بسم الله الرحمن الرحيم
أكرر على أسماعكم بشرى الحبيب صلي الله عليه وسلم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم {سَأَلْتُ رَبِّي ثَلاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَيْنِ وَلَمْ يُعْطِنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لا يَقْتُلَ أُمَّتِي بِسَنَةِ جُوعٍ فَيَهْلَكُوا فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِي وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِي}[1]
وهذا ما نراه حادثا الآن كل المشاكل التي في ديارنا وبلادنا ما سببها؟ إخواننا مع إخواننا , المسلمين مع المسلمين، المصريين مع المصريين ، هذا ينتسب إلى حزب وهذا ينتسب إلى حزب آخر وهذا ينتسب إلى جبهة وهذا ينتسب إلى فئة لكنهم في النهاية أهل وطن واحد وبلد واحد ومعظمهم أهل دين واحد وهو دين الإسلام
لِمَ الخلاف؟ للوصول إلى المناصب للحصول على المكاسب والذين يريدون الحصول على المناصب والوصول إلى المكاسب لا يهتمون بأمر الرعية إن جاعوا فلا يهمهم شأنهم أو تعروا فلا ينشغلوا بتغطيتهم أو ساءت الأحوال فلا يهتموا بأمرهم كل ما يهتمون به تحقيق مصالحهم الذاتية ومآربهم الشخصية
وهذا هو البلاء الذي وقعنا فيه الآن وليس لهذا البلاء من كاشفة إلا أن يجتمعوا على رأي واحد ويتحدوا على فكر واحد ويختاروا فئة منهم أو واحداً منهم ويختار جماعة منهم يتفقون على العمل لله لصالح هذا البلد ولخدمة الفقراء والمساكين وينحون أمر الجماعات والأحزاب جانباً قاتل الله الأحزاب وليستمعوا إلى قول الله {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} الأنعام159
ليتهم ينتهجون نهج أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما انتقل الرسول صلي الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى واجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليختاروا واحداً منهم يخلف رسول الله وسمع بذلك المهاجرين
سار أبو بكر وعمر وأبو عبيدة رضي الله عنهم إلى السقيفة ورأى أبو بكر بما معه من نور الله ما يدور في نفوس الأنصار فأطفأ هذه النار وقال: يا معشر الأنصار أنتم الوزراء ونحن الأمراء قالوا: رضينا يا أبا بكر يريدون أن يكون لهم شيء فأعطاهم (أنتم الوزراء ونحن الأمراء)
ثم قال في فناء عن نفسه وعن مجده الشخصي: يا قوم بايعوا أبو عبيدة فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ}[2]
وقال أبو عبيدة: كيف أتولى وأنت فينا وأنت الذي أمرك الرسول أن تخلفه في الصلاة عند مرضه وأنت صاحبه في الغار وأنت صديقه في كلام السماء؟ فقال أبو بكر: بايعوا عمر بن الخطاب فإني سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول
{قَدْ كَانَ فِيمَا خَلا قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ }[3]
ويقول {مَا سَلَكَ عُمَرُ وَادِيًا قَطُّ فَسَلَكَهُ الشَّيْطَانُ}[4]
فقال عمر رض الله عنه : ويل لعمر وأم عمر إن تولى الخلافة على أبي بكر – كانوا يتدافعونها – واتفقوا على أبي بكر وخرجوا وأمرهم جميع لم يهاجموا بعض ولم يشنعوا على بعض في الفضائيات أو يتهموا بعضاً بالمخازي والفضائح ويرفعون الجنح والجرائم الكبرى على بعضهم في المحاكم والجنايات لأن هذا ليس من أخلاق الإسلام ولا من تعاليم المسلمين
نحتاج في هذه الآونة يا أحباب الله ورسوله إلى أن نقضي على هذه الفتنة ولا نزكيها فلا تجلس مع أخ لك أو قريب لك أو صديق لك وتجادل عن حزب وتدخل معه في خصومة أو تدخل معه في جدال لأن الجدال دائماً وأبداً يوغر الصدور ويورث السخائم في النفوس ولماذا نجادل عن هذا وذاك؟ نحن جميعا إخوة جعلنا الله في كتاب الله إخوة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الحجرات10
وكل ما نبغيه نريد فئة تؤمن بالله وتخش الله وتتقيه تمسك أمور هذه البلاد وترعى مصالح الفقراء والمساكين إن كانوا من هذا الحزب أو ذاك المهم أنهم يسعون لمصالح العباد ولمنافع البلاد
فلم نكبد أنفسنا المشقة البالغة ونتقاتل في القرى؟ ونتحزب في المدن ونتنافس في كل مكان ونصارع أنفسنا ونجالد بشدة مع أن هذا أمر لا ينبغي أن يكون بين أهل الإيمان؟ نريد أن نعمل جميعا بقول الله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} آل عمران103
أنا أقول ذلك لأني رأيت إخواني المسلمين في كل البلاد مشغولين بهذه السفاسف لا حديث لهم إلا في هذا الكلام ولا يقطعون الليل في قراءة القرآن أو ذكر الله أو الصلاة لله ولكن في مشاهدة البرامج التي نعلمها جميعاً والتي تمتلئ بالسب على فلان والتنقيص من قدر فلان والاختصام لفلان والانتصار لفلان
أمور تشتت الأذهان وتشتت البال وتجعل المسلمين أجمعين في نكال ووبال على الدوام نريد أن نقضي على هذه الإحن وعلى هذه الفتن وندعو الجميع إلى الألفة والمودة والمحبة ونتفق على رأي جميع قبل أن يضيع هذا البلد من بيننا ونحن حضور فيه كيف يكون حالنا إذا سقط هذا البلد؟
[1] مسند الإمام أحمد عن معاذ بن جبل
[2] الصحيحين البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد عن أنس
[3] رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة
[4] الشريعة للآجري وتاريخ دمشق لابن عساكر عن أنس