الخمس المهمة .,.,. لِـ بلوغ القمة
وقفة
إني ابتليت بأربع ما سلّطوا : إلا لأجل شقاوتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى : كيف السبيل وكلهم أعدائي
أولاً :- {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ } الزمر 2
إخلاص العبادة لله وحده تعالى دون غيره هو حقيقة الدين
قال تعالى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)البينة5
و قال عز وجل :- (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) الزمر (11) .
والإخلاص :- مفتاح دعوة المرسلين عليهم السلام
وأعظم الأصول التي جاؤوا بها كما قال سبحانه وتعالى :-
(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل ( 36 ) .
وهو رأس أعمال القلوب التي هي أجل أعمال العبد وأعظمها قدراً ..
ثانياً :- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ….}المائدة105
لن تبلغ القمة حتى تصلح الهمة , وصلاح الهمة مرتبط بصلاح النفس
وصلاح نفسك صلاح لمجتمعك .
وصلاح النفس موقوف على لزوم طاعة الله عز وجل فطاعة
نبيه عليه الصلاة والسلام واجتناب ما نهى عنه من توجيهات الرب سبحانه
وتعالى قوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ
مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) المائدة 105
يقول أبن كثير في تفسير هذه الآية
" إن الله تعالى أمر عباده المؤمنين أن يصلحوا أنفسهم ويفعلوا الخير
بجهدهم وطاقتهم ومخبراً لهم أنه من أصلح أمره لا يغيره فساد
من فسد من الناس سواء كان قريباً منه أو بعيداً " .
ثالثاً :- {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ .. }البقرة148
إن وجودك في هذه الحياة يتطلب منك النهوض فوراً للاستعداد
والتفكير المستمر في كيفية النجاة من حبائل الغواية والتيهه
وأن تكون سباقاً لكل خير , مقداماً في كل معروف , واعلم بأنك في سباق مع
نفسك ومع وقتك ومع عملك
ولا بد من أن (تكون ) أو ( لا تكون )
وسترى إما أن تعيش مكرم الهوية أو في هوان الهاوية .
رابعاً : – { وقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً … } البقرة83
هذا الرافد المهم , والمساند القوي , والركن الشديد – حسن الخلق –
" هو الصفة السامية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى
فهي تطهر صاحبها من آفات اللسان والجنان وترتقي
به إلى مراتب الإحسان مع خالقه ومع سائر الناس
قال عبد الله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخلق :-
هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى
وقال الواسطي :
هو أن لا يُخاصَم ولا يُخاصِم من شدة معرفته بالله تعالى
وقال أيضاً هو إرضاء الخالق في السراء والضراء
وقال سهل :-
أدنى حسن الخلق الاحتمال وترك المكافأة والرحمة للظالم
والاستغفار له والشفقة عليه "
إن من علو الهمة وانتهاض العزائم أن يتحلى المؤمن بجميل الأخلاق
وعزيز الصفات , التي أرشد إليها ديننا الحنيف .
وكيف لا يكون حسن الخلق من أصحاب الهمم السامية
وقد تكرم الرب الكريم وهو الغني الحميد ببيت في أعلى الجنة
لمن حسن خلقه فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : –
"أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا
وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا
وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه "
رواه أبو داود وصححه الألباني
خامساً :- { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ….}الأنعام90
إنهم أولئك الرجال الذين صنعوا مجد أمتهم بهممهم الصادقة
وعزائمهم المتوثبة , واستطاعوا أن يسطروا مقالات وقصص كتبت
حروفها بدم التضحية ودمع الولاء وعرق البطولات
فلله درهم بهممهم تلك لا زالوا يعيشون بيننا رغم أنهم عادوا تراب .
وبصدقهم لا زلنا نماري بهم المجالس والمجامع والمنتديات رغم ما بيننا وبينهم من أزمنة .
وبولائهم لربهم ها نحن نقتطف من بساتينهم بعضاً من الورود الفواحة بعبق التاريخ المجيد والأيام الخالدة , ولكن قبل أن أدلف بكم أبواب تلك البساتين فإني أدعوكم
أن تنهضوا أنتم بكل ما تحمله قلوبكم من همم لكي نحاكي تفوقهم
ونتمثل بسيرهم , وأن نقتدي بخطاهم
فالله تعالى يقول{ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ.}
الأنعام90
أبو بكر الصديق رضي الله عنه لو لم يكن له سوى أنه الصديق
المبادر مع صاحبه عليه الصلاة والسلام , وأنه أسبق الرجال إلى دين الإسلام
لكفته أن يكون خير الناس جميعاً بعد الأنبياء والرسل
وعمر الذي وافقه القرآن الكريم في مواضع عدة
وهو أعلم الصحابة وأزهدهم , لا تأخذه في الله لومة لائم
وعثمان من أول المهاجرين بأهله
وأحد الستة الذين توفى عنهم صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض
وعلي أول من أسلم من الصبيان , شهد كل المشاهد
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عدا تبوك وعبد الرحمن بن عوف
يتصدق بألف بعير , كل بعير عليه حمله على الفقراء والمحتاجين والمعوزين
وزيد بن ثابت ينجح في تأسيس علم الفرائض
وعبد الله بن حرام يوجد في جسمه أكثر من ثمانين طعنة في سبيل الله فيكلمه
الله كفاحاً وتظله الملائكة ومعاذ أعلم الأئمة بالحلال والحرام
يسبق العلماء يوم القيامة برتوة , وأبو هريرة يبدع في رواية
حديث حبيبه عليه الصلاة والسلام فيبلغ مجموع ما روى أكثر من
خمسة آلاف حديثاً , وسلمان يخطب في عباءة يفترش بعضها
ويلبس بعضها وهو أمير على ثلاثين ألف رجل من المسلمين
وهذا عبد الله بن مسعود يقول عن نفسه " والله الذي لا إله إلا هو
ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت
وأعلم فيمن نزلت ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني
تناله المطيّ لأتيته
وعائشة رضي الله عنها تستقبل الجموع من طالبي العلم
وتلقن العلوم , وتخبر عن حياة زوجها محمد صلى
الله عليه وسلم في بيته , وهديه مع زوجاته
وابن عباس رضي الله عنهما يقسم مجلسة على طلابه
فتارة للقرآن وتارة للسنة , وتارة للغة , وتارة للفقه …..
همسات
هيا إلى مراقي العلو , ومحال السمو , وقمم العزة , وأماكن المجد .
هيا إلى الصفوف الأولى , والمراكز المتقدمة , والمرابع المسيطرة .
هيا إلى مقارعة العظماء , ومحاكاة العلماء , ومنافسة الأولياء .
هيا إلى مجد يخلدنا , وعلم يسطرنا , وجهاد يشرفنا .
هيا إلى لذائد السهر , ونعائم التعب , ومراتع الجهد .
من كتاب
القمم يا أهل الهمم
بوركت أخي على ما نقلته لنا و أفادك الله بما أفتنا
جعله الله في ميزان حسناتك