كثرية الأفعال ثلاثية التصرف ولها ثلاث صيغ هي: الماضي والمضارع والأمر: كتبَ، يكتبُ، اُكتبْ. فهي أفعال تامّة التصرّف.
و الفعل المتصرف: هو فعلٌ يدلُّ على حدث مقترن بزمان، لا يشبه الحرف في الجمود، وبالتالي لا يلزم طريقة واحدة. ويقبل التحوّل من صورة إلى صورة لأداء المعنى. ومن المتصرف ما لا يأتي منه إلاّ صيغتا الماضي والمضارع فقط، كأفعال الاستمرار الناقصة. نحو: مازال، ما يزالُ، ما فتئَ ما يفتأُ، ما برحَ ما يبرحُ، ما انفكَّ ما ينفكُّ. وكأفعال المقاربة: كاد، يكادُ، أوشكَ، يوشكُ. وهذه أفعال ناقصة التصرّفِ. والتصريف في الأفعال نوعان:
أولا: يتصرف المضارع من الماضي كما يلي:
1= يزاد على الفعل الماضي (شرب) مثلاً أحد أحرف المضارعة، للمتكلم الواحد الهمزة( اشربُ) لجماعة المتكلمين النون( نشربُ) للغائب الياء( يشربُ) و التاء للغائبة وجماعة المخاطَبين (تشربُ ، تشربون) .
وعليه يصرف الرباعي والخماسي والسداسي وفق الأمثلة التالية:
(دحرجَ) أدحرجُ، ندحرجُ، يُدحرجُ تدحرجُ، تدحرجون.
(انطلقَ): أنطلقُ ، ننطلقُ، ينطلق، تنطلقُ.. يلاحظ حذف همزة وصل الماضي.
(تشاركَ): أتشاركُ، نتشاركُ، يتشاركُ، تتشارك.." ويلاحظ هنا ثبات التاء الزائدة في أوّل الفعل الماضي.
ثانيا: يتم تصريف الأمر من المضارع وفق ما يلي:
1= جزم الفعل المضارع بحسب القاعدة: لم يشربُ، لم يسعَ، لم ينتصروا، لم
يتشاركا، لم تستسلمي.
2= حذف حرف المضارعة.
3= إعادة ما كان قد حذف في الفعل المضارع عند تصريفه من الماضي فتصبح الأفعال على التوالي: اِشربْ، اِسعَ، انتصروا، تشاركا، استسلمي".
أمّا الفعل الجامدُ هو فعلٌ شابه الحرف، من حيثُ أداؤهُ معنىً مجرّدًا عن الزمان والحدث المعروفين في الأفعال، فلزم طريقة واحدة في التعبير، لأنّه لا يقبل التحول من صورة إلى صورة، بل يلزم صورة واحدة لا يقبل غيرها.
فالفعل الجامد إذن لا يتعلّق بالزمان، ولا يدلّ على حدث، لهذا أشبه الحرف في جموده، والتزامه صيغة
ثابتة. ولهذا لم يحتج إلى التصرف، حيث أنّ معناه لا يختلف مع تبدّل الأزمنة، فهو كالاسم المشبه بالفعل، الذي لا يتأثر بالعوامل ويلزم آخره طريقة واحدة لا يذهب لغيرها، ومنه نقول بأن الجمود في الفعل كالبناء في الاسم، بسبب الشبه بالحرف.
وهو إمّا أن يلازمَ صيغة الماضي : ليس، عسى، مادامَ، كرب، بئسَ، نعمَ، حبّذا، والأفعال الدالة على الشروع، وصيغتي التعجّب.
أو يلازم صيغة الأمر نحو: هَبْ بمعنى احسِبْ. تعلّمْ بمعنى (اعلمْ) هاتِ، تعالَ، هلمّ….
ومنه ما يلازم المضارع فلا ماضٍ له وهو قليل، مثل: يَهْيَطُ نحو:" ما فتئ الرجل يهيَطُ هيطاً" أي يضجُّ ويصيح، وهناك من يقول أن الهياط تعني الإقبال، والمياط تعني الإدبار.
وهناك من يُلحق بالأفعال الجامدة غير ما ذكرنا مثل ( قلََّ ) ( كثر) (طال) ،(شدّ) (قصر) بصيغة الماضي الذي يفيد النفي فيتلوه الفاعل موصوفا، نحو:" قلّ تلميذٌ مجتهدٌ يفشل في حياته"
وإذا اتصلت بها ( ما ) الزائدة، هناك من يبطل عملها وتعرب كافّة ومكفوفة، وحينئذ لا يتلوه إلاّ فعل، ولا يحتاج فاعلاً، كونه أخذ معنى النفي المطلق نحو:"قلّما ارتَحْتُ لنمّام، وقلّما أحترمُه" وهناك من يراها أفعالا متصرّفة وأنّّ( ما) مصدرية وفاعلها المصدر المؤوّل من (ما والفعل) ففي قولنا:"شدّ ما تعجبني الكلمة في موضعها" يكون التقدير:" شدّ إعجابي الكلمة في موضعها.
ويشارك "قلّما" في عدم التصرّف:"طالما، كثر ما، قصُر ما، وشدّ ما" وتكون "ما" زائدة كافّة لهم عن العمل، لا فاعل لهنّ، ولا يليهن سوى الفعل.
نماذج معربة:
(قلّ تلميذٌ مجتهدٌ يفشل في حياته. قلّما يغضبُ أخوك ، ما فتئ الرجل يهيَطُ هيطاً)
قلَّ: فعل ماض مبني على الفتح.
تلميذٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
مجتهدٌ: صفة مرفوعة.
يفشلُ: فعل مضارع مرفوع. فاعله مستتر جوازا تقديره "هو" والجملة في محل رفع صفة.
قلّما: قلَّ فعل ماض مبني على الفتحة.
ما: مأكثر الأفعال له ثلاث صيغ: الماضي والمضارع والأمر مثل: كتب وقرأ وعلم إلخ. فهذه أفعال متصرفة تامة التصرف نقول منها: كتب يكتُبُ، اكتُبْ.. إلخ، ومنها ما لا يأْتي منه إلا صيغتان: الماضي والمضارع فقط، كأَفعال الاستمرار: ما زال ما يزال، وما برح وما يبرح وأَخواتهما: انفك، فتىءَ، و(كاد) و(أَوشك) من أفعال المقاربة. وليس من هذه الأَفعال صيغة للأَمر، فهي ناقصة التصرف.
ومنها ما يلازم صيغة واحدة لم يأْت منه غيرها فهذا هو الفعل الجامد، فإما أَن يلازم صيغة المضيِّ مثل: ليس، عسى، نعم، بئس، ما دام الناقصة، و(كرب) من أفعال المقاربة، وأَفعال الشروع، وحبذا، وصيغتي التعجب وأَفعال المدح والذم الآتي بيانها في بحثٍ تالٍ، وإِما أَن يلازم صيغة الأَمر مثل: هب بمعنى (احسِب) وتعلَّمْ بمعنى (إِعلم) فليس لهما بهذا المعنى مضارع ولا ماض.
ومعنى الجمود في الفعل عدا ملازمته الصيغة الواحدة: عدم دلالته على زمن، لأَنه هنا يدل على معنى عام يعبر عن مثله بالحروف، فالمدح والذم والنفي والتعجب، معانٍ عامة كالتمني والترجي والنداء التي يعبِّر عنها عادة بالحروف، ولزوم الفعل حالة واحدة جعله في جموده هذا أشبه بالحروف، ولذا كان قولك: (عسى الله أن يفرج عنا) مشبهاً (لعل الله يفرج عنا). ولا يشبه الفعل الجامد الأَفعال إلا بدلالته على معنى مستقل واتصال الضمائر به، فتقول: ليس وليسا ولستم، وليست ولستُ كما تقول عسيتم وعسى وعسيتنَّ إلخ.
ومن النحاة من يلحق بالأَفعال الجامدة (قلَّ) و(كثُر) و(شدّ) و(طال)، و(قَصُر) في مثل قولنا (قلَّما يغضب أَخوك وطالما نصحته، وشدَّ ما تعجبني الكلمة في موضعها، وطالما تغاضيت) والحق أَنها أفعال متصرفة وأَن (ما) فيهن: مصدرية، وفاعلها المصدر المؤول منها ومن الفعل بعدها، والتقدير في الجمل السابقة: (قلَّ غضبُ أَخيك وطال نصحي له.. إلخ) فلا داعي لعدها من الأَفعال الجامدة لا في المعنى ولا في الاستعمال.
أولاً: يتصرف الفعل المضارع من الفعل الماضي بأَن:
أَ- نزيد عليه أَحد أحرف المضارعة (الهمزة للمتكلم وحده، أَو النون للمتكلم مع غيره، أو الياء للغائب، أو التاءُ للمخاطبين أو الغائبة) مضموماً في الفعل الرباعي ومفتوحاً في غيره.
ب- ثم ننظر في عدد حروفه على ما يلي:
1- الثلاثي نسكن أَوله ونحرك ثانية بالحركة المسموعة فيه: ضمةً أَو فتحةً أَو كسرةً. فنقول مثلاً، يكتُب ويَفْتَحَ ويضرِب.
2- الرباعي والخماسي والسداسي إن لم تكن تبتدئ بتاءٍ زائدة، نكسر ما قبل آخرها بعد حذف أَلف الوصل من الخماسي والسداسي وهمزة القطع الزائدة من الرباعي فنقول: يُدَحْرج، يَنطَلِق، يسْتَغْفِر، يُكَرِم.
فإِن بدئت بتاءٍ زائدة بقيت على حالها: تشارَكَ يتشارك، تعلَّمَ يتعلَّمُ، تدحرج يتدحرج.
ثانياً: يتصرف الأَمر من المضارع بإجراء الخطوات التالية:
1- إِدخال الجازم على المضارع: لم يكْتبْ، لم يَرْم، لم يدَحرجْ، لم ينطلقوا، لم تستخرجي، رفيقاي لم يتشاركا.
2- حذف حرف المضارعة.
3- رد ألف الوصل وهمزة القطع اللتين كانتا حذفتا في الفعل المضارع فنقول: اكتبْ، دحْرجْ، انطلقوا، استخرجي، تشاركا يا رفيقيَّ.
صدرية والمصدر المؤوّل في محل رفع فاعل. ويمكن إعرابها: كافّة ومكفوفة. وكفى الله شر النحويين.
ما فتئ: فعل ماض ناقص.
الرجلُ : اسمها مرفوع.
يهيطُ: فعل مضارع جامد مرفوع. والفاعل مستتر فيه جوازا (هو) والجملة في محل نصب خبر ما فتئ.
هيطا: مفعول مطلق لتأكيد الفعل منصوب. ( شاهده مجيء المضارع فعلا جامدًا)