تخطى إلى المحتوى

الحروف العربية 2024.

  • بواسطة

الحروف العربية



الحروف العربية

الحروف العربية حاول كثير من الكتاب والأدباء العرب أن يحددوا أصولها، وأصول اللغة العربية نفسها إلا أنهم لم يصلوا إلى رأي جازم. ومن هؤلاء ابن النديم محمد ابن إسحاق مؤلف الفهرست ، وأبوالعباس أحمد القلقشندي، صاحب كتاب صُبح الأعشى ، وابن خلدون صاحب المقدمة ، وابن عبدربه مؤلف العقد الفريد ، وغيرهم.غير أن أغلب هؤلاء قد كتبوا عن الحروف العربية، وعن نشأة اللغة كتابات أدبية، فذهبوا إلى أن هذه الحروف، وهذه اللغة العربية، كلها مما علّمه الله تعالى آدم مع ما علمه من لغات أخرى. وانتهت اللغة العربية إلى نبي الله إسماعيل عليه السلام وهو أبو العرب المستعربة التي كانت منها قريش، وهو أول من تكلم بالعربية ونقلها عنه بنوه. وقد انتشر هذا الاعتقاد بين العامة والخاصة من العرب. ولكنا نجد عددًا غير قليل من الكُتاب يرفضون أن تكون اللغة قد تعلمها آدم بحروفها وصورها. وعلى رأس هؤلاء ابن خلدون الذي ذكر في مقدمته أن الخط صناعة من الصنائع، لجأ إليها الإنسان لحاجته لها. وقد استخدمتها كل شعوب الأرض عندما استقرت وعرفت العمران.

كانت للعرب صلات قديمة مع الشام واليمن في رحلتي الشتاء والصيف. ولهذا انقسم الناس إلى قسمين عندما حاولوا تحديد أصل الحرف العربي: فقسم يرى أن أصل الحرف العربي مشتق من لغة أهل الحيرة في الشمال، وقسم آخر يرى أن أصل الحرف العربي مأخوذ من حمير بالجنوب. وتُسهب المراجع العربية القديمة في توضيح الطريقة التي تكونت بها اللغة العربية. فيذكر الذين يرون أن أصل العربية من الحيرة، أن جماعة من العرب ويحددون أسماءهم قد اجتمعوا وقاسوا هجاء اللغة العربية على هجاء السريانية، وتعلمها منهم أناس من أهل الأنبار، وانتقلت منهم لأهل الحيرة. ووصلت إلى مكة عن طريق الأكيدر صاحب دُومة الجندل الذي علّمها لسفيان بن أمية بن عبدشمس، ولأبي قيس بن عبدمناف بن زهرة. وانتشرت بعد ذلك في بلاد الحجاز ومصر والشام. أما الجماعة الثانية، وهي التي ترى أن منشأ العربية كان في اليمن فأشهرهم ابن خلدون الذي يرى أن الخط قد انتقل من اليمن إلى الحيرة، ومن الحيرة إلى الطائف وقريش. وأمام هذا التضارب، لم يكن هناك بدّ من أن يبحث العلماء المحدثون عن أدلّة دامغة لتحديد هذا الموضوع. وقد بحث عدد من العلماء العرب، وغير العرب في هذا الموضوع ولجأوا إلى النقوش القديمة، والمخطوطات، فتوصل الكثيرون منهم بأن الخط النبطي هو أصل الخط العربي، ومن أمثلته نقش النَّمارة المشهور الموجود حاليًا بمتحف اللوفر في باريس، وهو نقش لامرئ القيس بن عمرو. ويُلاحظ في هذا النقش أن بعض الحروف العربية لها صور غريبة: فالألف كانت في صورة الواو المقلوبة، والواو في شكل الرقم تسعة (9)، والدال كان يأخذ شكل الرقم سبعة (7) لكن يضاف له خط رأسي أسفله يجعله يبدو كفرع الشجرة؛ أو كالحرف (y) في اللغة الإنجليزية. واستمر هذا الخط النبطي مستخدمًا لفترة تربو على ثلاثة قرون حتى بعد أن زالت المملكة النبطية التي كانت عاصمتها البتراء. ومما يدل على ذلك وجود آثار لهذا الخط يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي، رغم أن المملكة النبطية قد زالت في بداية القرن الثاني الميلادي. وتُثبت المراجع المختلفة أن شكل الحرف العربي في الشمال (الشام) قد مر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى: هي تلك التي كانت تُستخدم فيها الحروف الآرامية التي كانت أشكال الحروف فيها تميل إلى التربيع. والمرحلة الثانية: تتمثل في الانتقال من الخط الآرامي المربّع إلى الخط النبطي، أما المرحلة الثالثة: فتـتمثل في التحول من الخط المربع إلى الخط النبطي المتّصف بالاستدارة في أغلب حروفه. ومما يؤكد أن أصل الحرف العربي هو الحرف النبطي وجود علاقات تجارية قوية كانت قائمة بين النبط وأهل المدينة، كما يؤكدها وجود سوق نبطية في المدينة. وعلى هذا، فإن رحلة الخط العربي تكون قد بدأت من الآراميين الذين استعار منهم النبط خطَّهم. ثم استعار العرب خطّهم من النبط. وقد اتضحت ملامح الحرف العربي وتميّزت خلال الفترة الممتدة ما بين القرن الثالث الميلادي ونهاية القرن السادس الميلادي.

