إن ما يميز حياة البدو هوعدم الإستقرار بالمكان، فالبداوة والتّرحال هما من وسائل استغلال المكان والفضاءات الواسعة مثل الصحراء.
ذلك أن الموارد التي يتعاملون معها في حياتهم ومعيشتهم تتحرك وتتغيرفي الزّمان والمكان، إنهم يتعاملون مع الحيوان الذي يتحرك ويتنقل في المكان، ومع النبات الذي يتغير في الزّمان، لذلك كانت تربية المواشي هي مصدر رزقهم الوحيد في هذه الفترة.فكان الهدف من رحيلهم البحث على المراعي الجديدة للمواشي، وعلى مصادر الماء.
فتطلب ذلك مسكنا قابلا بدوره للحركة والإنتقال. ومن هنا جاءت أهمية الخيمة التي تحقق للبدو التّكيف مع هذا النمط من الحياة، فهي أهم أداة تلائم حياة التنقل والترحال، والتحرك في فضاء واسع، الأمر الذي أثّر في نفسية الإنسان البدوي، فهو بطبيعته لا يعرف الحدود لأنه مولود داخل بيت متحرك أولا وبلا جدران ثانيا؛ فكانت بذلك سيكولوجيته تنحو إلى غياب التنظيم والفوضوية والدّوس على كل ما يعني الاستقرار والجمود.
وقد صنعت الخيمة شخصية البدو وأثرت في عقليتهم وارتبطت بكل مناحي حياتهم؛ فهي تمثل شهادة حية على هوية الجماعة البدوية، بحيث تعتبر الأكثر رمزية وتعبيرا عن الأصالة والهويّـة الجزائريّـة فأصبحت مرجعا أساسيا لأهم المعاني والعبارات الوصفية في حياتهم اليوميّة؛ فمن أقوى مظاهر ارتباط أهالي ولاية النعامة بالخيمة أنهم نقلوها من ماهيتها المادية الملموسة، إلى قيمة معنوية مجرّدة. بحيث صارت الخيمة ترادف مفهوم الأسرة. فإذا أراد أحدهم أن يسأل أخاه عن أسرته، يقول له كيف حال الخيمة بمعنى الأسرة، لأنهم لا يتصورون الأهل إلا في الخيام، ولا يتمتعون بالأنس والألفة إلا فيها. فنقول "خَيْمَةُ فُلاَنْ" إشارة إلى زوجته ونسله. "رَجَلْ بْلاَ خَيْمَة"، هو رجل أعزب لم يتزوج بعد، أو أرمل. وقد يقال "فلاَن ولد خَيمةْ كبيرَةْ" وذلك دلالة على نبله وكرمه وسمو أخلاقه.
ومن أهم قيم فضاء الخيمة ورموزها أنها رمز للحرمة والحياء والحشمة. فهي تضمّ الحريم، وتحتوي أسرار الأسرة و أهم مقومات حياتها.
أمّا بناية الخيمة وإصلاحها فمن وظيفة المرأة البدوية، فهي التي تنسج قطعها، وهي التي تنصبهاغالباً، دون الحاجة إلى من يساعدها في القيام بهذه المهمة.
حيث تشد الخيمة إلى الأرض بأوتاد عبر حبال ثمانية تسمى "الٍخْوالفْ والظهرَه"ْ بواسطة حلقات مثلثة مفتوحة تسمى "الخراب" غالبا ماتصنع من شجر العوسج (السدرة)، ثم يتم رفعها بواسطة أعمدة خشبية على شكل مثلث لمقاومة الرياح، ومنع تسرب مياه الامطار، مع مراعاة زوايا الميل الخاصة بالخيمة، ففي فصل الصيف تزيد زاوية الميل فتسمح بدخول تيارات هوائية لتعطي انتعاشا وبرودة لمن بالداخل و تفتح جهتا الخيمة، أما في الشتاء فتنصب الخيمة في سفح الجبل للوقاية به من الرياح الشديدة، و تحاط بسواقي تسمى "الوني" تبعد مياه الأمطار إلى الأسفل.
تقسم الخيمه الى قسمين القسم الأول للسكن ، أما القسم الثاني فهو مرتب بشكل يسمح باستقبال الضيوف وإطعام الوافدين وإيواء النازلين دون ضجر أو إزعاج في جو يطبعه الإنسجام والبساطة التي تعكس المروءة والكرم والجاه. وتفرش بأفرشة صوفية تسمى فراش الخملة و الذي يغلب عليه اللونان الأحمر و الأسود، وقد نتبين المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية للشخص من خلال حجم خيمته ووضعها داخل ترتيب بقية الخيام.
تغزل الخيمة من الصّوف وشعر الماعز، فشعر الماعز يمنع تسرب مياه الأمطار إلى داخل الخيمة، أما الصّوف فيحافظ على الحرارة داخل الخيمة.
الوحدة الأساسية في صناعة الخيمة هي "الفليج" (جمع فِلْجَهْ) وهو قطعة منسوجة تكون على طول الخيمة عرضه لايفوق الذراع أي 50 سم، تقوم المرأة بنسجها عبر مراحل دقيقة يمر بها الشعر منذ إزالته من فوق ظهور الشياه إلى أن يصبح خيمة تأوي الأسرة وتحمي ممتلكاتها.
ومن أهم ملحقات الخيمة:
"الطّريڤَة" وهي قطعة النّسيج الموجودة عند المدخل الواجهة تخاط على طول الخيمة وعرضها لايفوق 20 سم وتحمل زخرفة هندسية الشّكل.
"الحيَال" قطعة من النسيج الخفيف على شكل ستار يفصل جهة النساء عن جهة الرجال .
"المَلطمَة" وهي تتكون من 4 فلجات تدار في واجهة الخيمة , تبنى على شكل دائري وتستعمل كمطبخ.
"القُنطَاسْ" وهو قطعة من الخشب الصلب توضع وسط الخيمة لرفعها وأخذ شكلها الحقيقي. وللحفاظ على الخيمة من التمزق .
"الطّْوَارفْ" قطعة من الحبل مصنوعة من شعر الماعز, ثتبت الخيمة من كل أطرافها.
"الستَار" يتكون من 4 فلجات يخيط ظهر الخيمة يطرح في الشتاء ويرفع في الصيف.
ترتفع البيت الخيمة عن الأرض بأعمدة خشبية وهي:
"الرّكيزة الأسَاسيّة" و هي العمود الأطول يتوسط الخيمة بحيث يرفعها على شكل هرمي على رأسه "الڤنطاس ".
"الأعمدَة" قطع خشبية قصيرة لا تتجاوز طولها المترين لرفع الستار والفليج.
"الرْكَــأيـز" خشبتان طويلتان تتركز عليهما الخيمة في الوسط تحملان القنطاس.
عقون أحمد
تيوت. ولاية النعامة