والحضارة·
وليس من قبيل المبالغة القول بأنه في تلمسان لا يحتاج التلمسانيون إلى الحديث عن تاريخ مدينتهم، وإنما حضارتها هي من يتحدث·
ومن سيدي بومدين الى المنصورة·· ومن المنصورة الى باب القرمادي، ومن باب القرماديين الى المسجد الكبير، ومن المسجد الكبير الى قلعة المشور·· عبر هذه الأماكن و الرموز التاريخية، وغيرها تجد نفسك في رحلة عبر التاريخ·
وليس صدفة أن يقترن إسم مدينة تلمسان بالزيانيين، فالفضل الكبير يعود لها فيما هي عليه اليوم، وبفضلهم أصبحت هذه المدينة مجموعة من المعالم التي تستقطب السياح من كل بقاع المأمورة·
غير أن الزيانيين ليسوا أول من سكن تلمسان، وبالتأكيد لسيوا الوحيدين وقد أسسها الرومان سنة 222 بعد الميلاد، واكتمل بناؤها سنة 235 وسموها "بوماريا" ومعناها المراعي، وظلت تحت سلطتهم الى غاية أن فتحها المسلمون في ثمانينات القرن السابع الميلادي (بين 680 و686) فأسموها "الجدار" لأنها كانت محصنة جدا·
وتراوح وضع أغادير (أحد أسماء تلمسان القديمة) بين التقهقر والتطور، ووصلها في هذه الفترة الرستميون والفاطميون، وفي القرن الحادي عشر جاءها المرابطومن من أدغال افريقيا (قبائل السنيغال وموريتانيا)·
وكان هذا القرن، الحادي عشر، قرن أمجاد تلمسان، فمنها انطلق " القائد" يوسف بن تاشفين ليوحد المغرب العربي من إسبانيا (سراقوسة) شمالا الى نواقشط جنوبا الى ليبيا شرقا مشكلا "الامبراطورية التاشفينية" التي ما تزال إنجازاتها عليها الى يومنا هذا·
فرنسا·· يا فرنسا!
مجد الامبراطورية التاشفينية استمر شامخا بلتمسان حتى بعد مجيء الأتراك وامتداد الامبراطورية العثمانية لتظلل بمظلتها عاصمة الزيانيين (1518م) غير أنه كاد أن يتحول الى سراب عندما جاءت فرنسا الاستدمارية بجيوشها، و"اغتصبت" تلمسان بعد مقاومة شديدة في بداية أربعينيات القرن التاسع عشر·
وعندما تجلس الى تلمساني يعرف تاريخ مدينتة لا يمكنك أن تغلي الاستعمار و"أبو الاستعمار" وتشعر بالسخرية من قانون 23 فيفري 2024 الذي أصدرته الجمعية الوطنية الفرنسية ويتحدث عن "جوانب إيجابية" للإستعمار الفرنسي·
ولما كانت "المدرسة التاشفينية" (انتهى بناؤها سنة 1090) إحدى أبرز روائع حضارة بنوتاشفين، حيث كان تحفة فنية ليس لها نظير، وكان مزخرفة بشمسيات زجاجية يتغير لونها تبعا لساعات النهار، فإن الاستدمار الفرسني أبى الا أن تزول من الوجود، وكان له ذلك ففي عهد الجنرال كلوزال صدر "أمر التهديم"·
ولأن الذين بنوا المدرسة التاشفينية، لم يكونوا "مقاولين غشاشين" فإن عملية تهديمها استغرقت ثلاثين سنة كاملة (1834 – 1873) وقال لنا أحد التلمسانيين العارفين أن جنود كلوزال كانوا يذرفون الدموع وهم ينفذون أمر التهديم، حزنا على تحفة معمارية لم ترسمها يد رسام ولا خطرت على بال جنرالات فرنسا الذي يتحدث البرلمان الفرنسي على دورهم الايجابي في شمال إفريقيا!
الأمير عبد القادر يهجو تلمسان!
يجهل كثيرون أن الأمير عبد القادر قد أقام في مدينة تلمسان فترة غير قصيرة خلال مقاومته للاستعمار، حيث اضطر الى "الهرب" إليها، والتحصن بقلعة المشور، غير أنه تعرض للوشاية التي جعلته يخسر ألفا (1000) من جنوده خلال معركة سكاك·
وقليلون فقط، يعرفون أن الأمير عبد القادر، الذي اضطر بعد هذه المعركة الى الاستسلام، لم يتردد في هجاء هذه المدينة التي وشى به أهلها ويعتبر أحد التلمسانيين الذين يحفظون بعض ما قاله فيها، فإن الأمير عبد القادر "معذور" في موقفه الغاضب من تلمسان فهو لم ير " الخير" من أهلها الذين وقعوا شهادة وفاة "المقاومة القادرية" التي ولدت بمعسكر ودفنت في عاصمة الزيانيين·
وبكل "برودة دم" تلى أحد أبناء هذه المدينة المضيافة على مسامعنا مطلع القصيدة الدارجة التي نظمها الأمير عبد القادر يهجو بها تلمسان والذي يقول فيه :"تلمسان بلاد الهم والسم·· وفيها شربت الدم·· واللي ما آمنيش يسكن ثم"!