وعلى الرغم من اتّضاح ملامح الحروف العربية، إلا أنها لم تتخذ شكلاً واحدًا في كل الأمصار العربية. فقد عرف العرب أنواعًا كثيرة من الخطوط التي يتّخذ الحرف في كل خط منها شكلاً مُغايرًا. فمن هذه الخطوط الخط الأنباري والخط الحيري، والخط المكّي، والخط المدني، والخط الكوفي، والخط البصري. وواضح أن كل نوع من هذه الخطوط يُنسب إلى بلد معين، ورغم أن المراجع القديمة لا تمدنا بصفات الحروف وأشكالها في كل خط، إلا أننا نستطيع أن نتبين بعض الفروق من المخطوطات المنتشرة حاليًا في كثير من متاحف العالم، ومن الخطوط المنحوتة على الحجارة أو الصخور أوعلى جدران بعض الأبنية القديمة. وعلى كلٍ فإن الحروف العربية قد مرت برحلة طويلة قبل أن تصل إلى شكلها المعروف الآن. ويذكر بعض العلماء أن الخط الحميري هو أقدم الخطوط في بلاد العرب، وكان مستعملاً في الأنبار والحيرة. والخط الأنباري هذا هو الذي سُمي بالخط الكوفي لاحقًا. فقد كان هذا الخط معروفًا قبل بناء الكوفة. ولما ظهر الإسلام، وبدأ في الانتشار ازداد الاهتمام بالكتابة، وأصبح من الضروري أن تكون للحرف العربي صورة واحدة معروفة حتى تسهل قراءة القرآن وتتوحّد.

لم يكتمل شكل الحرف العربي إلا بعد انتشار الإسلام، فقد كانت الحروف العربية تُكتب بلا إعجام أي بلا نقط فوقها أوتحتها، فالقارئ يعتمد على ذكائه، وعلى السياق في التفرقة ما بين حروف كالباء والتاء والثاء والياء والنون، أو بين حروف الجيم والحاء والخاء، أو الدال والذال، أو الفاء والقاف، وهكذا.

لم تقتصر جهود اللغويين العرب القدامى والمحدثين على تطوير الشكل فحسب، بل قاموا بترتيب هذه الحروف إما وفق أشكالها، وهذا يعرف حاليًا بالترتيب الألفبائي ، وإِما وفق الترتيب الأبجد ي، وإِما وفق مخارجها وهو ما يعرف بالترتيب الصوتي ، وقاموا بوصف صوت كل حرف من هذه الحروف كما تناولوها من الناحيتين المعجمية والصرفية كما يلي:

الترتيب الألفبائي. تتكوّن حروف الكلم العربي من ثمانية وعشرين حرفًا هي بالترتيب أ. ب. ت. ث. ج. ح. خ. د. ذ. ر. ز. س. ش. ص. ض. ط. ظ. ع. غ. ف. ق. ك. ل. م. ن. هـ. و. ي. وقد وضع الترتيب الألفبائي: نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمُر العَدواني، في زمن عبدالملك بن مروان. وهو ترتيب مبني على المشابهة بين الحروف في الشكل، والرسم، والتقابل بين الإعجام والنقط.

الترتيب الأبجدي. تُرتَّب هذه الحروف أبجديًا في المشرق العربي على النحو التالي: أ. ب. ج. د. هـ. و. ز. ح. ط. ي. ك. ل. م. ن. س. ع. ف. ص. ق. ر. ش. ت. ث. خ. ذ. ض. ظ. غ. انظر: حساب الجُمَّل. ولها في حساب الجُمَّل أرقام تتضاعف عدديًا بالعشرات بدءًا من حرف: ك. ثم بالمئات بدءًا من حرف: ر، إلى أن يصل إلى العدد ألف مع حرف: غ. والترتيب الأبجدي للحروف العربية في المغرب هو كالتالي: أ. ب. ج. د. هـ. و. ز. ح. ط. ي. ك. ل. م. ن. ص. ع. ف. ض. ق. ر. س. ت. ث. خ. ذ. ظ.غ. ش. وسبب هذا الاختلاف بين المشارقة والمغاربة في الترتيب الأبجدي للحروف العربية هو أن المغاربة يروون الترتيب الأبجدي عن الأمم القديمة وبخاصة الأمم السامية، على غير مايرويه عنهم المشارقة.

الترتيب الصوتي. رتب الخليل بن أحمد صاحب معجم العين حروف معجمه الذي سمّاه معجمالعين ترتيبًا صوتيًـا كالتـالي: ع. ح. هـ. خ. غ. ـ ق. ك ـ ج. ش. ض ـ ص. س. ز ـ ط. د. ت ـ ظ. ذ. ث ـ ر. ل. ن ـ ف. ب. م ـ و. ا. ي ـ أ. ونراه في هذا الترتيب قد عد الألف صوتًا من أصوات العربية. أما الترتيب الصوتي الذي تلا الخليل فقد بدأ بالأصوات الشفوية وانتهى بأصوات الحلق، بينما كان ترتيب الخليل مبتدئًا بالحلق ومنتهيًا بالشفاه. ونجد أن ابن جني قد رتب الأصوات العربية كالتـالي: و. م. ب. ف. ث. ذ. ظ. س. ز. ص. ق. د. ط. ن. ر. ل. ض. ي. ش. ج. ك. ق. خ. غ. ح. ع. هـ. ا. أ، وهكذا عد ابن جني بدوره الألف صوتًا من أصوات العربية. وفي العصر الحديث، رتب بعض المهتمين حروف العربية صوتيًا كالتالي: ب. م. و. ف ـ ث. ذ. ظ ـ ت. د. ط. ن. ض ـ ل. ر. س. ص. ز ـ ش. ج. ي. ك ـ خ. غ. ق. ح. ع. هـ. أ.، ورتبها فريق آخر كالتالي: ب. م. و ـ ف. ظ. ذ. ث ـ ض. د. ط. ت. ل. ن ـ ز. ص. س. ر ـ ش. ج ـ ي ـ ك. غ. خ ـ ق ـ ع. ح. أ. هـ.

وهكذا لم يعتبر الترتيب الصوتي الحديث الألف صوتًا من أصوات العربية. فهي عند اللغويين المحدثين ثمرة كتابية لحركة فتحة طويلة مثل الياء والواو الممدودتين، فالياء الممدودة ثمرة لكسرة طويلة، والواو الممدودة ثمرة لضمة طويلة.

الناحية الصرفية. للحروف استخدامات كثيرة في الصرف، منها حروف الزيادة المجموعة في قولك (سألتمونيها) وأحرف الإبدال المجموعة في (هدأت موطيا) وأحرف العلة: (واي) وغير ذلك.

حركات الحرف العربي ثلاث، هي: الضمة ورمزها فوق الحرف هكذا: ـُ، والفتحـة ورمزها فوق الحرف هكذا: ـَ، والكسرة رمزها تحت الحرف هكذا ـِ، السكون ضد الحركة ورمزه فوق الحرف هكذا: ـْ. والحركات وضدها على حروف الكلمة العربية، قبل الحرف الأخير منها هي علامة ضبط صوتي لِبنية النطق في هذه الكلمة. وعلى الحرف الأخير في الكلمة العربية، هي علامة إعراب أو بناء.

وهذه الحركات وضدها لها درجة قوة صوتية بالتركيب التنازلي التالي: الكسرة، والضمة، والفتحة، والسكون، وتؤثر هذه القوة في كتابة الهمزة في الكلمة العربية، مفردة أو على واو، أو على ياء، أو على نبرة أو ممدودة، في أول الكلمة العربية أو في وسطها أو في آخرها، وفق قواعد النطق الصوتية. والتنوين للحرف الأخير في الكلمة العربية (الاسم خاصة) يكون بالضمتين، أو الفتحتين، أو الكسرتين على الحرف الأخير في الأسماء العربية المفردة ورمزه هكذا: ـٌ، ـً، ـٍ ضمًا وفتحًا وكسرًا، وفق قواعـد نحوية خاصة بالتنوين. وضوابط الحرف العربي أربعة: الشد، والمد، والوصل، والقطع. والشدّ يدل على إدغام حرفين متماثلين، ورمزه هكذا: +ُّ،+َّ، +ِّ. والمد يدل على همزة ثانية ساكنة قلبت ألفًا بعد همزة مفتوحة في أول الكلمة العربية المهموزة الأول، ويكتب هكذا: آ. والوصل يدل على إسقاط الهمزة نطقًا في الكلمة المهموزة الأول في أول الكلام، وتكتب هكذا: ا، والقطع يدل على ثبوت الهمزة نطقًا وكتابة في أول الكلمة العربية، وتكتب هكذا: أَ. أُ. إِ

الجيريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.