ورغم هذه الحساسية التاريخية، فإنه قلما تجد في تلمسان من لا يذكر "أميرنا" بخير، بل بلغ احتفاؤهم بذكراه أنهم مازالوا يحتفظون بسهم من سهامه الذي أطلقه على أحد جند العدو فاستقر في أعلى جدار في أحد أحياء المدينة القديمة "تذكارا" من مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، والسهم المذكور مايزال مغروزا في جداره يقاوم النسيان·
"الجدار" تتحدى العولمة
تلمسان أو "الجدار" كما سماها المسلمون الذين أبهرتهم حصونها عندما فتحوها مثلما سماها المرابطون أغادير (القلعة المحمية) ما زالت تحتفظ بكثير من عبق الماضي·· حتى أن زائرها يشعر، وهو يتجول ببعض أحيائها كما لو أنه في القرن الحادي عشر للميلاد·
أحياء تلمسان القديمة ما زالت كثير من بناياتها على ماهي عليه، وتلمسانيو 2024 لا يجدون أي حرجا في الإقامة داخل بيوت مبنية في سنة 1000 بل يجدون في ذلك كثيرا من بواعث الفخر·
الأكثر من ذلك مازالت تلك الأحياء حافظة على تسمياتها القديمة التي يعود بعضها الى القرن الحادي عشر، فما زال حي اليهود يسمى "درب اليهود" وما زال هناك في الرحيبة درب"السنسلة" ودرب " الفخارين" و"باب الجيدا" وهي أحياء تشبه كثيرا منها حي القصبة بالجزائر العاصمة·· وبالقرب من "درب السنسلة"حكى لنا تلمساني قصة طريفة يقال أنها سبب تسمية هذا الحي بهذه التسمية، وملخصها أن أحد أثرياء الحي، كان وبمجرد عودته من المسجد إثر أداء صلاة الظهر يضع سلسلة حديدية على طرفي "الزنقة" منعا لأي حركة، حتى لا يزعجه أحد خلال فترة قيلولته التي تستمر الى غاية آذان العصر، إذ يقوم "صاحبنا" بإعادة "فتح الطريق" أمام المارين في طريقه الى أداء الصلاة!
ورغم أن مئات الآلاف من التلماسيين يقيمون في بيوت "آثرية" يمكن اعتبارها "كنوزا عمرانية"فإن قليلين فقط يقدرون قيمة هذه الكنور، وقد ذكر لنا أحدهم أن إحدى هذه المنازل "الآثرية" الواقعة بحي باريس، القريب من وسط مدينة تلمسان، قد تم بيعه بـ 55 مليون سنتيم، والأسوأ من ذلك أن الشخص الذي اشتراه ينوي أن يهدمه ويقيم مكانه فيلا، قد تباع يوما بالملايير!
جمال ساحر وتقاليد متوارثة
عندما تتجول في شوارع تلمسان تتأكد من أن القائلين بأن تلمسان هي مدينة الجمال الساحر لم يبالغوا في وصفهم هذا، فما إن ترى" تلمسانية" حتى ينسيك جمالها التلمسانية التي رأيتها قبلها·
أثناء سيرنا في أزقة تلمسان، كان المصور -مثلي تماما- مأخوذا بالجمال التلمساني، وكان يردد بين الفينة والأخرى "الله يبارك"، وكان مرافقنا ابن تلمسان الوحيد "غير المبهور" وبعد مدة قال ساخرا" أين هو الجمال؟ حتى الآن لم أر فتاة جميلة!·· قال ذلك في الوقت الذي كنت وا لمصور نبحث عن فتاة غير جميلة!
انتهزنا فرصة الحديث عن جمال تلمسان لسؤال محدثنا عن سر غلاء المهور التي تشتهر بها مدينته، فرد الأمر الى سببين أساسيين، أولهما جمال الفتاة التلمسانية وعفتها وثانيهما: أصلها الشريف·
وأوضح مرافقنا أن الزواج بتلمسانية أصبح يكلف ما لا يقل عن 50 مليون سنتيم، منها بين 10 و15 مليون مهرا، والباقي عبارة عن مجهودات وجهاز العروس وأشياء أخرى ولهذا السبب ما زال "على قيد العزوبية رغم أنه تجاوز الثلاثين·
التلمسانيون لم يتوارثوا تقاليد الزواج فقط، إنما كذلك التقاليد الأخرى، ورغم بعض مظاهر "التعولم" التي غزت تلمسان وما رافقها من عري ودعارة، فإنك عندما تتجول في هذه المدينة "تفرح" وأنت تشاهد صاحبات "الحايك" و"الجلابة" المحتشمات، وأصحاب "العباءات" المغربية·
المؤكد أن الحديث عن تلمسان لا يمكن أن يستوعبه روبورتاج ولا إثنان ولا حتى ألف، فهذه المدينة لا يكفي أن تزورها مرة لتعرف عنها كل شيء، ولكنك ستعرف بالتأكيد أنها مدينة ساحرة، بل إنها السحر نفسه، السحر القادم من الغرب·
منقول……..بحب تلمسان
و الله نحبها
بارك الله فيك
نعم تلمسان الحضارة والتاريخ
فتحية الى اهلها الطيبين
وبارك الله فيك
تلمسان مدينة رائعة
والله بلادي كامله مليحه وزينه وتلمسان زهرة من زهورها وانصح كل زائر لولاية تلمسان مينساش يعدي علي لالة ستي ويشوف بني عاد والكاسكاد نتع الوريط يااااااه وشا نحكي واش نخلي تلمسان رائعه وناسها ارع
مشكووووووووووووووووووووووووور